حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,11 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6878

ثائر جبريل القراله يكتب: بيع الوهم بالجملة: كيف أصبحنا تجار أحلام مزيفة؟

ثائر جبريل القراله يكتب: بيع الوهم بالجملة: كيف أصبحنا تجار أحلام مزيفة؟

ثائر جبريل القراله يكتب: بيع الوهم بالجملة: كيف أصبحنا تجار أحلام مزيفة؟

10-05-2025 04:11 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ثائر جبريل القراله
في زمنٍ تُغلف فيه الأحلام بغلاف برّاق وتُعرض على رفوف افتراضية، تحولنا جميعًا إلى بائعين ومشترين في سوق الوهم الأكبر. لم نعد نحتاج إلى سحر أو خيال، بل صار يكفينا هاتف ذكي واتصال بالإنترنت لنصنع واقعًا موازيًا تُباع فيه السعادة كسلعة، والنجاح كمنتج استهلاكي، والوجود كقصة مُعلبة


تبدأ القصة عندما نُدخل أنفسنا في خط إنتاج لا ينتهي من الأوهام: ننشر صورًا مُفلترة لحياة مثالية، نبتكر سيرًا ذاتية مليئة بالإنجازات الوهمية، ونتباهى بأحلام لم نعشها إلا في حيز البكسل. الكليشيهات الجاهزة تصبح لغتنا اليومية: *"يمكنك تحقيق أي شيء!"*، *"كن نفسك!"* (بشرط أن تكون نسخةً من المشاهير)، و*"السعادة اختيار!"* (لكنها تُباع بأسعار خيالية). الفلاتر الرقمية لا تُعدل الصور فقط، بل تشوه إدراكنا للواقع نفسه، حتى يصير كل ما نراه مجرد ظل لحقيقة اختفت وراء الشاشات


الأدوات جاهزة: منصات التواصل الاجتماعي تتحول إلى واجهات لبيع الوهم، ودورات تطوير الذات تقدم وصفات سحرية لـ"إصدار أفضل" من أنفسنا، بينما تهمس الإعلانات في آذاننا بأن السعادة الحقيقية تكمن في المنتج التالي الذي سنشتريه. لكن الثمن الخفي يظهر عندما نكتشف أن "احترام الذات" المُعلن عنه يخفي عزلة اجتماعية، وأن "الإيجابية" المزعومة تقمع مشاعرنا الحقيقية، وأن "تحقيق الأحلام" وهمٌ يتحول إلى عبء وجودي


لماذا نستمر في الشراء؟ لأن الوهم يصير ملاذًا من فراغٍ وجودي نخشى مواجهته، ولأن الانتماء إلى مجتمع افتراضي يبدو أسهل من بناء علاقات حقيقية، ولأن تصديق الأكاذيب أرخص من مواجهة الحقائق المرّة. لكن السوق يبدأ بالانهيار عندما تتراكم الفواتير: ارتفاع معدلات الاكتئاب رغم وفرة نصائح السعادة، وشعور جيل كامل بالغربة رغم العيش في عالم متصل، وصحوة مفاجئة تكتشف أن "اللايكات" لا تملأ الفراغ، ولا تدفئ الفراش ليلًا


الخروج من هذه الحلقة يحتاج إلى جرأة مواجهة الواقع بقسوة: أن نصنع أحلامًا هشّة لكنها حقيقية، أن نستبدل الأجوبة الجاهزة بأسئلة تزعجنا، وأن نتعلم أن السعادة ليست سلعة تُشترى، بل رحلة نعيشها بكل تناقضاتها. الحلم الحقيقي ليس ذلك الذي يُباع بالتجزئة، بل الشرارة التي تولد من رحم الفوضى داخلنا، وتنمو رغم كل محاولات قتلها




(كل كلمة هنا هي محاولة لاستعادة الحقيقة من سوق الأوهام)


**هل أنت مستعد لتمزيق الفاتورة؟**

إذا كان الحلم يُباع **بسعر**، فهو ليس حقيقيًا

إذا احتاج إلى **مؤثرات**، فهو ليس أصيلًا

إذا وعدك **بكل شيء**، فهو لا يعدك بشيء








طباعة
  • المشاهدات: 6878
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
10-05-2025 04:11 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
مع اقتراب انتهاء الدورة العادية الأولى لمجلس النواب العشرين.. ما هو رأيكم في أداء المجلس حتى الآن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم