25-06-2025 10:54 AM
بقلم : محمد علي الزعبي
تلوح في الأفق السياسي الأردني ملامح إعادة هيكلة شاملة في بنية الجهاز الحكومي، وهيكلة الوزارات والمؤسسات الرسمية، بما يعكس تحولًا في فلسفة الإدارة العامة وتوجهات الدولة نحو تكامل وظيفي يراعي متطلبات المرحلة، ويستجيب لمقتضيات التحديث الشامل الذي دعا إليه جلالة الملك عبدالله الثاني في مساراته الثلاثة: السياسي، والاقتصادي، والإداري.
الحديث المتزايد عن دمج بعض الوزارات والجهات الحكومية لا يأتي من فراغ، بل يستند إلى قراءة عميقة للمشهد الوطني، ولقناعة بدأت تتبلور بأن تعدد المرجعيات الوزارية في بعض الملفات أرهق الأداء الحكومي، وشتّت الجهود، وأضعف الأثر المنشود من السياسات والبرامج.
الهدف من هذه الهيكلة المحتملة هو تعزيز التنسيق بين القطاعات المتقاطعة، وتوحيد الجهود في ملفات تتداخل بطبيعتها، بما يضمن فعالية أعلى في التنفيذ وكفاءة أكبر في استخدام الموارد. هذه الرؤية، إذا ما تم تبنيها بحكمة، يمكن أن تؤسس لكيانات حكومية أكثر تكاملًا وفاعلية، بعيدة عن الترهل والتكرار الإداري.
كما أن إعادة النظر في بعض المسميات الوزارية، مثل "وزير الدولة"، باتت ضرورة ملحة. وقد حان وقت تحرير هذه المسميات من الصيغة البروتوكولية التي أفقدتها معناها التنفيذي، والانتقال بها نحو أدوار فاعلة ترتبط بالتنسيق العام والإشراف على ملفات كبرى تتطلب مرونة في الأداء وقوة في المتابعة.
وفي هذا السياق، قد يكون من المفيد الإبقاء على عدد محدود من وزراء الدولة بصلاحيات واضحة ومباشرة، يتولون ملفات مركزية ، ضمن هيكلية تؤمن بالتمكين لا التجميل، وبالأثر لا بالعدد.
المرحلة المقبلة تتطلب بنية حكومية أكثر رشاقة وتخصصًا، تتيح للدولة التحرك بمرونة أمام المتغيرات، وتضمن انسجامًا داخليًا في الأداء، وانفتاحًا مؤسسيًا على الرأي والخبرة. وهذا ما يعكسه التوجه الحكومي نحو دمج بعض الوزارات أو إلغاء أخرى، ليس لمجرد التقليص العددي، بل لغايات إصلاحية جوهرية تهدف إلى رفع كفاءة الجهاز التنفيذي وتوسيع أثره التنموي.
هذا السيناريو التحويلي، إن تحقق، لن يكون مجرد إعادة توزيع للأسماء، بل خطوة إصلاحية جريئة تعكس استعداد الدولة لإعادة هندسة بنيتها التنفيذية بما يواكب تطلعات الأردنيين ويستجيب لحجم التحديات، وفي مقدمتها ترشيد الإنفاق، ورفع كفاءة الأداء، وتعزيز التكامل بين المؤسسات.
وفي النهاية، تبقى هذه التوجهات رهينة القرار السياسي الأعلى، لكنها إن تمت بروح إصلاحية حقيقية وبمنهج تشاركي، فإن الأردن مقبل على مرحلة مؤسسية أكثر نضجًا ووضوحًا، تسير فيها الحكومة بخطى أكثر ثباتًا نحو بناء إدارة حديثة، تليق بمئوية الدولة الثانية، وتتماهى مع رؤية جلالة الملك في بناء دولة الإنتاج والكفاءة والحوكمة الرشيدة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-06-2025 10:54 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |