26-06-2025 03:39 PM
بقلم : الدكتور فارس العمارات
عند استعراض دور المرأة في الهجرة بشكل عام، والهجرة النبوية النبوية ، تبين ان الهجرة إلى الحبشة كان عدد الرجال أحد عشر رجلاً مقابل أربع نساء، ولم تفارق الزوجات أزواجهن، بل رافقنهم، بالرغم من العناء ومشاق الرحلة وفراق الأهل والعشيرة.
وظهر إصرار المرأة على الهجرة بدينها بوضوح من خلال تكرار هجرتها، حيث هاجرت أولاً إلى الحبشة ثم إلى المدينة. وكان أول من هاجر إلى المدينة أبو سلمة المخزومي وزوجته أم سلمة ،وعندما حالت الظروف بينها وبين الهجرة، سجل التاريخ صفحة مشرفة تعكس إصرارها على اللحاق بزوجها، إذ كانت تخرج يومياً إلى أطراف مكة بحثاً عن من يرافقها في رحلتها.
ووضع الرسول عليه السلام ثقته في النساء من خلال منح أسماء وعائشة ثقة مطلقة مما جعله لم يخشَ من إفشاء سر الهجرة، وهو الحدث الأهم في تاريخ الإسلام. وهذا يتضح من أنه لم يتحدث مع أبو بكر عن الهجرة إلا بعد أن تأكد من وجودهما فقط، وإلا لكان قد أخرجهما من البيت ليحتفظ بالسر مع أبو بكر وحده وهذا بحد ذاته دليل قوي يُرد على من يتظاهرون بالخوف على الدعوة والحركة، ويستبعدون العنصر النسائي من دائرة العمليات التي أصبحت قادرة على ادامتها وادارتها وبشكل يفوق توقعات القادة، كما لو كان تهديداً قد يُعرض الدعوة والجماعة للخطر.
ولم يقتصر دور المرأة على العلم وكتمان الأسرار فقط، بل كان لها دور بارز في الأحداث التي كانت تدور خلال عمليات الاستعداد والتجهيز للهجرة ، خاصة ان ساعة الصفر قد بدأت . فقد وقف مجموعة من قريش بينهم أبو جهل بن هشام، أمام باب أبي بكر فخرجت إليهم أسماء ،وعندما استفسروا عن أبيها، أنكرت معرفتها ورفضت الإجابة على أسئلتهم. بالرغم من غلظة أبو جهل وشخصيته، حيث لطّم خدها مما أدى إلى سقوط قرطها، الا انها لم تُبالِ بذلك. لعظم الدور الذي سُيلقى عليها، وما يحفه من مخاطر كبيرة في ظل من يهمش دور المرأة، اليوم مُعتقدًا أن ضربة كف واحدة كفيلة بكشف السر وإظهار رجالها وتعرضهم للخطر، دون أن يثق في قدرتها على التربية أو كونها قدوة ، وان قيام أبو بكر بتسليم الراحلتين اللتين أعدهما للهجرة إلى أسماء وعائشة ليقوما بتجهيزهما دليل واضح وكبير على الثقة العالية لهما لكل ما يحتاجانه وصنعتا لهما سفرة في جراب، وقطعت أسماء قطعة من نطاقها لربط فم الجراب في عملية إثار قل نظيرها .
ورغم أن الرحلة ستستغرق ثلاث ليالٍ على أطراف مكة، لم يغفل التاريخ دور المرأة الهام في إدارة ودعم العمل السري الذي يقوم به أصحاب الغار ، حيث طبقت كل منهما سلاسل التوريد والدعم اللوجستي لهذه العملية قبل اكثر من 1400 عام . ولم يتوقف دورها عند هذا الحد، فقد يتعرض الزاد للنفاد، وهنا يتوجب على المرأة الاستمرار في أداء دورها، مهما كان حجمه أو طبيعة المرحلة. فهي قادرة على تأمين الزاد، وهو دور يتناسب مع طبيعتها كمرأة، مما يدعو اليوم الى ان تعطى المرأة دور اكبر في قيادة عمليات التزويد وسلاسل التوريد في الازمات ، خاصة انها هي الاقدر على إدارة هذه العملية باقتدار .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-06-2025 03:39 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |