بقلم : الدكتور محمود علي الحراحشه
اوكرانيا حينما نذكرها نذكر الغاز وامدادت الطاقة لنحر زمهرير الشتاء في اوروبا ، اوكرانيا مصدر الدفئ حيث تحتل اوكرانيا موقعاً استراتيجياً بالنسبة لروسيا ،لوجود مواقع جغرافية ذات اهمية فيها مثل: جزيرة القرم واقليم دونباس إضافةً انها منطقة عبور الغاز الروسي إلى اوروبا ، فيما انضمت إلى الاتحاد السوفياتي عام 1922.
اما جزيرة القرم والتي تقع على البحر الاسود وفيها اكبر ميناء لروسيا ومنفذها الوحيد الى البحار الدافئه و 58% من سكانها من الروس، اقليم دونباس الذي يمتلك الموارد الطبيعية ،كالفحم والحديد و ٤٠% من سكامنه من الروس، في حين خط الغاز الروسي يتسلل إلى اوروبا ، فيما يبلغ حجم التصدير الروسي إلى اوروبا ما يٌقارب 46% من إحتياجات اوروبا من الغاز وبمٌعدل 250 مليون م3 يومياً، اضافةً الى خط نورد ستريم٢ الذي يزود المانيا عبر البلطيق.
وبعد ان انهار الاتحاد السوفياتي اصبح العالم احادي القطبية وبسيطره امريكية منفردة وتوسع حلف الناتو وضم دول اوروبا الشرقية، والتي بدأت المحاولات الامريكيه بضم اوكرانيا للحلف عام 2008، ورغبة من اوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الاوروبي ،وهذا ما لم يطيب لروسيا بالمطلق لانه يعتبر تهديدا امنياً للدب الروسي.
وقامت روسيا ردا على ماقام به النايتو وما قامت به اوكرانيا باستعادة القرم عام 2014 بحجة حق تقرير المصير كونها اراضي روسية بالاصل ،واعلن بوتن ان القرم جزء لا يتجزأ من روسيا، وهذا العمل هو استثمار فوز لروسيا لنجاحها العسكري في جورجيا واستعادة اقليم ابخازيا و اوديسيا الجنوبية، عقب قتل جنود روس في جورجيا، وتمكنها من السيطرة على سوريا وبناء قواعد جوية وبحريه فيها وبذلك اصبحت في موقف غير ضعيف عقب ان حققت تلك الانتصارات وسيطرت على جزء من شرق المتوسط.
وفضلاً عن ذلك فقدقامت روسيا بدعم الانفصاليين في الدونباس ومدهم بالسلاح مرتكزه على تصريح الكرملن ان روسيا ملزمه بحماية السكان الروس اينما كانوا وخاصة شرق اوكرانيا، والحقت ذلك باجراء اقتصادي تعمدت فيه ابتزاز اوروبا من خلال تخفيض صادرات الغاز مما ادى لظهور مشكلة في الطاقه وخسائر اقتصادية في اوروبا.

ولم يطيب ذلل لامريكا : حيث قامت بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا وفصلها من المعاملات المصرفية الدوليه، وقامت بتشجيع اوروبا على اتخاذ بدائل عدة للغاز الروسي واهمها استيراد الغاز من جمهوريات اسيا الوسطى ، ومد خط غاز من قطر الي تركيا عبر سوريا وتوزيعه الى اوروبا، هذا العقوبات لم تُجدي نفعاً حيث اقدمت روسيا على عقد عشرات الاتفاقيات الاقتصادية مع الصين الحليف القديم للاتحاد السوفياتي وزادت روسيا على ذلك باستيراد الفائض من الغاز لدى جمهوريات الوسطى واخذت تعزز وجودها العسكري الجوي والبري والبحري في سوريا وبذلك وئدت فكرة خط الغاز القطري التركي.
ومع كل هذه التفاعلات فقد استمرت حالة التوتر بين البلدين بدعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا ومهددةً باحتلاله ورفضت الاقتراح الامريكي بارسال قوات اممية الى اوكرانيا واعلن البنتاغون ان امريكيا لن تقف على حياد ازاء التهديدات الروسية مما حدا بالكرملن بحشد اكثر من 100 الف جندي على اوكرانيا.
اليوم وبعد كل ما جرى من مماحكات فان من المستبعد ان تقدم امريكيا على خوض حرب في اوكرانيا خاصة بعد خسائرها في حروب الشرق الاوسط وافغانستان وانسحابها منها، فضلا عن انها لم تقوم باي عمل عسكري ضد الاعمال العسكرية الروسية في القرم وجورجيا وشرق اوكرانيا، وسوريا والموافقة على الموقف الروسي بالمحافظة على النظام السوري، ولم تعد روسيا البلد المنحل كما في تسعينيات القرن الماضي ،بل هي روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد الاتحاد السوفياتي بكل هيبتها العسكرية، اضافةً ان امريكيا منشغله في التفوق الاقتصادي الصيني في العالم الذي تسبب بخسائر فادحة للشركات الامريكية والاقتصاد الامريكي.
لما تقدم فالحرب مٌستبعده بل هي من باب الضغط وتحقيق المصالح والمطالب الروسية ، فضلا عن ان تصريحات الكرملن على لسان بوتين باستعداد روسيا للحرب والدفاع عن امنها القومي ، و بسلاح الردع اذا بلغ السيل الزٌبى، والخيار المثل بعدتحقيق المصالح هو حل دبلوماسي يرضي روسيا ، ولا يُستبعد ان العالم مُقبل على التعددية القطبية بعد ان نهض الدٌب الروسي من سٌباته .