03-06-2025 09:17 AM
بقلم : م. سامي مهيرات
تمر هذا العام الذكرى ١٣٠٠ لحرب الأيقونات الشهيرة التي هزت أركان الإمبراطورية البيزنطية في القرن الثامن الميلادي، عندما أطلق الإمبراطور لاون الثالث الإيساوري حملته لهدم التماثيل وتحطيم الأيقونات والدلائل الماديه ، تحت ذرائع دينية وسياسية. ومع أن تلك الحقبة قد ولّت ، فإنّ صدى ما جرى في الماضي لا يزال يتردد اليوم، ولكن بأشكال جديدة أكثر خطورة… وأكثر صمتًا.
في غرب العاصمة الأردنية، تحديدًا في موقع كنيسة البصة البيزنطية — بداخلها وخارجها — تتكرر المأساة : إهمال رسمي ممنهج ، وغياب شبه تام للحماية والصيانة ، وترك الموقع عرضة لعوامل الطبيعة ، والاعتداءات البشرية، والتخريب التدريجي. هذه الكنيسة، التي تمثل شاهدًا مهمًا على التاريخ النبطي و البيزنطي في الأردن ، تتحوّل يومًا بعد يوم إلى أنقاض ، بينما تتجاهل مديرية آثار العاصمة النداءات المتكررة من المهتمين، والباحثين، والمجتمع المحلي.
ولا تقف الكارثة عند حدود الإهمال الميداني؛ إذ تظهر بوضوح قلة الخبرة لدى المشرفين والمسؤولين، سواء كانوا مدراء أو فنيين، الذين يفتقرون إلى أبسط معايير الإدارة الأثرية، بدءًا من عمليات الترميم والتوثيق ، مرورًا ببرامج الحماية ، ووصولًا إلى التوعية المجتمعية. هذا الفشل الإداري لا يعني فقط خسارة حجارة قديمة؛ بل يعني طمس هوية ثقافية، وإزالة دلائل مادية مرتبطة بجذورنا النبطية والبيزنطية، في تغييب متعمّد — أو على الأقل غير مسؤول — للذاكرة الوطنية.
لذلك، نتوجه اليوم بنداء صريح: إذا كانت الجهات الرسمية غير قادرة على حماية هذه المواقع، فلماذا لا تُفتح أبواب الإدارة المجتمعية المحلية؟ لماذا لا يُمنح أهل المنطقة، والمهتمون بالشأن الأثري، فرصة لإدارة المواقع وصونها، قبل أن تُمحى من الوجود؟
إن الحفاظ على التراث ليس ترفًا ولا شعارًا إعلاميًا ، بل مسؤولية وطنية حقيقية . وإذا فشلنا في صون ما تركه لنا التاريخ ، فلن نجد في المستقبل ما نحتفل به أو نفتخر بوجوده.
في ذكرى مرور 1300 عام على واحدة من أعنف الهجمات التاريخية على الرموز والايقونات والدلائل الماديه علينا أن نتساءل : هل أصبحت أيدينا اليوم هي من يكمل ما بدأه الأسوري قبل قرون؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-06-2025 09:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |