حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,19 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3029

مكرم أحمد الطراونة يكتب: الملك حين يخاطب روح أوروبا

مكرم أحمد الطراونة يكتب: الملك حين يخاطب روح أوروبا

مكرم أحمد الطراونة يكتب: الملك حين يخاطب روح أوروبا

18-06-2025 08:20 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : مكرم أحمد الطراونة
ما هو الأمن الحقيقي؟
إنه سؤال قد يبدو إشكاليا، وأكثر من ذلك أنه تم طرحه من على منبر الاتحاد الأوروبي.
خلال القرن الماضي، خاضت البلدان الأوروبية تجارب فاشلة في محاولات تثبيت السيطرة وتحقيق الأمن والتفوق. جميع تلك التجارب اعتمدت القوة معيارا وحيدا لتحقيق هذا الأمر، وفيما كانت الشعوب تلملم جراحاتها لم ينتبه كثيرون إلى أنه كان هناك أكثر من مائة وعشرين مليون إنسان قتلوا في حربين عالميتين عبثيتين، لم تفعلا شيئا سوى مزيد من الشقاء لبني البشر.


لكن هاتين الحربين لم تذهبا سدى، فقد منحتا أوروبا درسا عظيما، مفاده أن الحرب لا يمكن أن تجلب الأمن والسلام، وبدلا من ذلك فقد بدأت الدول بالبحث عن كل ما هو مشترك بينها، لتتولد فكرة الاتحاد الأوروبي الذي ظل أفكارا مبعثرة، إلى أن رأى النور في العام 1992.
في كلمته أمس من على منبر البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أعاد جلالة الملك عبدالله الثاني، تذكير الأوروبيين بالمآسي التي جرت حين ركنوا إلى القوة، وتناسوا أن يفكروا بالقيم المشتركة التي تجمعهم. إنه درس لا يتوقف عند القارة الأوروبية، بل يمكن الاستفادة منه في كثير من بقاع العالم التي تشهد توترات ونزاعات دموية.
الملك قدم نقدا حادا للمجتمع الدولي الذي سمح، وما يزال يسمح، بأن تتواصل المأساة المريرة في قطاع غزة، من قتل وتدمير للبنى التحتية، ومنعٍ لدخول المساعدات الإنسانية، ما وضع القطاع المحاصر على شفير مجاعة واسعة.
القيم التي يتحدث عنها الملك هنا، ما يمكن أن يجمع العالم كله تحت لافتة الإنسانية، بعيدا عن نوازع الهيمنة والسيطرة وتفرد القوة، ومن دون العودة إليها سيظل العالم مكانا خطيرا لا يسمح لأحلام الشعوب بأن تنمو وتزدهر.
لذلك، فجلالته يؤكد أن موجات الاضطرابات المتتالية التي نشهدها بلا توقف، باتت تشعرنا بأن عالمنا ساده الانفلات، وأنه لا توجد له بوصلة أخلاقية تقود سياساته. ويبدو أن جلالته يشير بوضوح إلى أن مثل هذه الانقسامات والممارسات والانفلات، هي ما يقود إلى المواجهات الكونية الشاملة، والتي تجر الجميع إلى حلبة الصراع والنزاع، فتأكل الأخضر واليابس، تماما مثلما حدث مع أوروبا حين أشعلت حربين كبيرتين انجر لهما العالم كله.
إن الملك، وهو يخاطب الساسة والشعوب الأوروبية، يعلم تماما أنها قارة ما تزال تحافظ على الاعتدال والقيم العالمية، وهو يخاطب فيها روحها الإنسانية التي عانت، وعلى مدار قرون، من الابتلاء بساسة أعلوا من خطاب الكراهية ورفض الآخر، والإغراق بالخطاب الشوفيني وإعلاء الشعبوية والتطرف الأيديولوجي، ما أوقع الشعوب في براثن الحروب والموت والدمار، يعلم، كذلك، أن الشعوب التي اختبرت هذه المحن، وعملت على تفاديها خلال العقود الماضية، ستفهم تماما معنى أن تعمد الدول القوية إلى تنصيب نفسها جلادا للدول والشعوب الضعيفة، فتعلن الحروب بلا سبب، وتنصب الحصار، وتنشر الموت والدمار، دون التفات إلى أي معايير أخلاقية أو قانونية.
أوروبا ما تزال محافظة على بذرة الإنسانية الخيرية، وسياستها تنطلق من قيمها النبيلة، وما تزال تميز بين الحق والباطل، لذلك جاء خطاب الملك من على منبرها ليحذر من أن تسود الكراهية، ويغيب الاعتدال أمام "ازدهار" التطرف، وعندها سوف يكون الجميع خاسرا، لأنه لا يمكن لأحد أن يربح المعركة التي تدور ضد قيم الإنسان الخيرية.


الغد











طباعة
  • المشاهدات: 3029
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-06-2025 08:20 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم