بقلم : علي القيسي
منذ بلوغي الخمسين ماعدت ذلك الفتى العاشق المحب للحياة كما كنت سابقا ،نضوج تام قيّد حياتي الماضية ، بصيرتي تعمقت شفافية الشعور بالذنب بات يلاحقني على تقصيري تجاه التقوى وقلة التدين ، الاعتناء بمظهري ماعاد يهمني ، ماعدتُ أغضب حينما تقولي فتاة "ياعمو"
لم أعد أهتم بموضوع العطر والتعطر وكان عطري المفضل "بروت" كنت عاشقا للعطر ،، لم أعد استمع لأغاني الزمن الجميل الطربية ، حتى خرجوا من البيت أصبح قليلا ، لم أعد عصبيا ثائرا لأتفه الأسباب ، فالنضوج يعني التأمل والتروي وعدم الاستعجال واطلاق الاحكام ومراعاة ظروف الناس ، بعد الخمسين تبتعد عن التفاهات والحكايا الولاّدية ، ولا تبال بحديث الكذب والثرثرة والقيل والقال والنميمة ، لم تعد تهمني موديلات السيارات وأنواعها ، يكفي سيارة عادية قديمة تنقلك من مكان لآخر ،حتى لو كانت "كيا" ، فلا تبهرني السيارات الفخمة العالية ذات الظلال السوداء ، والتي أصحابها يأخذونها عن طريق البنوك والقروض ، وبعد الخمسين والستين عليك مراجعة الأطباء ،طبيب الباطنية أولا لفحص ضغط الدم والسكري والدهون ،،ضروري جدا ،،خاصة إن كنت مدمنا على التدخين ، وتأكل بشراهة ،ولا تمارس الرياضة ، فأنت مُعرض للأمراض المزمنة ، إذا كنت متزوجا وهذا أكيد ،عليك الحذر في تعاملك مع زوجتك وأولادك ، كن قدوة لهم ،
وعاملهم باحترام ووعظ ونصيحة، وخاصة الزوجة أصبر عليها فهي تتعب كثيرا في تربية الأولاد ولديها واجبات كثيرة في المنزل ،قد تتوتر العلاقة بينكما في بعض الأوقات ، هناك مشاكل كثيرة تحدث في الحياة الزوجية ،حاول أن تطفئ الخلافات الصغيرة بالحلم والصبر ، لاتواجه الزوجة بالعصبية والصراخ فهذا الأمر قد يؤدي الى تفاقم الأزمة في البيت ،
بعد الخمسين عليك أن تدرك حقيقة أن تتصالح مع نفسك وتقتنع بحياتك وتدرك أنك أصبحت كهلا وعجوزا ولا داع لمرافقة المراهقين في المقاهي
والتصرف بطيش مثلهم وتنسى حالك وتنساق لحكاياتهم وغرورهم .