حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,2 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2857

الْبُيُوتُ أَخْبَارٌ

الْبُيُوتُ أَخْبَارٌ

الْبُيُوتُ أَخْبَارٌ

09-11-2024 02:04 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : هِبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ
إِنَّهَا السَّاعَةُ السَّابِعَةُ صَبَاحًا بِتَوْقِيتِ الْأُرْدُنِّ ، وَبِتَوْقِيتِي أَنَا وَلِلْأَسَفِ إِنَّهُ يَوْمَ إِجَازَتِي ، كَيْفَ يَحْصُلُ ذَلِكَ ! مَا هَذَا ؟! اسْتَيْقَظَ السَّاعَةَ السَّابِعَةَ صَبَاحًا فِي يَوْمِ الْإِجَازَةِ ، وَاَللَّهُ أَكَادُ أَجْزَمُ أَنَّنِي مِنْ سَابِعِ الْمُسْتَحِيلَاتِ أَنْ أَفْعَلَهَا فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ عَمَلِي ، أَصْبَحَتْ أَنْدَبُ حَظِّي عَلَى الَّذِي حَصَلَ .

وَبَيْنَمَا أَنَا أُعَاتِبُ نَفْسِي وَ أَتَذَمَّرُ ، شَاهَدْتُ مَنْظَرَ إِزْدِحَامِ الْغُيُومِ فِي السَّمَاءِ أَذْكُرُ مَرَّةً سَمِعْتُ مِنْ زَمِيلٍ لِي يَعْمَلُ فِي نَشْرَةِ الطَّقْسِ الْجَوِّيَّةِ أَنَّ الْغُيُومَ الْكَثِيرَةَ فِي السَّمَاءِ ، تَعْنِي أَنّهُ سَيَكُونُ هُنَاكَ أَمْطَارٌ ، وَإِذَا وُجِدَتْ غَيْمَةٌ بُرْتُقَالِيّةٌ فِي الصَّبَاحِ ، فَهَذَا يَعْنِي أَنَّهَا سَتُمْطِرُ الْيَوْمَ وَبِالْفِعْلِ كَانَتْ مَوْجُودَةً ، وَاَلَّذِي يَتَسَائَلُ إِذَا ظَهَرَتْ عِنْدَ الْغُرُوبِ ، فَهَذَا يَعْنِي أَنّ الطَّقْسَ سَيَكُونُ جَيّدًاً جِدّاً فِي الْيَوْمِ التَّالِي.

وَبِمَا أَنَّنِي مِنْ عُشَّاقِ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَطُقُوسِهِ، قَرَّرْتُ أَنْ أَقُومَ بِتَحْضِيرِ كُوبٍ مِنْ النُّسْكَافِيَّةِ السَّاخِنَةِ وَ الْجُلُوسِ عَلَى شُرْفَةِ الْمَنْزِلِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْأَجْوَاءِ الشَّتْوِيَّةِ .

وَبِالْفِعْلِ قُمْتُ بِتَحْضِيرِ كُوبٍ مِنَ النُّسْكَافِيَّةِ وَجَلَسْتُ اسْتَمْتَعَ بِالْأَجْوَاءِ الشَّتْوِيَّةِ الَّتِي بَدَأَتْ تُدَاعِبُ قُلُوبَنَا بِرْقَةَ وَحَنِيّةٍ وَاشْتِيَاقٍ.

وَأَنَا كَذَلِكَ رَأَيْتُ جَارِيَ يَتَمَشَّى فِي الْأَرْجَاءِ ، فَعَزَمْتُهُ لِلْجُلُوسِ مَعِي بِرُفْقَةِ كُوبٍ مِنْ النُّسْكَافِيَّةِ وَأَجَابَنِي عَلَى الْفَوْرِ .

جَلَسْنَا نَتَبَادَلُ أَطْرَافَ الْحَدِيثِ ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى هَذِهِ الْبُيُوتِ وَالنَّوَافِذِ وَقُلْتُ لَهُ : اُنْظُرْ كَيْفَ أَنَّ أَبْوَابَ هَذِهِ الْبُيُوتِ مُغْلَقُهُ بِإِحْكَامٍ وَكَيْفَ هِيَ نَوَافِذُهَا مُغَطَّاةٌ وَكَأَنَّهَا أَشْرِعَةُ سَفِينِهِ لَا يَسْتَطِيعُ الْهَوَاءَ وَلَا حَتَّى الضَّوْءِ اخْتَارَقَهَا !

بِالْفِعْلِ كُلُّ بَيْتٍ لَهُ حِكَايَةٌ وَ صِدَقَ مَنْ قَالَ : " الْبُيُوتُ أَسْرَارٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ أَصْحَابُهَا " .

نَظَرَ إِلَيَّ جَارِي نَظْرَةٍ يَمْلَؤُهَا الدَّهْشَةُ مَمْزُوجَةً بِالسُّخْرِيَةِ قَائِلًا :- أَنْتَ يَا جَارِي لَا تُوَاكِبُ الْعَصْرَ وَتَحْدِيدًا " مَوَاقِعَ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ " ..

قُلْتُ لَهُ مُتَعَجِّبًا :- وَلِمَاذَا ؟!

رَدٌّ بِكُلِّ سُخْرِيَةٍ :- لِأَنَّكَ تَقُولُ الْبُيُوتُ أَسْرَارٌ وَهِيَ عَكْسُ ذَلِكَ تَمَامًا بَلْ هِيَ أَخْبَارٌ .

قُلْتُ مُتَعَجِّبًا :- كَيْفَ أَخْبَارٌ !! أَنَا لَا أَتَّفِقُ مَعَكَ بِذَلِكَ إِطْلَاقًاً ، لَا أَحَدَ يَطْلِعُ الْآخَرُ عَلَى أَسْرَارِ بَيْتِهِ وَأَنْتَ تَقُولُ أَخْبَارٌ ، كَيْفَ ذَلِكَ!!

رَدَّ بِكُلِّ هُدُوءٍ وَثِقَةٍ :- سَنَعْلِبُ أَنَا وَأَنْتَ لُعْبَةٌ مَا رَأْيُكَ ؟ أَنْتَ تَقُومُ بِاخْتِيَارِ الْبَيْتِ ، وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَسْرَارُهُ ، لَيْسَ لِأَخْبَارِكَ أَوْ أُشَارِكُكَ مَعْلُومَاتِهِمْ ، بَلْ فَقَطْ لِتَتَأَكَّدَ بِنَفْسِكَ .

بِالْفِعْلِ وَافَقَتْ مُتَحَدِّيًا لَهُ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ :- حَسَنًا ، هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي لَوَّنَ بَابَهِ مُغَطًّى بِاللَّوْنِ الْأَزْرَقِ ؟

قَالَ :- صَاحِبُ هَذَا الْبَيْتِ قَامَ بِفَتْحِ بَثٍ عَلَى مَوْقِعِ التِّيكِ تَوكْ وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَدْ رُفِضَ مِنْ الْعَمَلِ ، عَلَى مَا أَتَذَكَّرُ قَالَ أَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِالْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَكَانَ يَتَقَاضَى بِالشَّهْرِ مَبْلَغَ حَوَالَيْ 500_600 بِهَذَا الْقَدْرِ ، وَبَعْدَ ذَلِكَ شَعْرٌ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ أَنَّ صَاحِبَ الْعَمَلِ لَا يَسْتَحِقُّ جَهْدَهُ وَلَا يَسْتَاهِلُهُ ، فَأَصْبَحَ كَارِهًاً لِعَمَلِهِ وَطَلَبَ رَفْعِ الرَّاتِبِ ، فَرَفَضَ صَاحِبُ الْعَمَلِ، فَأَصْبَحَ بِلَا عَمَلٍ .

فَقُلْتُ لَهُ مُتَسَائِلًا :- كَانَ يَعْمَلُ ؟ أَمَّا الْآنَ فَهُوَ بِلَا عَمَلٍ !

فَاجَأَبْنِي:- نَعَمْ صَحِيحٌ ، الْآنَ هُوَ بِلَا عَمَلٍ لِلْأَسَفِ.


قُلْتُ : حَسَنًا وَهَذَا الْبَيْتُ ؟ نَافِذَتُهُ مُغَطَّاةٌ بِغِطَاةٍ مُشْجَرٍ بِاللَّوْنِ الْأَزْرَقِ وَالْأَبْيَضِ ؟


كَانَ مُبْتَسِمًا ابْتِسَامَةً غَرِيبَةَ الْمَلَامِحِ قَائِلًا:- هَذِهِ الْمَرْأَةُ غَرِيبَةُ الْأَطْوَارِ ، قَامَتْ بِنَشْرِ قِصَصٍ عَلَى بَرْنَامَجِ سِنَابْ شَاتٍ تَتَحَدَّثُ لِمُتَابِعِيهَا وَمُتَابِعِينَ مُتَابِعِيهَا وَهَكَذَا ، أَنَّهَا إِمْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ عِنْدَمَا جَاءَهَا مَوْلُودٌ لَمْ يُقَدَّمْ لَهَا زَوْجُهَا بِمُنَاسَبَةِ الْوِلَادَةِ أَيَّ شَيْءٍ ،

وَأَنَّهَا تَشْعُرُ أَنْ لَيْسَ لَهَا قِيمَةً عِنْدَهُ .

فَعِنْدَمَا جَاءَ زَوْجُهَا ظُهْرًاً إِلَى الْبَيْتِ ، وَجَدَهَا غَاضِبَةً بِسَبَبِ ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ فَتَشَاجَرَا ، وَتَلَاسَنَا ، وَاصْطَدَمَا ، فَطَلَّقَهَا.


فَطَأْطَأْتُ رَأْسِي وَ وَجْهِي يَمْلَؤُهُ الْحَسْرَةُ وَبِصَوْتٍ حَزِينٍ قُلْتُ لَهُ :- وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي يَجْلِسُ فِي حَدِيقَتِهِ ، تَحْدِيدًا لَوْنَ سِيَاجِهِ بُنِيَ ، أَيْضًا فَتَحَ بَثًا عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الْإِجْتِمَاعِيِّ وَشَارَكْنَا أَسْرَارَهُ ؟

رَدَّ فِي الْحَالِ قَائِلًا :- لَا هَذَا لَمْ يُفْتَحْ بَثٌّ .

قُلْتُ لَهُ : الْحَمْدُ اللَّهَ .

رَدَّ مُتَأَسِّفًا :- لَكِنْ لِلْأَسَفِ قَامَ بِمُشَارَكَةِ مَنْشُورٍ عَلَى الْفِيسْ بُوكْ وَكَتَبَ فِيهِ : ( أَنَّ أَبًاً قَضَى عُمْرَهُ بِأَكْمَلِهِ لِأَبْنَائِهِ ، فِي تَعْلِيمِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ وَتَأْمِينِ مُسْتَقْبَلِهِمْ ، وَهُمْ لَمْ يَقُومُوا بِزِيَارَتِهِ كَثِيرًا، بِحُجَّةِ الظُّرُوفِ لَا تَسْمَحُ ) ، فَصَفْو قَلْبِهِ مُعَكِّرٌ بِسَبَبِ عُقُوقِ ابْنِهِ .


نَظَرْتُ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى الْبُيُوتِ ذَاتِهَا وَقُلْتُ لَهُ :- أَتَعْلَمُ ، بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْكَلَامَ أَشْعَرُ لِوَلْهَةٍ أَنَّ هَذِهِ الْبُيُوتَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْتٍ صَغِيرٍ وَأَبْوَابِ غُرَفِهِ مَفْتُوحَةٌ عَلَى بَعْضِهَا الْبَعْضِ ، لِلْأَسَفِ.

كُنْتَ مُحِقًّا، عِنْدَمَا قُلْتَ لِي أَنِّي لَمْ أُوَاكِبْ الْعَصْرَ.

لِأَنَّنِي لَوْ وَاكَبْتُهُ ، لَقِمْتُ بِتَغْيِيرِ هَذِهِ الْمَقُولَةِ ( الْبُيُوتُ أَسْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ تَحْدِيثُهَا بِالْفِعْلِ إِلَى ( الْبُيُوتِ أَخْبَارٌ ) لِلْأَسَفِ .

فَالْبُيُوتُ أَمَانُ أَصْحَابِهَا وَجُدْرَانُهَا هِيَ الْمَسَافَةُ الْآمِنَةُ لَنَا مِنْ هَذَا الْعَالَمِ .








طباعة
  • المشاهدات: 2857
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
09-11-2024 02:04 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم