02-03-2013 11:39 AM
سرايا - بداية نُعرف النظام الاقتصادي العالمي على أنه مجموعة القواعد الحاكمة للتفاعلات ذات الطبيعة الاقتصادية والمالية والمنظمة للمعايير والإجراءات والتوقعات ومن هذه المؤسسات المنظمة لهذه العملية البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي ، والعديد من المؤسسات المالية الدولية لمعايير السلوك المرتبطة بها والأفكار والسياسات المتعلقة بها .
وتستخدم بعض النظريات المتخصصة بدراسة التفاعل بين القوة المادية وقوة الأفكار كذلك دراسة تفاوت هيكل القوة داخل النظام وكيف يتم تطوير او تصعيد قيم معينة انسجاماً مع الاتجاه القوي المؤثر داخل النظام او تفعيلها انتقائياً تجاه بعض الاتجاهات او الأطراف المؤثرة في كثير من الحالات ، لذلك فان المناخ الدولي خاصة عقب انتهاء الحرب الباردة بسنوات سمح ببروز قيمة الديمقراطية في ابعادها الاجرائية .
وأفرز ذلك منظومة الأفكار والسياسات تحت المظلة الفكرية لمفهوم الحكم الرشيد التي تبناها البنك الدولي وصمم في أطارها برامج المشروطية السياسية ربطت بين الحصول على المعونة ومدى اتباع الدول المتلقية للمعونة سياسات اقتصادية وسياسية تربط بين برامج التحرر الاقتصادي والسياسات المستحدثة المرتبطة بمكافحة الفساد او الاصلاح السياسي والمؤسسي والاداري .
مما يترتب حدوث كثير من التوقعات المتباينة عند تطبيق هذه الشروط على دولة ما سواء كان ذلك أثناء التطبيق ايجابياً او سلبياً أي ان هناك انحرافات كثيرة سياسية او اجتماعية او اقتصادية او فكرية عند تطبيق ذلك على دولة ما .
والدول التي لا تطبق هذه السياسات المشروطة عالمياً سوف تخضع لعقاب أي توقيع عقوبات مادية مباشرة او الحرمان من مزايا اقتصادية او مادية بعينها .
وسوف يتم تقديم حوافز مادية للدول حديثة التحول نحو الديمقراطية الحقيقية والا سوف تبقى تحت مظلة المعونة الدولية المتذبذبه حسب العلاقات بين الداخل والخارج وتبقى العلاقة غير متكافئة بحيث يكون اتجاه التأثير في الغالب من الخارج الى الداخل اي ان المؤسسات المالية المعنية بتطبيق سياسة الدعم تكون بمثابة الوسيط للعلاقة بين النظام الدولي والدول المتلقية للمعونة أي أنها ليست قناة محايدة أي تتمتع بنفوذ وتأثير تترتب عليه تداعيات مختلفة .
ولقد تبنت هذه السياسات المشروطة عدة أمور أهمها التعددية السياسية والحزبية في العديد من الدول النامية شديدة الاعتماد على المعونة وترتبط هذه المساعدات بخطط الاصلاح الاقتصادي المرتط بالعديد من السياسات الاجرائية منها محاربة الفساد واجراء الانتخابات بأنواعها بكل حرية وشفافية والتخفيف من قوة الهيمنة الفوقية للحكومات على السياسات الاجتماعية والاقتصادية المتحررة وفق الضوابط والسلوكيات الرسمية ومراقبة آليات اعتماد واتخاذ القرارات الاقتصادية والسياسية كل ذلك يفرض من قبل النظام العالمي والذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية ( وبعض الدول التي تقع تحت مظلتها ووصايتها ) من أجل تأمين مصالحها الاستراتيجية .
وفي حال تعرض هذه المصالح الاستراتيجية لأي خطر مهما كان نوعه فان برنامج المعونة او المساعدات المالية لهذه الدول سوف لن يكون محايداً بل سيكون معوقاً ضد الدولة المستفيدة لتعارضها مع مصالح الدول العالمية .
أي أن الديمقراطية التي نتحدث عنها هي بالواقع ديمقراطية اقتصاد سوق ، وأن تأثير العامل الاقتصادي الخارجي اذا تحدثنا أكثر وضوحاً يكون له دور كبير في تفكيك الأنظمة الحاكمة حسبما يقرر نسبة سلطويتها على شعبها او يعمل على دعم الزخم بأتجاه اطلاق عملية الانفتاح السياسي باتجاه معاكس للنظام الحاكم والتي تعد أكثر تعقيداً عن النتائج المترتبة على ذلك .
حيث ان هذا النظام العالمي يستخدم طرق وأساليب قسرية من خلال وقف المساعدات والمعونات المالية عن هذه الدولة بالاضافة لوقف او تخفيف المساعدات الأخرى من الدول لتكون بذلك شكلت ضغطاً كبيراً من كافة النواحي المالية والعينية على هذه الدولة وبالتالي ستكسب المعارضة قوة داخلية كبيرة تطالب بإجراءات اصلاحية سياسية واقتصادية واجتماعية لعدم مقدرة الدولة على تأمين متطلبات الحياة المعيشية كذلك تعمل هذه الدول الكبرى على سياسة الانكشافية في تكشيف العديد من قضايات الفساد او التلاعبات المالية او كشف حسابات مالية خارجية لمسؤولين في سلطة هذه الدولة مما يثير حفيظة قوى المعارضة والشارع السياسي والشعبي والانعكاس السلبي على سمعة النظام وتدخل في سياسة رأس المال التفاوضي المتغير وفقاً لحسابات الموقف والقدرة على المساومة وتضحية الدولة المتلقية للمعونة بكثير من الأمور سواء بعلاقاتها مع الدول المجاورة لها او تنازلات من السلطة او الحكومات لسياسات اكثر انفتاح ديمقراطي نحو التعددية الحزبية والشفافية الانتخابية وفرز معارضة حقيقية تتمتع باستقلال فكري وحماية بالإضافة الى ان هذه الدول العظمى تستطيع فرض اتفاقيات على هذه الدول تتعلق بالقيم المجتمعية وتفكيك النسيج الاجتماعي والقيم الدينية مثل اتفاقية سيداو وغيرها من الاتفاقيات من خلال المنظمات الدولية المتعلقة بالطفولة والمرأة وحقوق الانسان وغيرها .
اي ان الدول النامية تتعرض لسلطة المنح والمنع والتأثير التغيري المباشر بسياسات هذه الدول الداخلية والخارجية وأثر التلاعب بالأفكار من خلال البوابات التقنية للكمبيوتر وغيره وما غالبية هذه الحراكات سواء السياسية او الدينية الا بتوجيهات خارجية تحمل في طياتها أجندات خاصة وان هذه الحراكات ليست في غالبيتها شعبية وطنية والواقع والدليل يثبت ذلك من خلال من يقود هذه الحراكات وتاريخهم السياسي والديني ومصادر الدعم المالي ولن يكون الضحية سوى المواطنين والشباب المتفاعلين معهم بعفوية ، الشباب الباحث عن عمل لتحسين مستوى المعيشة .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com