حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,12 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7675

المحامي محمد رجب منسيه يكتب: مقترح نحو توحيد عقود العمل وإلزامية إيداعها لدى الضمان

المحامي محمد رجب منسيه يكتب: مقترح نحو توحيد عقود العمل وإلزامية إيداعها لدى الضمان

 المحامي محمد رجب منسيه يكتب: مقترح نحو توحيد عقود العمل وإلزامية إيداعها لدى الضمان

12-05-2025 12:20 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي محمد رجب منسيه
يتناول المقال مقترحًا يهدف إلى تعزيز حماية حقوق العمال في المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك من خلال محورين رئيسيين:

1- اعتماد عقد عمل نموذجي موحد: يتم إعداده من قبل وزارة العمل ليكون مرجعاً أساسياً.
2- إلزام أصحاب العمل بإيداع نسخة من العقد لدى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي: لتوثيق العلاقة التعاقدية بشكل رسمي.
نتناول في هذا التحليل الأبعاد القانونية والعملية لهذين المحورين في ضوء أحكام قانون العمل الأردني الساري وتعديلاته، والمبادئ العامة لقانون الضمان الاجتماعي.
ومن خلال استعراض الجوانب الإيجابية لكل مقترح، بالإضافة إلى التحديات والاعتبارات القانونية والعملية التي قد تواجه تنفيذهما
ويهدف هذا الطرح إلى إثراء النقاش القانوني حول سبل تطوير بيئة العمل في الأردن وضمان حقوق جميع الأطراف.

أولاً: تحليل مقترح اعتماد عقد عمل نموذجي موحد من قبل وزارة العمل الإطار القانوني الحالي لعقود العمل في الأردن:
يُعرّف قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته، في المادة (2) منه، "عقد العمل" بأنه: "اتفاق شفهي أو كتابي صريح أو ضمني يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه أو إدارته مقابل أجر. ويكون عقد العمل لمدة محدودة أو غير محدودة أو لعمل معين أو غير معين. "وتوضح المادة (15) من القانون ذاته الأحكام المتعلقة بتنظيم العقد، حيث تنص على:"أ- ينظم عقد العمل باللغة العربية وعلى نسختين على الأقل يحتفظ كل من الطرفين بنسخة منه، ويجوز تنظيم العقد بلغة أخرى إذا كان العامل أو صاحب العمل غير عربي على أن يرفق به ترجمة عربية مصدقة من كاتب العدل.
•ب- يعتبر عقد العمل قائماً ولو لم يكن مكتوباً، وفي هذه الحالة يجوز للعامل إثبات حقوقه بجميع وسائل الإثبات القانونية."
يتضح من هذه النصوص أن المشرع الأردني أقرّ بصحة عقد العمل سواء كان مكتوبًا أم شفهيًا، ولم يفرض نموذجًا موحدًا إلزاميًا للعقود. ومع ذلك، فقد شجع على الكتابة كوسيلة إثبات، وأوجب أن يتضمن العقد البيانات الجوهرية التي تحدد حقوق والتزامات الطرفين.
يهدف المقترح الحالي إلى تجاوز هذا الواقع نحو توفير حماية أكبر من خلال التوحيد.

الجوانب الإيجابية لاعتماد عقد عمل موحد:
إن اعتماد نموذج عقد عمل موحد من قبل وزارة العمل يحمل العديد من المزايا الجوهرية، من أبرزها:
• تعزيز حماية حقوق العمال:
يضمن العقد الموحد إدراج الحد الأدنى من البنود الأساسية التي كفلها قانون العمل للعامل. يشمل ذلك تحديد طبيعة العمل، ومكانه، ومدة العقد، ومقدار الأجر وطريقة دفعه، وساعات العمل، والإجازات السنوية والمرضية، وشروط الإشراك في الضمان الاجتماعي، وآلية إنهاء العقد وحقوق الطرفين عند الانفصال. هذا يحد من إمكانية إغفال هذه البنود أو صياغتها بشكل مجحف بحق العامل، لا سيما العمال ذوي الخبرة المحدودة أو الوعي القانوني الأقل.
• تحقيق الشفافية والوضوح:
1- يوفر العقد الموحد إطارًا تعاقديًا واضحًا ومفهومًا لكلا الطرفين، مما يقلل من حالات الغموض التي قد تؤدي إلى نزاعات مستقبلية حول تفسير شروط العمل.
2- تسهيل إبرام العقود وتوحيد المعايير: يقدم لأصحاب العمل، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، نموذجًا جاهزًا يسهل عليهم عملية التعاقد. كما يساهم في توحيد المعايير الأساسية لعقود العمل عبر مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، مع الحفاظ على إمكانية إضافة شروط خاصة تتناسب مع طبيعة كل عمل.
3- تيسير الرقابة والتفتيش: يسهل على مفتشي وزارة العمل التحقق من مدى التزام أصحاب العمل بتضمين الشروط القانونية الأساسية في عقود العمل المبرمة مع عمالهم.
4- الحد من النزاعات العمالية: من خلال توضيح الحقوق والالتزامات بشكل مسبق وموحد، يمكن أن يساهم العقد الموحد في تقليل عدد النزاعات العمالية بشكل ملموس.

التحديات والاعتبارات القانونية والعملية:
على الرغم من الإيجابيات المتعددة، تبرز بعض التحديات والاعتبارات التي يجب أخذها في الحسبان عند تصميم وتطبيق عقد العمل الموحد:
• مرونة النموذج:
يجب أن يتسم النموذج المقترح بالمرونة الكافية ليواكب تنوع الأعمال والقطاعات والوظائف المختلفة. قد يستدعي الأمر تطوير نماذج قطاعية أو فئوية بدلاً من نموذج واحد جامد، أو السماح بإضافة ملاحق خاصة تتناول خصوصية بعض المهن أو القطاعات.
• عدم الإخلال بالحقوق الأفضل للعامل:
يجب التأكيد على أن العقد الموحد يمثل الحد الأدنى من الحقوق، وألا يخل بأي حقوق أفضل قد تكون ممنوحة للعامل بموجب عقد قائم، أو اتفاقية جماعية، أو أي قانون آخر، وذلك تطبيقًا للمادة (4/أ) من قانون العمل التي تقضي بتطبيق الشرط الأفضل للعامل.

• الطبيعة الإلزامية أو الاسترشادية للعقد:
يتوقف مدى تحقيق الأهداف على طبيعة هذا العقد. فإذا كان إلزاميًا، سيتطلب ذلك تعديلاً تشريعيًا في قانون العمل أو إصدار نظام خاص بموجبه. أما إذا كان استر شاديًا، فقد لا يكون الالتزام به واسع النطاق، مما يضعف من أثره العملي.

• آلية الإعداد والمراجعة الدورية:
ينبغي أن يتم إعداد النموذج بالتشاور مع كافة الأطراف المعنية (ممثلين عن العمال وأصحاب العمل وخبراء قانونيين)، مع وضع آلية واضحة لمراجعته وتحديثه بشكل دوري ليواكب التطورات التشريعية واحتياجات سوق العمل.

• التوعية والتدريب:
يتطلب التطبيق الفعال للعقد الموحد برامج توعية مكثفة لأصحاب العمل والعمال بأهميته وكيفية استخدامه، وضمان فهمهم لبنوده وآثاره القانونية.

ثانياً: تحليل مقترح إلزام أصحاب العمل بتزويد مؤسسة الضمان الاجتماعي بنسخة من العقد الإطار القانوني الحالي لإثبات علاقة العمل والاشتراك بالضمان:
كما أسلفنا، يجيز قانون العمل إثبات علاقة العمل بكافة طرق الإثبات. ويلزم القانون صاحب العمل بإشراك العامل في الضمان الاجتماعي منذ اليوم الأول للعمل. ويعتبر هذا الإشراك بحد ذاته قرينة على وجود علاقة العمل. من جانبها، تعتمد مؤسسة الضمان الاجتماعي على البيانات المقدمة من صاحب العمل، وقد تطلب وثائق إضافية للتحقق من صحة هذه البيانات، خاصة فيما يتعلق بالأجر الخاضع للاقتطاع ومدة الخدمة. يهدف المقترح إلى تعزيز هذه الآلية من خلال الإيداع الإلزامي للعقد.

الجوانب الإيجابية لإلزام تزويد الضمان بنسخة من العقد:
• توثيق رسمي إضافي للعلاقة التعاقدية:
إن إيداع نسخة من العقد لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي يوفر مستندًا رسميًا إضافيًا يوثق العلاقة التعاقدية وشروطها الأساسية، مما يعزز قدرة العامل على إثبات حقوقه في حال نشوء نزاع، ويقلل من المنازعات المتعلقة بإثبات شروط العمل.
• تسهيل إثبات الحقوق التأمينية:
يساعد وجود نسخة من العقد لدى المؤسسة في التحقق الدقيق من البيانات المتعلقة بالأجر الخاضع للاشتراك، وتاريخ بدء الخدمة، ونوع العقد (محدد المدة أو غير محدد). هذا يسهل عملية احتساب المنافع التأمينية بدقة وسرعة، ويضمن حصول العامل على حقوقه كاملة.

• تعزيز الرقابة على تطبيق القانون:
يشكل هذا الإجراء أداة رقابية فعالة تمكن مؤسسة الضمان الاجتماعي ووزارة العمل من التحقق من مدى التزام أصحاب العمل بتسجيل كافة عمالهم وفقًا للشروط الفعلية لعملهم. كما يساهم في مكافحة التهرب التأميني أو التحايل بتسجيل العمال بأجور أو شروط أقل من الواقع.
• دعم بيانات سوق العمل:
تساهم هذه البيانات في توفير معلومات أكثر دقة وشمولية حول سوق العمل، مما يساعد في رسم السياسات العمالية والاقتصادية على أسس واقعية، ويدعم جهود التخطيط الاستراتيجي.

التحديات والاعتبارات القانونية والعملية:
• العبء الإداري:
قد يمثل هذا الإجراء عبئًا إداريًا إضافيًا على أصحاب العمل، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة. لذا، يجب تصميم آلية إيداع مبسطة ويفضل أن تكون إلكترونية.
• آلية الإيداع والحفظ والسرية:
تحتاج مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى تطوير آليات فعالة لاستلام وحفظ وأرشفة هذه العقود بشكل آمن ومنظم.
يجب ضمان سرية المعلومات الواردة فيها وعدم استخدامها إلا للأغراض القانونية المحددة، مع مراعاة أحكام قوانين حماية البيانات الشخصية.
• التعامل مع التعديلات على العقود:
يجب وضع آلية واضحة للتعامل مع أي تعديلات تطرأ على العقد بعد إيداعه، مثل تعديل الأجر أو المسمى الوظيفي أو مدة العقد، وضمان تحديث هذه البيانات لدى المؤسسة.



• الحاجة إلى أساس تشريعي:
يتطلب هذا الإلزام تعديلاً على قانون الضمان الاجتماعي أو قانون العمل، أو إصدار تشريع خاص يحدد هذا الالتزام وآليات تطبيقه والجزاءات المترتبة على المخالفة، لضمان قوة النفاذ.

الخلاصة والتوصيات:
إن المقترحين المتعلقين باعتماد عقد عمل موحد وإلزام تزويد مؤسسة الضمان الاجتماعي بنسخة منه، يمثلان خطوتين هامتين نحو تعزيز حماية حقوق العمال وتحقيق قدر أكبر من الشفافية والاستقرار في علاقات العمل في الأردن. هذه المقترحات تتماشى مع الممارسات الفضلى وتهدف إلى سد بعض الثغرات التي قد يستغلها البعض للإضرار بحقوق العمال.

لتحقيق الأهداف المرجوة، نوصي بما يلي:
• بالنسبة لعقد العمل الموحد:
1.أن يتم إعداده من قبل لجنة متخصصة في وزارة العمل تضم ممثلين عن العمال وأصحاب العمل وخبراء قانونيين لضمان التوافق والخبرة.
2.أن يتضمن العقد الموحد كافة البيانات الجوهرية المنصوص عليها في المقترح (اسم العامل وصاحب العمل، طبيعة العمل ومكانه، مدة العقد، مقدار الأجر ووسيلة دفعه، ساعات العمل الأسبوعية، الإجازات، إشراك العامل بالضمان الاجتماعي، آلية إنهاء العقد وحقوق الطرفين عند الانفصال)، بالإضافة إلى أي بنود أخرى تراها اللجنة ضرورية لضمان التوازن العقدي وحماية الطرفين.
3.أن يتمتع النموذج بالمرونة الكافية للسماح بإضافة شروط خاصة تتناسب مع طبيعة العمل، شريطة ألا تنتقص من الحقوق الأساسية المقررة قانونًا أو في النموذج الموحد.
4.أن يتم النظر في جعله إلزاميًا من خلال تعديل تشريعي لضمان تطبيقه على أوسع نطاق وتحقيق الأثر المرجو.

• بالنسبة لإلزام تزويد مؤسسة الضمان الاجتماعي بنسخة من العقد:
1.أن يتم هذا الإجراء بناءً على تعديل تشريعي واضح في قانون الضمان الاجتماعي أو قانون العمل لتوفير الغطاء القانوني اللازم.
2.أن تطور مؤسسة الضمان الاجتماعي نظامًا إلكترونيًا فعالًا لاستلام وأرشفة هذه العقود بشكل آمن يضمن سرية البيانات ويسهل الوصول إليها عند الحاجة.
3.أن يتم ربط هذا الإجراء بعملية تسجيل العامل في الضمان الاجتماعي لتسهيل الإجراءات على أصحاب العمل وتوحيدها.

إن تطبيق هذين المقترحين، مع مراعاة الاعتبارات المذكورة، من شأنه أن يساهم بشكل كبير في توثيق العلاقة التعاقدية رسميًا، وتسهيل إثبات وجود علاقة العمل عند حدوث نزاع، وتشكيل وسيلة رقابة فعالة على مدى التزام أصحاب العمل بالقانون، مما يحفظ الحقوق للطرفين على حد سواء ويعزز الثقة في بيئة العمل الأردنية.

بقلم: الأستاذ المحامي/ محمد رجب منسيه











طباعة
  • المشاهدات: 7675
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-05-2025 12:20 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
مع اقتراب انتهاء الدورة العادية الأولى لمجلس النواب العشرين.. ما هو رأيكم في أداء المجلس حتى الآن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم