20-02-2010 04:00 PM
سرايا -
كانت البداية عندما دخلت المدرسة وكانت اسماء الطلاب ثلاثية لاتحوي اسم عشيرة او قبيلة ( عبد الرؤوف سالم النهار ) اما التخاطب في القرى فكان بالاسم الثنائي ( عبد الروؤف السالم ) واكتشفنا بعد قيام الوحدة الشريفة بين ضفتي المملكة اعتزاز زملائنا باسم العشيرة وبخاصة ابناء المدن مما اضطر العديدين منا لاضافة اسم العشيرة فاصبح اسمي ( عبد الرؤوف سالم الروابدة ).
وعندها سألت جدي عن نسبنا فلم يزد على أن قال إننا من عشيرة الصرايرة في منطقة الكرك دون تأصيل لهذا النسب ولم يزد ذلك عن تعداد اسمه الرباعي ( نهار مصطفى سعد الحمدان ) دون ربط ذلك بالجد المهاجر (سلمان ) وظننت ان ذلك راجع لأميته الا انه قد اتضح لي ان ذلك سمة عند جميع كبار القرية وان اهتمامهم بالنسب وتأصيله غير موجود.
وزاد من اهتمامي بالأنساب أن كثير من الأردنيين ممن يسألون عن أصلهم ونسبهم كانوا يشيرون الى قدوم اجدادهم من احدى الدول العربية حتى استقر ذهني وذهن العديدين مثلي ان هذا الوطن قفر لم يكن يسكنه أحد سوى قلة قليلة من الرعيان والحراثين وبالتالي فلم يكن يوماً ما مستقراً كاشقائه من بلاد الشام وانه بلا تاريخ اوحضارة او دور .
ولما تقدم بي العمر قليلاً وزرت جميع الدول العربية وتعاملت مع أبنائها الأشقاء تبين لي ان لكل دولة عربية كبيرة اوصغيرة، غنية اوفقيرة جلى بتاريخها وحضارتها ودورها ، حتى ان البعض اضطر الى نحت سجل لهذه الامور , غير أن الأردن الوطن والدولة لم يعتني يوماً بتدوين تاريخه ولم يجذر هويته .
أما فلسطين فلم تتمتع يوماً كوطن كامل بالحكم الوطني اذ انتقلت من الحكم العثماني الى الأنتداب البريطاني فالاحتلال الاسرائيلي، ولذا فقد أصبحت لها هوية نضالية تقف الى جانبها في ترسيخها جميع القوى العربية و الاسلامية حفاظُـاً على عروبتها .
عاش الاردن الحديث وضعاً مميزاً , فلم يكن يوماً الهدف من نشأته قيام دولة منفصلة عن أشقائها وانما كان الهدف التمهيد لتحرير سورية الكبرى واعادة وحدة أقطرها .
ترتب على ذلك أمور عدة منها غلبة الهوية العروبية وتجاوز الهوية الخاصة ولا أدل على ذلك من ان حكوماته وقياداته المدنية والعسكرية كانت على الدوام تمثيلاً حقيقاً للأمة العربية حتى انه لم يرأس مجلس الوزراء أردني المولد الابعد خمس وثلاثين سنة من تأسيس الدولة وان لم يكن هناك نشيد مدرسي واحد يرد فيه اسم الاردن. ليس من حق احد ان يظن ان هذا الأمر كان مثلبة اوضعفاً وانما هو توجه قومي اصيل، نعتز ونفتخر به وان استغله البعض لانكار دور هذا الوطن واخفاء هويته الوطنية بينما نظّر كل العروبين الى هوية خصوصية لأوطانهم الى جانب الهوية القومية .
لكل هذه الأسباب وغيرها كثير بدأت دراستي حول الأردن والإنسان والتاريخ والحضارة والدور منذ ما يتجاوز العشر سنوات، وقسمت الأمر الى جزئين: يدور الأول حول ( الأردن والتاريخ) وآمل أن انجزه خلال عامين بعون الله ويدور الثاني حول ( الوجيز في العشائر الأردنية حتى عام 1950م )
ليس من اهدافي في دراستي بناء عصبية اردنية فهي في يقيني مرفوضة ديناً وعروبة ، ولا التفريق بين المواطنين فهذا الوطن نشأ وسيبقى عروبياً ولكل اهله مهما اختلفت الأعراق والأديان والمنابت , ومن يدعو للتفريق او التميز ظالم للاردن قبل ان يكون ظالماً لغيره .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-02-2010 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |