حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,30 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8222

ماجد الفاعوري يكتب: الكنافة والأنابيب الإيرانية أي احتفال هذا؟

ماجد الفاعوري يكتب: الكنافة والأنابيب الإيرانية أي احتفال هذا؟

ماجد الفاعوري يكتب: الكنافة والأنابيب الإيرانية أي احتفال هذا؟

28-06-2025 09:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ماجد الفاعوري
تيار عابر للحدود داخل قبة البرلمان
هل قوننة اللاءات ترف فكري أم درع وطني؟
في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تعصف بالمنطقة يعاد طرح سؤال محوري هل قوننة اللاءات الملكية الثلاث لا للتوطين لا للوطن البديل لا لسحب الوصاية الهاشمية هي ضرورة وطنية أم أنها مجرد ترف فكري يلوح به في الخطابات ولا يجد طريقه إلى الواقع والسؤال الأهم حينما طالب معظم النواب بتجنيس أبناء الأردنيات أكانوا في خندق الوطن أم خندق التوطين وهل تغلبت نزعة الشعبوية على بوصلة الثوابت الوطنية
لقد تذرع بعض النواب بالاعتبارات الإنسانية حين دافعوا باستماتة عن مشروع تجنيس أبناء الأردنيات تحت عناوين حقوق الإنسان والمساواة لكن خلف الستار ظهرت نوايا سياسية تعكس حسابات انتخابية بحتة تسعى لحصد الأصوات وضمان المقاعد لا أكثر فأين كانت اللاءات الملكية آنذاك وأين اختفى صوت الحرص على الهوية الوطنية الأردنية
فالملك عبدالله الثاني كان صريحًا وواضحًا حين قال
(الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين ولن يكون هناك وطن بديل)
وهذه اللاءات ليست مجرد شعارات بل ركائز أمن قومي وخط دفاع عن كيان وهوية لم تعد خافية على من يملك بصيرة
وفي حادثة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام احتفل بعض النواب بتناول الكنافة بعدما اخترقت الصواريخ الإيرانية المجال الجوي الأردني في مشهد لا يمت بصلة لا للكرامة الوطنية ولا للأمن القومي كيف لمن أقسم أن يحمي الدولة أن يحتفل بانتهاك أجوائها كيف يسقطون سيادة الوطن تحت قدمي شوكة وسكر
أليس هذا تجاوزًا فعليًا وعملًا يقوض المؤسسة الأمنية التي تجهد لحماية سماء الوطن من العبث الخارجي وماذا لو أصابت إحدى هذه المواسير الإيرانية بيتًا أردنيًا هل سنواسي الأهالي بصينية كنافة أيضًا
في صلب هذه الممارسات يمكن القول إن هناك تيارًا داخل قبة البرلمان لا ينتمي حقًا إلى الأردن كهوية سياسية بل يتبنى مشروعًا إقليميًا عابرًا للحدود يخدم أجندات تتعارض مع المصلحة الوطنية وتبدو هذه الهوية الهجينة واضحة حين يردد البعض "الأردن هو فلسطين وفلسطين هي الأردن" في تجاهل صارخ لما أكده رأس الدولة مرارًا وتكرارًا أن الكيانين مستقلان وأن أي دمج بينهما هو توطين مقنع يهدد بقاء الدولة نفسها
من هنا فإن قوننة اللاءات الملكية ليست ترفًا فكريًا ولا مناكفة سياسية بل هي ضرورة وطنية تفرضها طبيعة التحديات التي تحيط بالأردن من كل الجهات فمن غير المعقول أن تبقى هذه اللاءات حبيسة الخطابات بينما تنتج تحت القبة قوانين تخالفها أو تفرغها من مضمونها
وقد قالها الملك عبدالله الثاني بوضوح في أكثر من مناسبة
"لا لتغيير هوية الأردن لا للتوطين ولا للوطن البديل"
وإذا كانت هذه هي إرادة الدولة فمن واجب السلطة التشريعية أن تتحول إلى حارس أمين لا إلى قناة اختراق
الوطن ليس ساحة مزايدات ولا ثمنه مقعد نيابي أو مشهد شعبوي في فيديو ينشر على وسائل التواصل الوطن كيان وهوية وتاريخ وصيانته تستلزم تجسيد اللاءات الملكية في بنية القانون كي لا تبقى حبرًا على ورق في مواجهة مشاريع متربصة وتيارات تجيد لغة الشعارات ولا تجيد بناء الأوطان
فحين تضيع البوصلة لا بد من العودة إلى البديهيات الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين والسيادة ليست موضوعًا للنقاش بل حقيقة لا تحتفل باختراقها بل تدافع عنها بكل ما نملك من وعي وإرادة
إن الحفاظ على الهوية الديمغرافية للدولة الأردنية ليس رفاهًا سياسيًا بل هو جوهر بقاء الكيان الوطني وأساس تماسكه الاجتماعي والأمني والسياسي فالعبث بالتركيبة السكانية للدولة تحت شعارات العدالة والقومية والحقوق هو في حقيقته تسطيح للمفاهيم وتلاعب خطير بالأفكار يتم تمريره عبر أدوات شعبوية ظاهرها الرحمة وباطنها تفريغ الوطن من ثوابته
لطالما لجأ تيار الهوية العابرة للحدود إلى خطاب قومي عاطفي يتكئ على التاريخ المشترك والجغرافيا الممتدة في محاولة لشرعنة فكرة الدمج بين الكيانين الأردني والفلسطيني لكنهم ينسون أو يتناسون أن العاطفة لا تبنى عليها دول وأن التضامن لا يعني إلغاء الذات الوطنية
فحين تستدعى معاناة الشعب الفلسطيني لتبرير تمرير أجندات مشبوهة فإن ذلك لا يخدم فلسطين بل يخدم مشروعًا دوليًا يسعى إلى تصفية القضية من خلال توطين اللاجئين وإنهاء حق العودة بشكل عملي لا يعلن وقد قالها الملك عبد الله الثاني في خطاب واضح
(نحن مع حقوق الفلسطينيين لكن ليس على حساب الأردن)
لقد تدرج هذا التيار في تمرير مشروعه من خلال التمهيد العاطفي ثم الطرح الإعلامي حتى الوصول إلى الضغط النيابي ولعل ما جرى في قبة البرلمان من تمرير مشاريع قوانين أو محاولة فرض تعديلات تمس البنية السكانية هو أخطر ما يمكن أن يواجهه الأردن في هذا التوقيت
كيف نفسر المطالبة بتجنيس أبناء الأردنيات من غير الأردنيين دون دراسة شاملة للانعكاسات الديمغرافية والسياسية هل المسألة إنسانية فقط أم أن وراءها توجهًا لتذويب الهويات وتغيير معالم الدولة تدريجيًا تحت غطاء حقوق الإنسان بل أي إنسانية تلك التي تستخدم لتبرير التوطين بينما هي في حقيقتها تفريط بحق العودة الفلسطيني وضرب للهوية الأردنية في عمقها
إن ديمغرافيا الدولة ليست ملفًا إداريًا يدار بالمجاملات أو برؤية إنسانوية مفرغة من البعد الوطني إنها عنصر سيادي يوازي في أهميته الأمن العسكري والاقتصادي ولا يحق لأي جهة أن تعبث بها تحت أي مسمى سواء أكان قومي أو ديني أو إنساني
ولنا أن نتأمل ما قاله جلالة الملك في مناسبات عديدة
(التوطين خيانة والأردن ليس ساحة بديلة لأي مشروع سياسي)
وهذا ليس مجرد تصريح بل تحذير صريح بأن هناك من يعمل على حرف البوصلة
والمفارقة الصادمة أن بعض النواب لم يعودوا يتحرجون من المجاهرة برؤى تتماهى تمامًا مع أطروحات الوطن البديل تصريحات مثل "الأردن هو فلسطين وفلسطين هي الأردن" لم تعد مجرد زلات لسان بل تحولت إلى خطاب ممنهج يتم تسويقه كحل سياسي إنساني للقضية الفلسطينية في تكرار ممل للطرح الإسرائيلي الذي يسعى إلى التخلص من الفلسطينيين عبر توطينهم في دول الجوار
بل بلغ الحد ببعضهم إلى اعتبار أي معارضة لهذا التوجه ضربًا من العنصرية أو الفصل العنصري في محاولة لتكميم الأفواه التي تدافع عن الهوية الوطنية إنها لعبة الكلمات الخطيرة التي تستبدل الوطنية بالإقصاء والسيادة بالرجعية والممانعة بالتخلف
في ضوء ما سبق فإن قوننة اللاءات الملكية ليست مجرد موقف سياسي بل واجب وطني يفرضه الواقع المتأزم إقليميًا ودوليًا ومن الخطأ الفادح أن نسمح بتحويل الوطن إلى مساحة تجريب للمشاريع العابرة للحدود يجب أن يترجم خطاب الملك إلى نصوص دستورية وقوانين تحصن الهوية الوطنية وتحفظ تماسك الدولة
إن اللاءات الثلاث هي جدار الحماية الأخير وواهم من يظن أن تمرير خطاب الإنسانية كاف لإعادة رسم خريطة الأردن السكانية والجيوسياسية لقد بات الوطن يحتاج إلى وعي شعبي وسياسي عميق يقف في وجه التذويب والانصهار في مشاريع ليست منا ولا لنا فيها ناقة ولا جمل
وعلينا أن نتذكر دائمًا
(من يفرط بالهوية اليوم لن يجد وطنًا غدًا)











طباعة
  • المشاهدات: 8222
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
28-06-2025 09:23 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم