بقلم : دارين العجارمة

في الوقت الحالي، أصبحت كلمة "ترند" مرتبطة بشكل أساسي بعمل الصحافة الرقمية. فالترند لم يعد مجرد قائمة بأكثر المواضيع انتشارًا، بل صار يؤثر في طبيعة الأخبار التي تُنشر. ومن خلال ملاحظة ما يحدث، فيمكن القول إن الترند تحول إلى وسيلة غير مباشرة تدفع الصحفيين إلى فرض رقابة على أنفسهم عند اختيار المواضيع.

اذا ما هو الترند وما معنى الرقابة الذاتية؟
بعبارة بسيطة، الترند هو أكثر المواضيع تداولًا بين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي. أما الرقابة الذاتية، فهي عندما يقرر الصحفي أو المؤسسة الإعلامية تجنب تناول موضوعات معينة أو التركيز على أخرى، بدافع الخوف من فقدان الجمهور أو الحفاظ على الصورة العامة.

والآن لنتعرف عن كيف يؤثر الترند في الصحافة الرقمية:
١.الخوف من تجاهل اهتمامات الناس: كثير من الصحفيين يخشون أن يؤدي نشر مواضيع غير متداولة إلى قلة التفاعل وضعف الإقبال على موادهم الإعلامية.

٢.الحفاظ على السمعة: عندما يلقى موضوع معين ضجة واسعة، تميل بعض المؤسسات إلى تغطيته حتى لو لم يكن ضمن أولوياتها، فقط لتُظهر أنها تواكب الأحداث.

٣.سهولة الانتشار: يصبح من الأسهل على الصحفيين كتابة تقارير عن موضوعات تحظى باهتمام عام بدلاً من البحث عن قضايا جديدة تحتاج إلى جهد وتفكير أعمق.

فكما يقول البعض ببساطة: "في زمن الترندات، لم يعد الصحفي دائمًا يختار ما يكتبه، بل أحيانًا يختار الناس عنه."

ولنستعرض بعض الأمثله على هذه الظاهرة:
_ على سبيل المثال، خلال حملة "#BlackLivesMatter"، لاحظنا أن معظم الصحف والمواقع الإلكترونية ركزت على قضايا التمييز العنصري، حتى تلك التي لم تكن تهتم بهذه القضايا سابقًا.
_ وكذلك خلال جائحة كورونا، أصبح معظم المحتوى الإخباري يدور حول الفيروس، بينما تراجعت أخبار وقضايا أخرى كانت مهمة أيضًا.

اذا ما هو أثر الاعتماد على الترند وما عواقبه؟
١. انخفاض تنوع المواضيع: عندما يلاحق الإعلام الترند فقط، تصبح بعض القضايا مهيمنة، بينما تختفي قضايا أخرى ربما تكون أكثر أهمية.

٢. انخفاض جودة المحتوى: التركيز على مواكبة الترند قد يؤدي إلى إنتاج محتوى سطحي ومكرر بدلاً من تقديم تحليلات عميقة وجادة.

وفي الختام، يمكن القول إن الترند أصبح اليوم أداة ضغط غير مباشرة على الصحافة الرقمية. ورغم أنه يساهم في معرفة ما يشغل الناس، إلا أن الاعتماد الكامل عليه قد يؤثر سلبًا على حرية الإعلام وجودته. لذلك، من المهم أن تسعى المؤسسات الإعلامية لتحقيق توازن بين متابعة الترندات وبين التمسك بالمعايير المهنية لنقل الحقيقة مهما كانت.