20-05-2025 04:13 PM
بقلم : د. رعد المبيضين
في خضم التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحت وطأة أزمة إنسانية غير مسبوقة، برز جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين كصوت إنساني وعقلاني مؤثر في مسار السياسة الدولية ، فبينما تهاوت مواقف كثير من الدول أمام الرواية الإسرائيلية، اختار الملك أن يتقدم الصفوف بدبلوماسية صلبة، مستندًا إلى شرعية تاريخية ورؤية استشرافية تدرك أبعاد الأزمة وتبعاتها ، فمنذ اللحظة الأولى لانطلاق العدوان، أطلق جلالة الملك تحذيرات واضحة من خطر التهجير القسري، مؤكدًا أن الأردن يرفض بشكل قاطع أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية أو تحميله تبعاتها الديمغرافية والإنسانية ، ولم يكن هذا الرفض مجرد موقف سياسي، بل جاء ضمن تحرك ممنهج شمل جولات دبلوماسية رفيعة المستوى إلى واشنطن، وعواصم القرار الأوروبي، حمل فيها الملك ملف غزة بكل أبعاده، وواجه به صناع القرار الدولي بلغة قاطعة : وقف الحرب ضرورة إنسانية وأمنية، والسكوت على التهجير جريمة لا تغتفر ، لهذا فإن التحركات الملكية الأخيرة لم تكن روتينية، بل عكست دبلوماسية استثنائية جعلت من الأردن مركز ثقل في المشهد السياسي الإقليمي والدولي ، فقد أشارت تقارير إعلامية إلى أن زيارة الملك إلى واشنطن، ولقاءه بقيادات سابقة وحالية في الإدارة الأمريكية، كان لها أثر مباشر في تغيير نبرة الخطاب السياسي في البيت الأبيض ، ونقلت مصادر مقربة من الدوائر الأمريكية أن جلالة الملك نجح، خلال لقاءاته الخاصة، في إقناع عدد من صناع القرار بأن استمرار الحرب لا يخدم مصالح أحد، بل يفتح أبواب الفوضى في الإقليم ، لا بل وتجاوز الأمر ذلك، حين تسرّبت معلومات من أن مقربين من الرئيس دونالد ترامب وجهوا رسائل واضحة إلى إسرائيل: مفادها ، أن الولايات المتحدة لن تستمر في دعم حرب لا نهاية لها، خصوصًا بعد أن قدم الأردن رؤية عقلانية قابلة للتنفيذ ، والرؤية الأردنية التي طرحها جلالة الملك، لم تقتصر على المطالبة بوقف الحرب، بل تضمنت بديلًا واقعيًا لإعادة الإعمار ضمن إطار عربي يقود التنمية، ويحترم السيادة الفلسطينية، ويمنع أي استغلال سياسي أو ابتزاز إنساني ، هذه الرؤية حظيت بتقدير واسع داخل الاتحاد الأوروبي، حيث أبدت عدة دول رئيسية استعدادًا لدعم المقترح الأردني كأرضية لإعادة إطلاق عملية سلام حقيقية، تستند إلى القانون الدولي، وتعيد الاعتبار لحل الدولتين ، وفي الداخل الأمريكي، أحدثت التحركات الملكية نقلة نوعية في المزاج السياسي العام ، فقد عبر عدد كبير من موظفي الإدارة الأمريكية، وأعضاء في الكونغرس، ومسؤولون في وزارات الخارجية والدفاع، عن احترامهم لموقف الملك، معتبرين أن حضوره القوي، وطرحه المتوازن، ساهم في كبح اندفاع بعض الأصوات الداعمة غير المشروطة لإسرائيل، لا سيما في ظل اتساع التقارير التي توثق انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في غزة ، ولم يكتفِ الملك بنقل الموقف الأردني إلى العواصم، بل أعاد تصدير القضية الفلسطينية إلى موقعها الأخلاقي والإنساني في الوجدان العالمي ، وفي الوقت الذي انشغلت فيه حكومات بمحاور سياسية ومصالح محلية ، أعاد جلالة الملك الاعتبار لحقوق الإنسان، وحذّر من أن تجاهل المأساة الفلسطينية سيعمّق الكراهية، ويغذي التطرف، ويقوض أسس النظام الدولي الذي يدّعي احترامه للقانون ، ولعل أهم ما يميز دور جلالة الملك عبد الله الثاني أنه لا يتحرك فقط كزعيم إقليمي، بل كصوت ضمير عالمي، يحمل الرسالة الهاشمية في الدفاع عن القدس، وعن كرامة الإنسان، وعن السلام العادل القائم على الحقوق لا على توازن القوة ، فقيادته لم تنحصر في إدارة أزمة آنية، بل سعت لتشكيل وعي سياسي جديد لدى المجتمع الدولي، بأن العدالة لا تتجزأ، وأن الأمن لا يُبنى على أنقاض المذابح ،
وفي ظل تعقيد المشهد، بات من الواضح أن جلالة الملك نجح في تحقيق تحول نوعي في مقاربة العالم للحرب على غزة، مؤكدًا أن صوت العقل العربي قادر على إحداث الفرق، متى ما توفرت القيادة التي تمتلك الشرعية والمبدأ والبعد الإنساني ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن على المستوى العالمي .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-05-2025 04:13 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |