حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,5 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 70307

مشعل هلسة .. رمز الاخوة الاردنية الفلسطينية

مشعل هلسة .. رمز الاخوة الاردنية الفلسطينية

مشعل هلسة  ..  رمز الاخوة الاردنية الفلسطينية

08-07-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

     قبل حوالي اربعين عاما ، وقد كنت طالبا في الصف الاول الثانوي ، انتقلت حديثا من بلدتي السماكية حيث لا صفوف ثانوية الى الكرك ، وعاش الاردن تلك الفترة، اياما سوداء لا احدا يحب تذكرها ، سكن بجوارنا المaرحوم فيصل جريس الخيطان الهلسة ، وقد كان حينها شابا اعزبا ، جمع اليه في السaكن عددا من اخوته ، وقد عاش الشباب الاردني تلك الايام ، حالة من التلاحم مع العمل الفدائي ، ايمانا منه بقومية المعركة مع العدو ، وبان العدو مشترك ، يتهدد مصير الاردن كما فلسطين والامة العربية ، فكان الحماس الشبابي الاردني لهذه الظاهرة التي   بزغت بعد ليل هزيمة حزيران الاسود ، حماسا صادقا يعبر عن ايمان بوحدة الامة ووحدة اهدافها ومصيرها .

 

     كان المرحوم فيصل احد   ابرز المنتمين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وهي فصيل ضمن عدد كبير من الفصائل التي تواجدت في الاردن ، واستقطبت الشباب الاردني ، بنفس حماس الشباب الفلسطيني ، في زمن كانت تسود فيه البراءة النضالية والثورية ، قبل ان تتشوه المسيرة ، ويزيدها تشوها ثقافة الدولار .

 

     كان المناضل المرحوم  مشعل هلسة ، احد اخوة فيصل ، الى جانب نمر وضرغام وصايل ، وكانوا جميعا طلابا في المدارس على ما اذكر ، اقتصر دورهم على التعاطف مع العمل الفدائي ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ، لم ارى مشعل ونمر ، بينما التقيت ضرغام واخيهم الاصغر الدكتور صايل ، بعد سنوات طويلة ، في عدة مناسبات .

 

     انتهت تلك الايام السوداء من تاريخ الاردن ، وانتهت تلك الحالة الشاذة التي عاشها ، وعاد الوضع الى حالته الطبيعية ، وافترق الجيران ، وذهب كل الى سبيله ، واصبحت تلك الايام مجرد ذكريات ، اما من عاش الانتماء للعمل الفدائي ، فقد منحته السنوات اللاحقة بهدوءها وسكونها   ،  القدرة على تقييم سلبيات المرحلة الماضية ،  وممارسة النقد المرير لها ، وبالنتيجة كانت الاغلبية الساحقة قد اتعظت من تلك التجربة ، واصبحت اكثر بعدا عن التفكير بتكرار مثيلاتها .

 

     في اوائل الثمانينات ، او اواخر السبعينات ، وقد كنت طالبا في جامعة دمشق ، فوجئت بمعلومة عن ضرغام هلسة ، وبان راية النضال مع الجبهة الشعبية قد انتقلت اليه والى اخوته الاخرين ايضا الى جانب اخيهم الاكبر فيصل ، ثم علمت بعد سنوات ، عن اسر المرحوم مشعل في معسكر انصار في لبنان ، عقب مشاركته في القتال في صفوف الفدائيين ابان غزو لبنان عام 1982، كما انه سبق ان شارك في القتال الذي اعقب غزو لبنان عام 1978 على ما اذكر ، والذي اعقب بدوره العملية التي نفذتها الشهيدة دلال المغربي ، ولقد اثارت تلك المعلومات الجديدة استغرابي واعجابي ، بهذا الانتماء العائلي الكامل او شيه الكامل ، فانا كما قلت سابقا ، لم التقي منهم الا ضرغام ، وفي السنوات الاخيرة صايل ، وضرغام معروف حاليا بعضويته القيادية النشطة ، في حزب الوحدة الشعبية .

 

     لا اخفي دهشتي من هذا الانتماء الذي لم يتخلخل لاربعة عقود ، بل يبدو انه يزداد صلابة ورسوخا ، وذلك لثلاثة اسباب ، اولها ان العقود الاربعة ، بتجاربها المريرة ، هي كفيلة بان تولد اجيالا وتلغي اجيالا من المنتمين لتيار سياسي معين ، فالمعروف ان العرب ، لا يصمدون متحدين في موقف ما طويلا ، فالخلافات التي تدب ، كفيلة بتمزيق الممزق ، وثانيهما ان هذا الانتماء اصبح عائليا بامتياز ، وربما انتقل الى الابناء ، وثالثهما ان هذه العائلة اردنية ، نبتت من بلدة حمود المجاورة لبلدتي السماكية في محافظة الكرك ، عاشت فلسطين في وجدانها ، لتشكل ظاهرة نبيلة ، معبرة عن حقيقة الانتماء القومي الاصيل لابناء الاردن .

 

     هذا الانتماء الاردني لفلسطين ، دفعني لاستذكار الكثير من المناضلين الاردنيين ، وبما ان الحديث عن عشيرة الهلسة ، فقد عادت بي الذاكرة الى اوائل السبعينات ، حين شاركت المناضلة تيريز هلسة ، ابنة الكرك التي ترعرعت في عكا ، مع رفيقتها ريما العيسى ، ورفيقيها الشهيدين الاخرين ، بعملية خطف طائرة اسرائيلية تابعة لشركة سابينا في مطار اللد ، كما عادت بي الذاكرة الى عام 1956 ، حين انتخب ابناء القدس ، الدكتور المناضل يعقوب زيادين ، ابن السماكية في محافظة الكرك ، ممثلا لهم في مجلس النواب ، مفضلين اياه على مرشحين اخرين ، من اعرق عائلات القدس .

 

     هذه صفحات ناصعة ، من تاريخ التلاحم الاخوي الاردني الفلسطيني ، نتمنى ان تظل ماثلة امام الاذهان ، وامام كل من يحاول زرع الفتن ، واستعداء الشقيق على شقيقه ، وليرحم الله الفقيد مشعل هلسة ، ويلهم اهله ومحبيه الصبر والعزاء .

 

 

m_nasrawin@yahoo.com

 

08/07/2009








طباعة
  • المشاهدات: 70307
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-07-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم