07-10-2020 09:16 AM
سرايا - حصار متواصل تفرضه جائحة «كورونا» منذ انتشارها على قطاع الفنون عموما، والفن
التشكيلي خصوصا، أدى إلى قطع العلاقة الوجاهية/ التفاعلية بين الفنان وأعماله من
جهة، وبينه وبين المتلقي من جهة أخرى.
وفي ظل هذا الواقع، لم تجد دور العرض (الجاليريهات) سبيلا لتجاوز الأزمة سوى إقامة
معارض «عن بعد» عبر منصاتها؛ وهي معارض لا تؤدي الدور المطلوب، لوجود فرق شاسع
بين المعرض الذي يرتاده الجمهور متفاعلاً مع الفنان وجماليات لوحاته، وبين العرض عبر
شبكات التواصل الاجتماعي والتي تفتقر للتفاعل الحيوي أو الوجاهي.
قضايا متشعبة يناقشها هذا الاستطلاع الذي يشارك فيه مختصون في الفن التشكيلي،
ملقياً الضوء على الواقع الصعب الذي يعانيه هذا القطاع والذي تجاوز مسألة التفاعل، إلى
أزمة اقتصادية خانقة تهدد وجود العديد من دور العرض التشكيلي.
الجالوس: قاعات العرض تعاني
قال مدير جاليري القاهرة عمّان الفنان التشكيلي محمد الجالوس، إن الجاليريهات تمر
بأسوأ أيامها، لانقطاع الجمهور عنها. وأضاف أن رؤية اللوحات عن بعد لا تغني عن
مشاهدة الأعمال الفنية؛ لأن الفن التشكيلي فن بصري بحاجة لعلاقة مع الجمهور للتعرف
على التقنيات والأساليب وحقيقة الألوان، بينما لا يقدم التصوير عن بعد العملَ بصورته
التي يجب أن يقدم فيها.
وأوضح الجالوس أن الجاليريهات الآن لا تنقل رسالة نتيجة للظروف التي يمر بها العالم
أجمع بسبب جائحة كورونا. مشيرا إلى أن بعض المتاحف والجاليريهات افتتحت بعض
المعارض، لكن تخوف الفنانين من إقامة معارضهم بسبب غياب الجمهور أدى إلى
امتناعهم عن المشاركة في هذه المعارض.
وبين الجالوس أن كثيرا من الفنانين قاموا بتأجيل معارضهم بسبب الوضع الراهن، ما أثّر
بشكل سلبي على أصحاب القاعات التي تعتمد على إقامة المعارض وبيع الأعمال الفنية
مصدرا للرزق، وبالتالي فإن قاعات العرض تعاني معاناة كبيرة نتيجة غياب عنصر
التسويق، وإحجام الجمهور عن ارتيادها في هذه الظروف.
وقال الجالوس: «هناك جمهور محدود العدد، وهذا ليس هدف قاعات العرض، لهذا بدأنا
التفكير بإيجاد طريقة في الجاليري لعرض اللوحات عبر شبكة الإنترنت، على الرغم من
غياب العنصر الأهم المتمثل في العلاقة الوجاهية بين العمل الفني والمتلقي».
حمدي: تفاعل الفنان مع جمهوره
من جهتها قالت مسؤولة جاليري الدغليس الفنانة رولا حمدي إن المعارض الإلكترونية لا
تسد الفراغ الناشئ عن غياب المعارض الحقيقية، حتى إن كان التواصل معها يحقق
مشاهدات كثيرة وتفاعلا كبيرا.
وأضافت أن هناك فرقاً كبيرا بين افتتاح معرض بحضور الجمهور وبين معرض افتراضي،
فعندما تكون اللوحة أمام المتلقي سيستمتع أكثر وستظهر جمالياتها بصورة أكبر مما
لو كان يشاهدها عبر جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي، فضلا عن أن الجمهور في افتتاح
المعارض المرئية يتحاور مع الفنان واللوحة أمامة بشكل مباشر، أما الكترونياً فلا يمكنه
الحكم على اللوحة، إذ «يختلط الحابل بالنابل».
وبينت حمدي أن جانحة كورونا أوقفت التواصل المباشر لصالات العرض مع الفنانين، مما
يؤثر على نشر رسالتها الفنية وعلى العلاقات الثفافية وتبادل الخبرات في ما بين
الفنانين.
العامري: غياب البدائل العملية
أكد التشكيلي محمد العامري أن الحركة التشكيلية الأردنية تأثرت كثيرا بسبب الجائحة،
إذ تراجعت حركة المعارض في الأردن وفي العالم العربي على حد سواء.
وأضاف العامري: «لم تكن هناك بدائل لدى المؤسسات المعنية بالفنون لمواجهة الظرف
العالمي الاستثنائي، فقد كانت الأردن الدولة الأقل إيجادا للبدائل في مواجهة هذا الأمر
باستثناء مشاريع وزارة الثقافة التي نفذتها بتفعيل عدد من المنصات في جميع أنحاء
المملكة».
وقال العامري إن هناك تراجعاً في حركة اقتناء الأعمال الفنية، مضيفا: «لم اشاهد تفاعلا
الكترونياً يعالج هذا الأمر، على عكس ما حدث في بلدان أخرى مثل المغرب وتونس ومصر
والعراق».
وأوضح العامري أن توقف مثل هذه الأنشطة أثّر بشكل سلبي على صالات العرض عبر
تراجع تفاعل الجمهور والمقتنين مباشرة مع العمل الفني، وهذا الأمر «يحيلنا إلى ضرورة
التفكير في ايجاد وسائط جديدة في مجالات عرض الفنون وتسويقها».
ورأى العامري أن مشاهدة اللوحة افتراضيا ربما تعطينا فكرة عن طبيعة اللوحة، لكنها لن
تتيح لنا الشعور بالملمس ومعاينة التفاصيل التي هي جزء أساسي من أي لوحة، كما
سينتفي الحوار المباشر مع الفنان وأعماله.
انعيم: تراجع الحركة التشكيلية
من جهته، قال رئيس رابطة الفنانين التشكيليين الأسبق غازي انعيم إن واقع الحركة
التشكيلية يسير من سيئ إلى أسوأ؛ ليس في عصر الجائحة فقط، وإنما منذ عام 2010 ،إذ
بدأ تراجع الدعم المقدم للقطاع وتوقفت وزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى عن اقتناء
اعمال الفنانين.
وأضاف انعيم: «الحركة التشكيلية بحاجة إلى تشريع من البرلمان الذي لم يضع الثقافة
كعنوان رئيسي، ولم نرَ أحداً يناقش الوضع الراهن»، داعياً إلى إنشاء صندوق بمنأى عن
وزارة الثقافة، لدعم الثقافة والفنون في المملكة.