11-05-2025 08:26 AM
بقلم : د. نضال المجالي
حدثني صديق وقلبه يملئه غصة بما آلت اليه مؤسسة عمله وغيرها مثلها كثير مستهلا حديثه بقوله: "اذا اكرمك الله فرصة سواء حظا او قدرا وسقطت بالبراشوت لتقود مؤسسه عامه رئيسا لمجلس ادارتها او مديرا تنفيذيا، وكانت شركة حكومية او مؤسسة رسمية او حتى وزاره، وكان ذلك بتوصية احد الذوات او اصحاب مفاتيح المعرفة المسبقة، فكما يقال " تحقيق المنصب ان يذكر اسمك في الوقت والمكان الصحيح ولا علاقة لسيرة انجاز"، وكان مستندا باختيارك لضمان علمه بجدارتك في قضاء حوائجهم وتلبية رغباتهم الخاصة، اليك بعض الوصايا والمفاتيح التي شهدتها في عدد من تلك الشخصيات في مواقع متنوعة، جعلته صامدا على الكرسي لا تدور عليه الدوائر، بل اصبح رمزا يفتخر به بين العامة وعلى صفحات المواقع الاخبارية.
اولا: انت لست بحاجة الى اية خبرات عمليه او معرفه بشؤون المؤسسه، بل حتى لست بحاجه الى اي ثقافه اداريه، وكل ما عليك ان تقوم به سارع باصدار قرار اعاده تشكيل الهيكل التنظيمي للمؤسسة، وخلق ما امكن من شواغر ومناصب اقرب ما تكون على "قد المقاس" للمقربين، بحيث لا يمكن ملؤها الا من خلال مزاياهم المنقطعه النظير.
ثانيا: اجعل نصيبا من هذه المناصب وسيلة لاسكات بعض الافواه المحتمل معارضتها لسياساتكم الرشيده.
ثالثا: عليك البحث عن انجازات المؤسسه السابقه، لا داعي لتعظيمها، فذلك يحتاج لوقت وجهد ومعرفه انت لا تملك اي منها، وكل ما عليك هنا هو اضافه بعض التعديلات التي لا تمس جوهرها واعادة اطلاقها من جديد كأنها اليوم ولدت.
رابعا: ابحث عن ايه ثغرات مرت بها المؤسسه وعالجها، اياك ان تحاول حلها، بالعكس فمعالجتها تكون بنشرها بكل ما امكن من سبل.
خامسا: لما سبق تحتاج ان تكون نشيطا اعلاميا واجتماعيا بكل ما اوتيت من قوه، لا تقلق، اليك الوصفة السحريه لتحقيق ذلك، اختر فريقا او شخصا من المميزين لديك، لقنه الدرس جيدا، لا تترك يوما بدون اشهار اي اجتماع او زياره وان كانت حتى زياره لأحد الاصدقاء، ثم لقن ناطقك الاعلامي كيف "يطبخها" بكلام عملي ويغلفها جيدا بعبارات وطنيه رنانه قبل ان يقدمها للجمهور، ولا تنسى ان تُعدم اي ظهور لاي موظف مثابر فالكرسي لا يتسع لاكثر من بطل أوحد.
سادسا: عليك ان تكسب ثقه اي جهه رقابية وتفتيشية، بادرها وارسل لها اية اخطاء بالمؤسسة، عززها ببعض الوثائق والعبارات حتى لو كانت غير دقيقه، واجعل منها قضايا فساد تمس اي اثر لمن سبقك.
سابعا: أحط نفسك جيدا بالمنافقين والاغبياء، وخصوصا من يصلح منهم ان يكون "بوز مدفع"، واياك ان تقرب ذوي الخبرات والمعرفه فالوقت لا يتسع لسماع افكارهم المعقدة.
ثامنا: اياك ثم اياك ان تُثني على احد، فالثناء والتقدير غالي لا يستحقه الا رمز المؤسسة، ولكن لك بين الحين والاخر ان تمدح من تحب في اي عمل على أن يكون خارج الاطار المؤسسي.
تاسعا: ابحث عن مزايا الموظفين من مكافات او بدلات او مركبات او حتى تأمين صحي، عليك ان تجتثها لتؤكد تماشيك مع ترشيد الانفاق فهو واجب مؤسسي، ولك ان تمنح نفسك امتيازات وسفريات خارج اختصاصك ومهام عملك المباشرة او لاي مما شئت من طاقمك الذي اثبت ولاءه لرمز المؤسسه الأوحد، ويمكنك ان تُعيد بعضاً منها على شكل زياده على الرواتب واستثناءات على ان تكون ممهورة بالإرادة لبطل المؤسسه الأوحد.
وأخيرا، لا تنسى أن تستغل ما أمكن من مقدرات مؤسستك في تخصيص جزء للهدايا والعطايا الممزوجة بعبارات وخطابات وطنية لزملائك من اعضاء ذات النادي، فالوطن وان كان لا يسكن إلا في قلوب من أحبه وصدقه إلا انه لكثير من تلك الفئة التي تتعامل به وكانها تملكه قد أتقنت التغني والعطاء لكل من هب هواهم لكرسي جديد.
وعندما أنهى وصاياه المؤلمة بما يلحقها من اذى بحق المؤسسة والشركة والوزارة وكل ابناء الوطن لما فيها من ضياع فرص وتراجع إصلاح وغياب عدالة، تنهدت طويلا واسندت ظهري على كرسي موقع عملي، مستذكرا ان اجمل الخبرات التي تغادر فيها كرسي الادارة هو احترامك لذاتك بأنك قدمت وتفانيت وانجزت بصدق وامانه لموقع العمل، ثم بدأت بعدها بمحاولات مكررة لمراجعة وصاياه العشر لعلي املك ردا يخفف مما تعيشه بعض شركات ومؤسسات الوطن قبل ما يعانيه من نقلها لي وبقلبه الم، فتذكرت فجأه اني كنت ملتزما بمغادرة موقعي لقناعتي الكاملة حينها عدم قدرتي الالتزام بوصفته السحريه من وصايا كراسي تدوم للابد، فتبسمت طويلا بقدر اطول من تنهدي وقلت له اعلم انه نعيش"عالما لذيذا"، ولكن هناك خطوات حقيقية يبذلها صاحب الولاية العامة دولة الرئيس هذه الايام نشهدها قرارات جدية نحو "نفض" كافة مجالس الادارة والإدارات والمؤسسات لشركات حكومية او تملك الحكومة نسبة فيها، ولعلي ارى نتائجها قريبة، فمن حقق رضى مجتمعي هو الأعلى منذ عام ٢٠١١ ليس بالتغير عنه ببعيد، وعندها انتهى النقاش.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-05-2025 08:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |