27-02-2010 04:00 PM
سرايا -
سرايا- في آخر ظهور إعلامي له بثت شبكة السحاب، الذراع الإعلامية المعتمدة بصورة واسعة لدى أتباع السلفية الجهادية والقاعدة شريطا مصورا، قدّم فيه الطبيب الأردني همام خليل أبو ملال، الملقب بـ"أبو دجانة الخراساني" روايته عن تجربته القصيرة مع القاعدة وطالبان، والظروف التي قادته إلى تنفيذ تفجبر خوست الانتحاري، الذي قضى فيه عدد من ضباط المخابرات الأميركية وضابط المخابرات الأردني الشريف الشهيد علي بن زيد في 30 /12 / 2009.
في الشريط المصوّر الأخير، بدا مشهد البلوي بالهيئة نفسها، واللباس ذاته، الذي ظهر في شريط وصيته المصوّر إلى جانب زعيم طالبان باكستان، حكيم الله محسود (ادّعت مصادر عسكرية باكستانية أنه ربما يكون قد قضى في غارة أميركية على منطقة وزيرستان) ومعه سلاح وأمامه متفجرات وقنبلة، فيما كان يحاوره شخص ملثّم، لم تظهر ملامحه في الشريط، كان يوجّه الأسئلة لهمام.
الشريط المصوّر استغرق قرابة خمس وأربعين دقيقة، وعلى الأغلب أنّه تمّ تصويره في وزيرستان في المناطق الشمالية الغربية، حيث تنشط القاعدة وطالبان بصورة فاعلة.
المفاجآة اللافتة في الشريط أنّ "أبو دجانة" بدا واثقاً تماماً من نجاح العملية الانتحارية، على الرغم من أنّ الظروف المحيطة بها في غاية التعقيد والالتباس، وكان يعد "أنصار القاعدة" بتحقيق اختراق أمني كبير.
في الشريط خلط "الخراساني" بين فصول قصته، منذ الاعتقال، مروراً بسفره إلى وزيرستان، وصولاً إلى تنفيذ العملية، وبين خلفيته الفكرية والسياسية التي تشكّلت منذ بداية تأثره بالأدبيات السلفية الجهادية، تحديداً بعد احتلال العراق، ومع العدوان الإسرائيلي على غزة.
همّام، وإن كان تمتّع بثقافة أدبية ومتابعة للمواقع الجهادية، إلاّ أنّ خبرته السياسية كانت محدودة ومربوطة بما يقرأه على المواقع الجهادية، المسكونة بالصراع مع الأجهزة الأمنية والعسكرية في العديد من دول العالم، ولعلّ ذلك ما جعل من تبنيه لما يسمعه ويقرأه بمثابة "مسلّمات" ليست موضع شك.
أبرز ما في الحوار، وما تمّ تسليط الضوء عليه إعلامياً، اتهام "أبو دجانة"، استناداً إلى ما سمعه، المخابرات الأردنية بالوقوف وراء اغتيال كلٍّ من عبدالله عزّام (شيخ المجاهدين العرب في أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي، والذي قضى في تفجير سيارته في بيشاور عام 1989)، وعماد مغنية، القائد العسكري المعروف بحزب الله، الذي اغتيل في دمشق، قبل قرابة عام، بالإضافة إلى أبو مصعب الزرقاوي زعيم قاعدة العراق، الذي قضى في قصف أميركي على مخبئه في حزيران (يونيو) 2006.
باستثناء الزرقاوي، الذي كان مسؤولاً عن تفجيرات فنادق عمان 2005، وذهب ضحيتها عشرات الشهداء من المدنيين، وكذلك عن عمليات أمنية متعددة، ولم يعلن الأردن رسمياً أو ضمنياً مسؤوليته عن مقتله، لكنه لم ينفِ دوراً معيّناً له في ذلك. لكنّ اتهام الأردن باغتيال مغنية وعزّام كان بعيداً تماماً حتى عن رواية أنصارهما والمقرّبين منهما.
عماد مغنية، اغتيل في دمشق في ظروف ملتبسة، اتّهم حزب الله الموساد فيها، ولم تلمّح أو تصرّح أو تقترب أيّ من مصادر حزب الله، الذي يمتلك جهازاً أمنيّاً قوياً، إلى مسؤولية الأردن من قريب أو بعيد عن ذلك، ولا توجد أي مصلحة، وفقاً لمسؤولين أردنيين، في هذا العمل.
الأخطر من ذلك هو اتهام أبو دجانة المخابرات الأردنية باغتيال عبدالله عزام، وهو ما ينفيه نجله حذيفة جملةً وتفصيلاً، ويقول "المخابرات الأردنية بريئة تماماً من دمّ عبدالله عزّام براءة الذئب من دم يوسف".
يضيف حذيفة عزّام، الذي تواجد مع والده لحظة تفجير السيارة في تصريح خاص ، أنّه "لم تكن هنالك عداوات بين عزّام والمخابرات الأردنية"، ويقول "نعم كان هنالك اختلاف، لكنه طبيعي في سياق مشروع عزام المعروف بالدعوة إلى الإصلاح"، بعيداً عن العمل المسلّح أو استهداف أمن الأردن.
ويؤكد حذيفة أنّ علاقة عزّام بالدبلوماسيين الأردنيين عموماً كانت "جيّدة"، وقد كان صاحب مشروع معروف وواضح، لا يمشي بحراسات وليس مختبئاً، بل كان "الجميع يعرف منزله، ويمشي بالعلن".
واستغرب حذيفة الزجّ باسم والده في هذه القضية، مؤكّداً أنّه شخصياً اطّلع على ملف التحقيق، الذي أجرته المخابرات الباكستانية، وكان على تواصل دائم مع المحقق المسؤول عن ذلك، منذ العام 1989 إلى العام 1996، وأنه ما يزال يمتلك الوثائق كاملة.
ويكشف حذيفة أنّ التحقيقات كانت قد تشير إلى مسؤولية الموساد الإسرائيلي عن الاغتيال، بعد أن تبين لهم دور عزّام في تدريب الفلسطينيين على القتال للمشاركة في "عسكرة الانتفاضة"، بعد انطلاقاتها في العام 1987.
أُسدلت الستارة إعلامياً على قصة أبو دجانة، ولم تختلف هيئته في ظهوره الأخير عن صورته في شريط الوصية، لكنه حمل مع هذا الظهور إرهاصات لبروز الجيل الثالث من القاعدة، (بالتزامن مع شخصية نضال مالك الطبيب أردني الأصل الذي قتل عدداً من العسكريين الأميركيين في قاعدة تكساس، وعمر الفاروق الافريقي الذي حاول تفجير طائرة ديترويت، وفي هذه الحالات جميعها باتت "شبكة الإنترنت" حاضنةً يتم خلالها التجنيد والتعبئة، ومن ثم القيام بالعمليات التفجيرية، لكن في العالم الواقعي لا الافتراضي!- الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-02-2010 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |