حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,7 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 9910

م. أحمد الشديفات يكتب: الحوسبة السحابية في الأردن: ذكاء التحديث وحساسية السيادة

م. أحمد الشديفات يكتب: الحوسبة السحابية في الأردن: ذكاء التحديث وحساسية السيادة

م. أحمد الشديفات يكتب: الحوسبة السحابية في الأردن: ذكاء التحديث وحساسية السيادة

05-06-2025 08:45 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : م. احمد يوسف الشديفات
في عالم تُعاد فيه صياغة معادلات القوة على أساس البيانات، لم تعد الحوسبة السحابية مجرّد ترقية تقنية، بل غدت قرارًا سياديًا تمسّ تداعياته جوهر الدولة، وأمنها، ومكانتها في المشهد الرقمي العالمي.



الأردن، وسط هذا المشهد المتحوّل، لم يتعامل مع السحابة كموضة رقمية عابرة، بل كأداة استراتيجية تستوجب التفكير العميق والتخطيط بعيد المدى. ولعل التوجيهات الملكية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة، شكّلت حجر الأساس لهذه المقاربة، مؤكدًا أن التحوّل الرقمي ليس ترفًا مؤسساتيًا، بل ضرورة وطنية ترتبط بكفاءة الدولة ومتانة قرارها السيادي.



الحوسبة السحابية توفّر إمكانيات ضخمة: من خفض التكاليف التشغيلية، وتعزيز سرعة الاستجابة، إلى ضمان استمرارية الخدمات حتى في أحلك الظروف. لكنها، بطبيعتها، تنطوي على طبقات معقدة من التحديات، خصوصًا في دول مثل الأردن، حيث لا يُنظر إلى البيانات كأرقام صمّاء، بل كأصول سيادية يجب حمايتها.



بحسب وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، فإن نحو 65% من المؤسسات الحكومية الأردنية أبدت اهتمامًا فعليًا بالتحوّل إلى بنى سحابية، لكن التنفيذ الفعلي بقي دون 30% حتى نهاية 2024. هذا الفارق لا يعكس تقاعسًا، بل نضجًا مؤسسيًا في التعامل مع المتغيرات، وحرصًا على ألّا يأتي التحديث على حساب السيادة.



تحديات هذا المسار لا تقتصر على الأمن السيبراني فحسب، رغم أنه يظل الأكثر إلحاحًا. تقرير صادر عن شركة “Check Point” أشار إلى ارتفاع بنسبة 48% في الهجمات على بيئات الحوسبة السحابية عالميًا خلال عام 2023. في مثل هذا السياق، يصبح التحفّظ ليس خوفًا، بل عقلانية في اتخاذ القرار.



إلى جانب المخاطر الأمنية، يبرز ما يُعرف بـ”فخ المزود الواحد”؛ حين تُقيّد المؤسسة باتفاقيات طويلة المدى مع مزوّد سحابي واحد، ما يصعّب عليها التحوّل لاحقًا، ويضع استقلالية قرارها التقني في مهبّ الحسابات التجارية.



أما على الصعيد القانوني، فلا تزال البيئة التشريعية الأردنية في طور التكيّف مع متطلبات التشغيل السحابي. بعض القوانين الحالية لم تُصمم للتعامل مع قضايا مثل تخزين البيانات خارج الحدود، أو التعامل مع كيانات أجنبية تتحكّم في بنيتنا الرقمية الحساسة.



ومع ذلك، فإن الحوسبة السحابية ليست ترفًا يمكن تأجيله. التأخر عنها يعني التخلف عن ركب التنافسية الإقليمية والدولية. لكن الاندفاع غير المحسوب قد يكلّفنا أكثر مما يمنحنا.



الخلاصة: السؤال لم يعد “هل نتبنّى الحوسبة السحابية؟” بل “كيف نتبنّاها؟”؛ كيف نضمن أن يكون الانتقال إليها قائمًا على شراكات مدروسة، وتشريعات حديثة، ورؤية سيادية تضع أمن الدولة ومصالحها العليا في المقام الأول.











طباعة
  • المشاهدات: 9910
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-06-2025 08:45 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم