سرايا - مهند الجوابرة - في غزة فقط تتسبب مناظر وداع الأحبة والشهداء بشقوق في قلوب العرب والمسلمين المتابعين للأحداث من شتى أصقاع الأرض ، وتدمي هذه المناظر أرواحنا قبل أرواحهم ، وتتخذ بعض هذه المناظر صوراً أيقونية ستبقى خالدة في قلوبنا وقلوب أهل قطاع غزة أمداً طويلاً وستترك في ذاكرتنا أثراً لن تمحوه الأيام أو الأعوام المتتابعة .

ومن هذه الأيقونات صورة شيخ غزي يحتضن حفيدته الشهيدة النائمة ، يقبلها ويضمها ويداعب خدها المصاب من أثر قصف بني صهيون ، ثابت كالجبال ، يصارع دموعه كيلا تسقط وتنهمر على وجهه الشاحب حزناً وكمداً على فراق محبوبته ومدللته الصغيرة عمراً والكبيرة قدراًً ومكانة عند رب الأرباب .

 ظهر الشيخ صابراً محتسباً تركع أمامه الهموم خجلاً من صموده وتخر له المصائب إجلالاً لحجم يقينه بأن هذا الابتلاء ماهو إلا قدر أهل غزة وجبابرتها ، قدرهم أن يثبتوا في زمن الاهتزاز وأن يقاوموا في زمن التطبيع وأن يقارعوا أعتى جيوش العالم وأكثرهم تسليحاً بأجسادهم العارية .

ظهر الشيخ متردداً في كل مرة يُطلب منه أن يضع حفيدته مهجة عينيه على منصة التكفين ، بخيلاً في منحها للكفن وقبر يضمها ، كريماً في منحها آخر ما تبقى من عاطفته وحنانه وحبه في مشهد الوداع ، تردد كثيراً لكنه استسلم أخيراً وطرزها على منصة التكفين نجمة تضيئ سماء غزة بشهيد آخر وطير آخر من طيور الجنة .

هذا الشيخ لم يفقد حفيدته فقط ، إذ فقد هذا الشيخ تقريباً جميع أسرته في القصف النازي الغاشم على بيته ، ودع جميع أسرته وأبناءه الصغار ، لكن مشهد وداع حفيدته يخبر من يراه بما يحمله هذا الشيخ في قلبه لآخر حفيدة رزقه الله بها ، يخبرك بحقيقة أن آخر الأطفال لهم مكانة خاصة في الحياة وأخرى في الممات .

"هاي روح الروح ، شو مابدها حاجات أنا بجيبلها" ، بهذه الكلمات اختتم الشيخ مشهداً من أعظم مشاهد الوداع في هذا العدوان على غزة ، بهذه الكلمات رد الشيخ على عدسة الكاميرا التي بكت وهي توثق هذ الكم الهائل من جرائم الاحتلال بحق المدنيين ، بهذه الكلمات ودع الشيخ حفيدته وأودعها كفنها لتنتهي قصة وفائه لها في الدنيا وتبدأ معها قصة التفكير بلقائها في الآخرة .

• إقرأ أيضاً : فلسطينيون يعدمون شخصين في مخيم طولكم بعد ثبوت عمالتهما .. فيديو
• إقرأ أيضاً : بالفيديو .. جرافات الا.حت.لا.ل تقوم بأعمال تخريب داخل مخيم عسكر الجديد شرقي نابلس
• إقرأ أيضاً : بالفيديو .. "الأسرى الفتية الذين تحرروا من سجون الاحتلال بصفقة الم.قاومة الأولى يؤدون سجدة الشكر فور تحررهم من المعتتقلات"