حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,2 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1532

اصْنَعْ وَاقِعَكَ

اصْنَعْ وَاقِعَكَ

اصْنَعْ وَاقِعَكَ

02-08-2022 11:29 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : هِبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ
‎ قَالَ الشَّاعِرُ " إِنَّ الْبِطَالَةَ تَخْنُقُ الْإِنْسَانَ
‎تَجْعَلُهُ يُحِسُّ بِأَنَّهُ دُونَ الْبَشَرْ " .

‎فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ السُّنِّيِّينَ ، شَهِدَتْ الْحَيَاةُ عَلَى مِيلَادِ أَطْفَالٍ ، لَكِنَّهَا لَمْ تَشْهَدْ فَقَطْ عَلَى مِيلَادِهِمْ بَلْ شَهِدَتْ أَيْضًاً عَلَى طُمُوحَاتِهِمْ وَ آمَالِهِمْ وَ أُمْنِيَاتِهِمْ الَّذِينَ خَلِقُوا مِنْ أَجْلِهَا ، نَاهِيكَ عَنْ الْهَدَفِ الْأَوَّلِ وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَ أَمَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِإِعْمَارِ الْأَرْضِ ، يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) هُودٌ، آيَةٌ 61


‎وَ لَكِنَّنِي أَتَسْأَلُ هَلْ يُمْكِنُنِي أَنْ أَضَعَ " أُمْنِيَاتِي ، وَ طُمُوحَاتِي وَ آمَالِي " تَحْتَ مُسَمَّى عِمَارَةَ ، أَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ تَحْتَاجُ إِلَى تَطْبِيقٍ فِعْلِيٍّ وَ لَا تُبْنَى ، وَهِيَ فَقْظٌ مَحْضُ الْخَيَالِ نَعَمْ وَ بِالتَّأْكِيدِ هَذَا صَحِيحٌ ، لَكِنَّنِي أَنَا أَحْلُمُ مُنْذُ كُنْتُ طِفْلًاً صَغِيرٌ ، كُنْتُ أَحْلُمُ أَنْ أَكُونَ طَيَّارًاً ، وَ أَخِي كَانَ يَحْلُمُ أَنْ يَكُونَ مُهَنْدِسًاً وَ صَدِيقِي كَانَ يَحْلُمُ أَنْ يَكُونَ مُحَامِيًاً ، وَ كَبُرَتْ مَعَنَا أَحْلَامُنَا وَ وَصَلْنَا " الثَّانَوِيَّةَ الْعَامَّةَ " وَ نَحْنُ نَكُدُّ وَ نَتْعَبُ وَ نَجْتَهِدُ حَتَّى نَصِلَ لِأَحْلَامِنَا ، وَ كَمْ كُنَّا فَرِحِينَ أَنَّنَا اقْتَرَبْنَا مِنْ تَحْقِيقِ أَحْلَامِنَا رُوَيْدَاً رُوَيْدَاً ، وَ بِالْفِعْلِ عِنْدَمَا أُعْلِنَ قَبُولُنَا فِي الْجَامِعَاتِ وَ بِتَخَصُّصَاتِ ِأَحْلَامِنَا، أَصْبَحَ الْعَالَمُ بِأَسْرِهِ صَغِيرًاً عَلَيْنَا مِنْ شِدَّةِ الْفَرْحَةِ وَ اقْتِرَابِ الْأَمَلِ ، كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى أَسْوَارِ جَامِعَتِنَا وَ نَتَبَادَلُ الْأَحَادِيثَ الْخَيَالِيَّةَ ، أَنَا أَقُودُ الطَّائِرَةَ بِاحْتِرَافٍ وَ سَأَذْهَبُ إِلَى مَوْعِدِ رِحْلَتِي وَ كَأَنَّنِي ذَاهِبٌ إِلَى مَحْبُوبَتِي " بِلَهْفَةٍ وَ اشْتِيَاقٍ " .


‎وَكَيْفَ لَا تَكُونُ مَحْبُوبَتِي وَأَنَا انْتَظَرْتُهَا مُنْذُ الصِّغَرِ وَ أَحْلُمُ بِهَا .

‎أَحْلُمُ أَنْ أُمْسِكَ مِقْوَدَهَا بِهَاتَانِ الْيَدَانِ وَ أَحْلِقَ وَ أَحْلِقَ فِي أَعَالِي السَّمَاءِ وَ أَغُوصُ بَيْنَ الْغُيُومِ ، قَاطَعَنِي أَخِي وَقَالَ لِي " أَمَّا أَنَا سَيُطْلَقُ الْعَالِمُ بِأَسْرِهِ لَقَبَ " الْبَاشَا مُهَنْدِسٍ " وَ سَأَقُومُ بِإِنْشَاءِ جِسْرٍ جَمِيلٍ، يُعْطِي مَنْظَرًا خِلَابًا لِلْمَارِّينَ وَ الرَّاكِبِينَ وَ يَشْعُرُونَ بِرَوْعَةِ الْمَنْظَرِ ، خَاصَّةً فِي اللَّيْلِ حَيْثُ النُّجُومُ تَتَلَأْلَىءُ فِي عَتَمَةِ اللَّيْلِ وُضُوءَ الْجِسْرِ بِجَمَالِ إِنْشَائِهِ يَبْهَرُ الْعَالَمَ بِتَصْمِيمِهِ وَ يُخَفِّفُ الْأَزْمَةَ لِلْمَارَّةِ وَيَصِلُونَ إِلَى أَعْمَالِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ ، الْأَمَاكِنَ الَّتِي يُرَدُّونَهَا بِكُلِّ سَلَاسَةٍ وَ يُسْرٍ وَ يَقُولُونَ بَيْنَ أَنْفُسِهِمْ " مَا أَعْظَمُكَ أَيُّهَا الْمُهَنْدِسُ " ، نَظَرَ صَدِيقِي إِلَيْنَا نَظْرَةً فِيهَا سُخْرِيَةٌ وَ يَعْلُوهَا الْغُرُورُ وَقَالَ " أَنْتُمْ سَتَكُونُونَ بَعِيدِينَ عَنْ النَّاسِ وَ مَشَاكِلُهُمْ سَتَكُونُونَ بَعِيدِينَ كُلِّ الْبُعْدِ عَنْ آلَامِهِمْ وَ مَشَاكِلِهِمْ الَّتِي لَنْ تَنْتَهِيَ ، سَأَكُونُ أَنَا سَنَدَهُمْ وَ الْمَدَافِعُ عَنْهُمْ بَعْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، سَأَجْلِبُ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ وَ أَكُونُ أَنَا الْيَدُ الَّتِي تُمَدُّ لَهُمْ عِنْدَ الْوُقُوعِ ، وَ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ نَظْرَةً كَانَتْ تَمْلَأُهَا الطُّمُوحُ وَ تُمَنِّي هَذَا الْيَوْمَ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ ،وَثَبْنَا عَلَيْهِ أَنَا وَأَخِي وَثْبَةُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَأَخَذْنَا نَضْرِبُهُ بِسُخْرِيَةٍ وَهُوَ يَضْرِبُ بِنَا وَ ضَحِكَاتُنَا كَانَتْ تَمْلَئُ الْمَكَانَ .

‎كُنَّا نَتَصَارَعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ مِنَّا مِهْنَتُهُ أَفْضَلُ وَ أَجْمَلُ وَ تَخْدِمُ النَّاسَ أَكْثَرَ .
‎كَانَ أَكْبَرَ هَمِّنًا " الِامْتِحَانُ الْفُلَانِيُّ ، الدُّكْتُورُ الْفُلَانِيُّ ، مَوْعِدُ الِامْتِحَانِ لَا يُنَاسِبُنَا ، جَدَاوِلَ الْمُحَاضَرَاتِ ، الشَّعْبُ الْمُغْلَقَةَ ، مُعَدَّلُنَا " ، وَلَكِنْ كَانَ الْهَمُّ الْأَكْبَرُ مِنْ بَيْنِهِمْ "
‎مَتَى أَتَخَرَّجُ " وَ أَذْهَبُ إِلَى سُوقِ الْعَمَلِ .
‎وَأَتَى الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ " يَوْمَ التَّخَرُّجِ " هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كُنَّا نَحْلُمُ فِيهِ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ ، هُوَ الْآنَ بَيْنَ أَيْدِينَا ، لَقَدْ أَنْجَزْنَا ، نَعَمْ وَصَلْنَا إِلَى طُمُوحِنَا وَ نُحْمِّلُ الْآنَ بِيَدَيْنَا " شَهَادَتُنَا " ، تُثْبِتُ أَنَّنَا حَقَّقْنَا طُمُوحَنَا .
‎وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ طَلَبٍ وَ تَقْدِيمِ الْوَظِيفَةِ ، شَعَرْتُ بِشَيْءٍ غَرِيبٍ ، لَا أَعْلَمُ مَا هُوَ وَ لَكِنَّنِي صَدَمْتُ ، تَابَعْتُ الْبَحْثَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَ الثَّالِثَ ... حَتَّى امْتَدَّتْ إِلَى سَنَتَيْنِ ، أَصْبَحَ الْأَمَلُ الَّذِي كَانَ كَالْجَبَلِ يَتَلَاشَى شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى أَصْبَحَ بِمِقْدَارِ النَّمْلَةِ ، هُنَا أَيْقَنْتُ أَنَّ شَهَادَاتِي عِبَارَةٌ عَنْ " كَرْتُونَةٍ " تُعَلَّقُ عَلَى جُدْرَانِ مَنْزِلِي ،وَيَجِبُ أَنْ أَتَخَلَّى عَنْ حِلْمِي الْآنَ حَتَّى أُسَاعِدَ أَبِي وَ أُخَفِّفَ عَنْهُ مُتَطَلَّبَاتِ الْحَيَاةِ الَّتِي أَثْقَلَتْ ظَهْرَهُ ، أَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّهُ بِسَبَبِ قَرَارَي هَذَا سَتَدِبُّ الْحَسْرَةُ فِي قَلْبِ أُمِّي وَ يَتَضَايَقُ صَدْرُ أَبِي ، لَكِنَّ السَّبَبَ لَيْسَ مِنِّي ، إِنَّهَا الْبِطَالَةُ ،
‎وَلَوْ كَانَتْ الْبِطَالَةُ بِشَرَ لَقَتَلَتْهَا .

‎قَرَّرْنَا مُحَارَبَةَ ثَقَافَةِ الْعَيْبِ وَ تَأْجِيلَ تَحْقِيقِ أَحْلَامِنَا إِلَى إِشْعَارٍ آخَرَ فَعَمِلْتُ أَنَا سَائِقٌ " تِكْسِي " لِلْمُسَافِرِينَ وَ الْقَادِمِينَ ، وَ أَخِي عَامِلٌ فِي وَرْشَاتٍ هَنْدَسِيَّةٍ ، وَ صَدِيقِي
‎أَصْبَحَ بَيْتُهُ " مُدَرِّسَهُ " يَدْرُسُ فِيهَا طُلَّابُ الْمَدَارِسِ
‎مَوَادُّهُمْ الْمَدْرَسِيَّةُ .
‎لَكِنْ كَيْفَ هَذَا أَنَا أَتَحَوَّلُ مِنْ طَيَّارٍ " سَائِقٍ فِي الْجَوِّ إِلَى سَائِقٍ فِي الْبَرِّ ".
‎وَأَخِي مِنْ مُهَنْدِسٍ إِلَى عَامِلٍ فِي وَرْشَاتٍ هَنْدَسِيَّةٍ .
‎وَ صَدِيقِي مِنْ مُحَامِي إِلَى مُدَرِّسٍ خُصُوصِيٍّ .
‎وَلَكِنْ هُنَالِكَ تَسَآلُ : هَلْ نَحْنُ حَارَبْنَا طُمُوحَاتِنَا أَمْ حَارَبْنَا ثَقَافَةَ الْعَيْبِ ؟
‎تَذَكَّرْتُ بَيْتَ شِعْرٍ علمونا اياه في الصغر وَ لَكِنَّنِي لَمْ أَكْتَرِثْ بِهِ
‎"مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ ... تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ"
لَكِنْ لَمْ يَعْلَمُونَا بَاقِيَ الْقَصِيدَةِ :

تَجْرِي الرّيَاحُ كَمَا تَجْرِي سَفِينَتُنَا... ... نَحْنُ الرّيَاحُ وَنَحْنُ الْبَحْرُ وَالسّفُنُ

إِنّ الَّذِي يَرْتَجِي شَيْئًا بِهِمّتِهِ ... ... يَلْقَاهُ وَلَوْ حَارَبَتْهُ الْإِنْسُ وَالْجِنُ

فَاقْصِدْ إِلَى قِمَمِ الْأَشْيَاءِ تُدْرِكُهَا ... ... تَجْرِي الرّيَاحُ كَمَا رَادَتْ لَهَا السُفُنُ

الْبَيْتُ الْأَوَّلُ يَدْعُو لِلرّضَا بِالْوَاقِعِ
أَمّا بَقِيَّةُ الْأَبْيَاتِ فَتَدْعُوا لِصِنَاعَةِ الْوَاقِعِ.








طباعة
  • المشاهدات: 1532
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-08-2022 11:29 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم