حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 10673

أمجد المجالي يكتب رؤية في التعديل الوزاري ومخاطر المرحلة

أمجد المجالي يكتب رؤية في التعديل الوزاري ومخاطر المرحلة

أمجد المجالي يكتب رؤية في التعديل الوزاري ومخاطر المرحلة

01-03-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا -

 
   بعد أن استوت سفينة الحكومة على الجودي ، واستقر حالها على ما توافق عليه الرئيس ومن استشار ، وبعد أن غادر السفينة من غادر وعلاها من علا ، نرى من واجبنا اتجاه هذا الوطن العظيم أن نشير الى الهنات ومواقع الخلل والخوف ، من خلال نظرتنا الى الحقيقة بمعزل عن كل الرغبات التي تحكم ساحات التشكيل والتعديل السياسي الحكومي .

 

فالتشكيل والتعديل لا يمكن التعامل معهما على أساس أنهما سلعة تنزل الى السوق السياسية بالمزاد السري حينا والمزادات العلنية أحيانا أخرى ، فذلك يكرس الضعف والوهن في جسم الوطن ويخلق تناقضات بين شرائح سياسية ومجتمعية ويجعل من الجغرافيا والعشيرة عاملين وحيدين للاختيار بينما من الواجب أن تكون المصلحة العامة فوق كل اعتبار ، بل يجب أن يهدف التشكيل والتعديل الى خلق بيئة سياسية فاعلة قادرة على إزالة كل الدوافع والمحرضات التي قد تعصف بالأخلاق المجتمعية ، بل إن هدف التشكيل الحكومي يجب أن يرتكز على برامج لإزالة كل مظاهر التردي السياسي والأخلاقي والاجتماعي والقضاء على المظالم الاجتماعية وخلق جو عام ينهض بالشعب في كل مناحي الحياة .

 

ومن هنا فإن أي تشكيل أو إعادة تشكيل أو تعديل وزاري يجب أن تأخذ فيه الأوضاع السياسية والظروف الاقتصادية وباقي الشؤون الوطنية العاجلة منها والمؤجلة حيزا كبيرا من التفكير يسبق التفكير في اختيار الفريق الوزاري المؤهل والمتناغم والمنسجم القادر على الإنجاز في ظل الظروف العادية , فكيف يكون الحال في ظل المتغيرات والتحولات والأحداث المحلية والإقليمية والدولية التي تحاصرنا وتتمثل في االاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي أفرزتها حقبة الفريق الاقتصادي الليبرالي المتشدد من عجز كبير في الموازنة واختلالات في البرامج والمشاريع وفقر وبطالة وأتساع الفوارق الاجتماعية وتلاشي الطبقة الوسطى وفساد وأفساد وتراجع في عملية الإصلاح السياسي وتهميش للدور الأردني في الساحة الشرق أوسطية وغياب النظام الرسمي العربي وإعصار مالي واقتصادي عالمي قد تمتد إلينا ظلاله الثقيلة , وتوجه أمريكي للانسحاب من العراق وانقسامات وأنشقاقات في الصف الفلسطيني , وما تفرع عن غزو غزة من أيقاظ للأحلام الإمبراطورية لبعض الدول المحورية في الإقليم وبروز التيارات الدينية كقوة لا يمكن تجاهلها تعمل كرأس حربة في مواجهة أطماع إسرائيل في المنطقة والتصدي للغزو الثقافي الغربي ومشاريعه التفكيكية . والأهم من هذا وذاك أحياء الحلم الإسرائيلي الكبير بوصول اليمين الإسرائيلي المتطرف للسلطة بزعامة نتنياهو , هذا الرجل الذي جمع أوراق التطرف من جميع أطرافها وافتأت على الحقائق وأعتبر أن جذور الصراع العربي الإسرائيلي لا علاقة لها بالأساس بالأرض باعتبار أن هذه الأرض إسرائيلية مسلم بها وليس للفلسطينيين أية حقوق فيها وأحال جذور الصراع الى كراهية العرب للغرب لأن إسرائيل تنتمي الى الغرب بل هي جزء منه لذلك انتقلت الكراهية العربية الى اليهود كتحصيل حاصل , ناهيك عن البرنامج الذي ضمنه في كتابه ( مكان تحت الشمس ) الذي يركز فيه على أهمية احتفاظ إسرائيل بالعمق الاستراتيجي الحالي التي تمثله مناطق الضفة الغربية والجولان , فالضفة تمثل جدارا واقيا في مجال الدفاع عن إسرائيل والتخلي عنها كابوس أمني , وكذلك الأمر بالنسبة للجولان , وكلاهما أي الجولان والضفة يشكلان مجالا حيويا بالنسبة لإسرائيل خاصة فيما يتعلق بالمياه ، كما يعتبر أن مفتاح المستقبل لدولة إسرائيل ولحل كافة مشاكلها السكانية يكمن في هجرة اليهود الى إسرائيل الأمر الذي سيقود الى انفجار سكاني يشكل خطرا على عرب 48 وفق برنامج إسرائيل الرامي لتهويد الدولة العبرية وتهجير الشعب الفلسطيني من الضفة في إطار سياسة توسيع المستوطنات وبناء الجديد منها واستمرار الحصار على مدن الضفة وتحويلها الى جزر مستقلة يصعب العيش فيها . وواضح أن إصرار إسرائيل على التمسك بما احتلته من الأراضي سيجهض مشروع الدولة الفلسطينية ويقود بالتالي الى تصفية القضية الفلسطينية الأمر الذي يشكل خطرا مباشرا على الأردن . ولا يقف مشروع نتنياهو عند هذا الحد فهو وبكل صراحة يحدد شكل السلام الذي يسعى إليه والذي يستثني كليا إعادة الأرض المحتلة الى أصحابها الشرعيين ويكتفي بمبادلة السلام بالسلام على أن يكون ثمن التطبيع العربي الكامل ثمنا بخسا ، يقتصر على تبادل تجاري واستغلال للموانئ الإسرائيلية على البحر الأحمر وتعاون مائي وسياحة وسهولة وصول المواطنين العرب الى المؤسسات الطبية في إسرائيل وحصول الأطباء العرب على تأهيل مهني في إسرائيل .. هذا هو السلام الذي يريده نتنياهو .

  يتضح مما سبق أن حجم التحديات التي يواجهها الأردن لا تخيفنا ولا ترعبنا , فالأردن المنيع المحصن بثوابته ونظامه و إنسانه الأغلى قادر على التصدي وقادر على الردع , ومع ذلك علينا أن نعي أن هذه المخاطر لا تسمح لنا بالترف في الطرح ولا بالبقاء متفرجين , بل لابد لنا أن نعد العدة لأسوأ الاحتمالات حتى نكون مستعدين للتصدي لها وحماية المكتسبات الوطنية التي تم إرساؤها , ومن هنا علينا أن نعمل بجد واجتهاد وبكل إخلاص على تعزيز الجبهة الداخلية ضمن رؤى وطروحات مدروسة ومتناغمة مع المصلحة الوطنية ومن برامج عمل تتوافق مع المتطلبات الضرورية والملحة جدا , وأن تعمل على وضع الخطط والبرامج القابلة للتطبيق القريب في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , على أن يتصدر لوائح الإصلاحات إرساء مفاهيم الديمقراطية والتعددية التي لا يمكن ترجمتها عمليا إلا من خلال إعادة النظر بمنظومة التشريعات المتعلقة بالحريات العامة بما فيها قانون انتخابات جديد , والتأكيد على المشروع النهضوي القومي ورسالة الثورة العربية الكبرى المرفوضان من جانب فريق في هذه الحكومة على الرغم من كونهما من ركائز التجديد الضرورية الضامنة لشرعية الكيان والنظام واعتماد سياسات خارجية تخرجنا من دائرة الاصطفافات بحيث تحكمنا المصلحة الوطنية العليا التي تنسجم مع خصوصية الشعب الأردني ومشروعه القومي والخروج من دائرة البرامج الاقتصادية لليبراليين المتشددين وتبني مشاريع وبرامج تراعي الاعتبارات الاجتماعية والإنسانية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص .

  كما لابد من التصدي لبؤر الفساد والقضاء عليها نهائيا خاصة وأن هذا الملف أمسى من الملفات التي تثقل كاهل الأداء الحكومي وتثير الأقاويل في الشارع الأردني وتتعارض مع كل القيم الأخلاقية والإنسانية ، و تشكل عقبة كأداء تعترض مسيرة التنمية السياسية والاقتصادية ، وبالتالي فقد أصبح لزاما على الحكومة العمل على اجتثاث الفساد من جذوره ، في ظل تلك الظروف والمعطيات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي أوردناها سابقا والتوقعات بأن تفرز هذه المرحلة متغيرات كبيرة في نهجنا وسياساتنا من أهمها استبدال الفريق الاقتصادي الليبرالي المتشدد الذي أرهق موازنات الدولة عبر العقد الأخير من الزمن بفريق اقتصادي وطني يراعي كافة الاعتبارات وفي مقدمتها الاعتبارات الاجتماعية والإنسانية ، والعمل على اختيار وزراء سياسيين يتسمون بالكفاءة والقدرة على القيادة والتناغم و يتمتعون بمكانة مميزة و قواعد واسعة تؤهل الحكومة للتصدي لاستحقاقات المرحلة القادمة ، جاءت الولادة العسيرة للتعديل مغايرة لمعظم المعايير والمعطيات التي بنينا عليها آمالنا ، فرغم مكانة دولة الرئيس وكفاءة البعض واحترامنا للباقي ، لكن الحقيقة التي لاشك فيها أن القاعدة التي اعتمدت والتي تمثلت في تبادل الوزارات والإبقاء على فريق الإجندات واعتماد الجغرافيا والعشيرة دون الكفاءة لا يمكن أن تولد وزارة يحكمها التجانس والانسجام قادرة على تحمل المسؤوليات في دوامة الأعاصير والعواصف التي ستجتاح المنطقة ، خاصة بعد أن بدأت ملامح المتغيرات الإقليمية تتضح أكثر من أي وقت مضى ، وما التطورات التي حصلت في إسرائيل في الآونة الأخيرة والتصريحات التي صعدت على سطح الأحداث هناك إلا مؤشر واضح على مدى الخطر الذي يحدق بالنظام العربي بشكل عام والأردن بشكل خاص . ومن هنا فإن المهام المنوطة بالحكومة لن تكون كما درجت عليه العادة سهلة وطبيعية لذلك فإننا سنكون بحاجة الى فريق قادر على صناعة القرار مهما كان القرار صعبا ، والخروج ببرامج سياسية واقتصادية وإعلامية متطورة قادرة على الرد على كل الأصوات التي ترددت والتي ستتردد في الفترة المقبلة وسيكون من صلب مهامها ترجمة السياسات التي تدعم موقف الأردن الوطني وتبني على توجهات القيادة الأردنية .


إن ما نكتبه وما ننبه منه ليس نظرة افتراضية أساسها النزوع الى التطرف في الطرح ، أو انعكاس لهوى في النفس ، بل إننا ننبه مما نراه ونستشعره ويراه ويستشعره كل المخلصين المتنبهين للأخطار المحدقة بالوطن ، والواعين الى ضرورة الإصلاح الداخلي ، وقد يغيب ذلك عن أعين الغارقين في مسائل التشكيل والتوزير والتعديل باستمرار فالوطن ليس حقيبة ونحن لسنا مسافرون.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 10673
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
01-03-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم