بقلم :
تجاوزت قدمهُ الُيمنى عتبةَ الكافيه و هو ذاهبٌ ليتجرعَ دخانَ أرجيلةٍ مع رفاقه ولحظةَ تجاوز ِ قدمهِ لعتبةِ المدخل شعرَ بنفسهِ و قد هربت بعيداً ولكأنهُ تحول الى صبي يجري خلفها بين ُعتمةِ الذكريات ثم فجأةً وجدَ نفسهُ في سهرةِ صيفٍ تحتَ داليةٍ غفت قطوفها في دلال و عجوزٌ غابرٌ في الزاوية يلفُ سيجارة "هيشي" في فنٍ أزليٍ ثم يُشعلها و يعبُ نفساً عميقاً منها ثم يمد يدهُ على كأسِ الشاي القريبِ منه و يتجرع رشفةً منه ويبدو على وجهه امتقاعٌ يصرخُ بعده على أحدِ الأطفالِ الذين تجمعوا حول حوض الدالية قائلا: "هاي أمك بخيله … خليها تزيد سكر ع الشاي" تطل زوجة ابنه من شباك المطبخ : " يا عمي السكر مضر بالصحه" فيردُ في حنق:" ايييييه،يرحم أبوكي اللي كان يلهم السكر لهم ،شو بدي أقول ؟؟ زيدي سكر و لا تكثري حكي" يُقاطع المشهدَ الطفل " عبود" يركضُ خلفَ أخيهِ الكبير و هو يستجديه: " يا وصفي أعطيني دوحل … بس دوحل واحد" يتجاهلهُ وصفي ماضياً نحوَ بابِ البيت ليخرجَ الى الحارةِ ويغلقَ البابَ خلفهُ تاركاً "عبود" في حالةٍ من ضياعٍ و خيبة. الوالدُ "يتمغطُ " على "فرشة اسفنجية" بدشداشهِ الأبيضِ باهتِ اللون فيما تدخلُ الزوجةُ حاملةً معها "سدر الطعام الألمنيوم" فيهِ صحنُ زيتٍ وبيض و قلاية بندورة وربطة من خبز كماج ورأسين من بصل الفحل، تجلس بالقرب من رأس زوجها و تدعو الجميع للطعام. يوميءُ الزوجُ لزوجتهِ أن تمدَ نحوهُ رأسَ بصلٍ ، يضعُه على الأرض ويهوي بيدهِ عليه ل " يفغشه " في حركة واحدة فيما يبدو عليه زهو الانتصار ويسأل الأطفال: "مين بده الزنبوط يا أولاد؟؟" فلا يجيبه أي منهم ، فالكل منهمكٌ في حركةِ تقاطعٍ عشوائيةٍ للأيدي نحو الصحون يتذكر الزوج ولعهُ ب " الزنبوط" أيام كان طفلاً وكيف كان يجلسُ قبالةَ والدهِ في انتظار العطية السخية. ويرتدُ صاحبنا من حلمه في جلسة صيفية على كركرة الأرجيلة وهتاف الجماهير لريال و برشلونه ثم يهمس في أذن نفسه : يا لزيتِ الزيتونِ الُمشعِ تحتَ " لمبة" الدالية الوحيدة ويالأرغفةِ خبز الكماج المرتبة فوق بعضها والصحن البلاستيكي الذي يُصب فيه لبن الرايب وكاسة "النجل" يجاورها ابريق ماء أعيدوني لدالية و زيتونة و جلسةٍ صيفية ورددوا علي قول عرار: قالوا : تدمشق قولوا : لا يزال على علاه اربدي اللون حوراني