24-06-2025 08:29 AM
بقلم : حسني عايش
التوهيت كلمة عامية تعني الإقدام على عمل ما دون التفكير بالنتيجة أو العواقب، فيفاجأ الموهت بعكس ما كان يتوقع ، ودائماً سلبياً. أنه أكبر من التواكل. لعل التوهيت الديني وبخاصة في حالة الصراع، هو أخطر أشكال التوهيت، لاعتقاد صاحبه أو أصحابه، أن الله معه/م ، وأنه/م سيفوز/ون فيه فلا يستعدون كلياً، فيفاجأون بالعكس.
مصدر هذا التوهيت اعتقاد أصحاب كل دين بأن دينهم هو الدين الصحيح الوحيد، ومن ثم فإن إلههم هو قطعاً معهم وسيبقى إلى جانبهم في المعركة ولن يتركهم أو يخذلهم فيها وسيطيح بأصحاب الدين الآخر غير الصحيح وهو اعتقاد ناتج عن سذاجة الإيمان.
والحقيقة أن كل الأديان ذات طبيعة واحدة، ومجمل أصحابها يفكرون بالطريقة نفسها. يحدث الفرق في الصراع أو المعركة ليس بين من هم أصح دينا كما يعتقدون فكل طرف يعتقد أن دينه هو الصحيح. يحدث الفرق بالتفوق القيادي والإداري والفني أو العسكري.. على الطرف الآخر.
في الماضي كان للبعد الديني أثر أو تأثير في نتيجة المعركة، فقد كانت المعارك تدور بالاشتباك بالأيدي بسيف أو برمح.. وكان يفوز فيها الأكثر عدداً وشجاعة وروحاً معنوية، ومع هذا فقد هُزم عبد الرحمن الغافقي في معركة بلاط (الشهداء) لتفوق الفرنسيين عليه في المعركة.
ترى لو كان لدى الغافقي مسدساً أو بندقية هابطة عليه وحده في تلك المعركة والزمان من القرن الخامس والعشرين أكان يُهزم؟ لقد تغيرت طبيعة القتال والمعارك اليوم عنها في الأمس. صارت تتم عن بعد ولا يرى المقاتل وجه المقاتل الآخر. صارت تتم بالبنادق والمدافع والصواريخ والطائرات والرادارات والاستخبارات والذكاء الاصطناعي وبلمس أزرار. وبها تبيد إسرائيل غزة والضفة وتدمر العمران فيهما. القتال المعاصر يقضي على الطرف الآخر غير المعاصر التي لا يملكها ويعطل شجاعته وروحه المعنوي.
لقد قتلت إسرائيل عن بعد أكثر من خمسين ألف غزي، وجرحت أكثر من مائة وعشرين ألفا ودمرت الحجر والشجر بما في ذلك المساجد والمصاحف والمدارس والجامعات والمستشفيات.
لقد أدى التوهيت الديني إلى قتل معظم قادة حماس والجهاد لأنهم كانوا يعتقدون مؤمنين أنه لا حذر ما القدر. لكن كيف نفسر ارتفاع الأعمار في هذا العصر؟
لو لم تملك إسرائيل كل أدوات القتل السريعة والدقيقة أكان كل هؤلاء القتلى سيموتون وهؤلاء الجرحى سيصابون؟ ولكن حماس والجهاد في غزة مع هذا لا تعترفان بالحذر مع القدر مع أنهما تخفيان كوادرهما بالأنفاق وبالأقنعة كي لا تتعرف اسرائيل عليهم وتقتلهم عن بعد بالاعتماد على صورة الوجه أو صوت المقاوم. لا زلنا نعلم في المدارس والجوامع إن الحذر لا ينفع مع القدر، وهو موضوع غير محسوم فقهياً إلى اليوم.
لقد أدى التوهيت إلى هذه النتيجة المأساوية في قطاع غزة والضفة ليس لأن الله لم يقف إلى جانب حماس والجهاد المسلمين، بل لأنه لا يوجد بين الطرفين تكافؤ في القوة بأشكالها ومستوياتها المختلفة بينهما، فإلى متى سنظل نفكر بهذه العقلية غير العلمية؟ إن القوة او التفوق البشري العلمي والتقني والذكاء الاصطناعي هي الحل ويجب أن نمتلكها.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-06-2025 08:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |