06-02-2009 04:00 PM
سرايا -
إن لكل أمة تاريخا يضعه عظماؤها وفي حياة كل شعب عظيم مسيرة عطاء محفوفة بجهود أبنائه الحريصين على بناء غده ، وتحقيق مجده وفي الأردن - هذا الوطن الذي هو بحجم الورود - صفوة من الرجال الأوفياء "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" وأخلصوا للوطن وللملك فكانوا منهل بذل وعطاء وأنموذج ولاء وانتماء لعمداء آل البيت الأشراف من آل هاشم اللذين أناروا للأمة دروب المستقبل وحملوا مشاعل الحق والوحدة والحرية وقد سطعوا شهباً مضيئة في سماء الوطن العربي وأعلنوا للأمة ميلاد عهد التقدم والنجاح والرقي.
ومن أبرز رجالات الأردن العظام السياسي ورجل الاقتصاد عبد الكريم الكباريتي ، فهو واحد من السياسيين القلائل الذين صعدوا المواقع السياسية خلال وقت قياسي ثم ختم حياته السياسية لينتقل إلى العمل المصرفي ويلمع فيه.
ولد عبد الكريم الكباريتي في مدينة عمان عام 1949 ونشأ في عائلة ميسورة الحال. فوالده كان يشغل منصب رئيس بلدية العقبة لسنوات طويلة.
حصل عبد الكريم الكباريتي على درجة بكالوريوس في إدارة الأعمال والمالية من الولايات المتحدة الأمريكية ، ودرس ثلاث سنوات في علم الجيولوجيا بالجامعة الأمريكية في بيروت. وأثناء تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية عمل مستشاراً مالياً في نيويورك وساعد في أعمال مكتب صرافة للعائلة في عمان.
"أنا لا أعمل بالسياسة" هذا ما يكرره عبد الكريم الكباريتي الذي تقلد العديد من المناصب ، من ممثل محافظة العقبة في المجلس النيابي لمرتين ووزير في أكثر من حكومة تقلد فيها مهام العمل والسياحة والخارجية ، ثم رئيساً للوزراء ورئيساً للديوان الملكي وعضواً في مجلس الأعيان ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس إدارة البنك الأردني الكويتي الذي أصبح في مقدمة البنوك الأردنية بعد أن تولى هذا المنصب.
أما حياته السياسية الفعلية فبدأها عام 1989 حيث ترشح وكان في الأربعين من عمره لانتخابات المجلس النيابي الحادي عشر حيث كانت أجواء الديمقراطية قد انتعشت في الأردن وكذلك حقق فوراً لاحقاً في الدورة الثانية للمجلس.
وخلال هذه المرحلة جمع بين العمل النيابي والوزاري حيث تقلد تباعاً وزارتي السياحة والآثار والعمل مع حكومات مضر بدران وطاهر المصري ، والشريف الأمير زيد بن شاكر وقد تقلد فيها وزارة الخارجية مطلع العام 1995 وبعد نحو عام عُهد إلى الكباريتي بتشكيل الحكومة في 4 شباط 1996 وضمت عدداً كبيراً من النواب ووصفت بأنها وزارة شبابية.
وقد تحدث الأستاذ محمد الدعمة قائلاً: كان الكباريتي مقرباً من جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال. حيث رأى فيه بداية عهد جديد ونموذج لجيل جديد من السياسيين الشبان اللامعين.
ركز الكباريتي رغم العمر القصير لحكومته على تحديث أداء القطاع العام وبخاصة الوزارة الخدمية حيث شهدت تلك الفترة تغييراً ملموساً في الأداء الحكومي.
وقد اعتمد الشفافية والوضوح في إجراءات الحكومة ، ولا يخفي الكباريتي نفسه بعض السلبيات في شخصيته إذ يقول: معارفي كثيرون وصداقاتي قليلة جداً.
لا أقصد الإساءة الشخصية لأي إنسان إلا إذا كانت هناك حالة تقتضي أن أسجل موقفاً عندما أشعر بذلك ، وأنني اعتبر نفسي عصبياً ، كما أنني عندما ألتزم قضية أو موضوعاً أبذل أقصى جهدي لإنجازه وقد يؤدي ذلك إلى بعض الصدامات والاحتكاكات التي قد تثير غضب الآخرين.
الكباريتي لم يتوقف عن النشاط بعد استقالته فسرعان ما تولى رئاسة مجلس إدارة البنك الأردني - الكويتي وخلال فترة قصيرة جداً تحول البنك إلى إحدى المؤسسات المصرفية المتميزة في الأردن وبخاصة أنه استمر على نفس النهج الذي عرف به خلال توليه المناصب المختلفة وهو الحرص على الدوام المبكر في موعده حتى ساعة متأخرة مساء مؤكداً أن القاسم المشترك الأهم بين كافة القطاعات هو رأس المال الاجتماعي الذي يشير إلى الموارد البشرية من الموظفين والعاملين بكل معارفهم العلمية وخبراتهم العملية للقيام بوظيفة محددة وهي خدمة المواطنين في القطاع العام والمستهلكين في القطاع الخاص والفارق أن هذا المفهوم يحظى بدرجة أعلى من الوضوح في القطاع الخاص لجهة اعتباره الاستثمار الكامن الذي يتبدى في صور كثيرة منها المبادرة إلى العطاء والأداء والابتكار من دون رقابة مباشرة وخدمات متميزة للعملاء وتغليب المصالح الجماعية على المصالح الفردية وانسياب أفضل للمعلومات وشفافية أكبر في الإدارة وتطوير دائم لخبرات العاملين وبتعبير أدق القدرة في القطاع الخاص لقياس عائد وكلفة الاستثمار في رأس المال الاجتماعي أفضل منها لدى القطاعات الأخرى ويقول: أنا بطبيعتي استمد متعتي الحقيقية من النجاح في أي عمل أقوم به مهما كان مستوى أهميته.
ويشهد الجميع للكباريتي أنه مهندس إعادة العلاقات الطبيعية بين الأردن ودول الخليج العربي وهي العلاقات التي مرت بفترة فتور بل قطيعة كاملة أثر احتلال الكويت وحول ذلك الموضوع تحدث الكباريتي قائلاً: "الأردن بطبيعته وبحكم تاريخه وموقعه يشكل جزءاً حيوياً من الوطن العربي ، والوعي القومي الأردني يتجاوز دائماً كل الحسابات والاعتبارات الضيقة ، ومن هذا المنطلق أنا من المؤمنين بضرورة تحقيق التكامل على محورين: محور التكامل مع منظومة مجلس التعاون الخليجي وآخر للتكامل مع سوريا ولبنان وفلسطين ويمكن ايجاد قواسم مشتركة هائلة على هذين المحورين أمنياً واقتصادياً وشعبياً وسياسياً وبلورة أوجه التكامل هذه وصولاً إلى صيغة أعلى وأقوى".
وبخصوص التحديات التي تواجه الأردن حالياً يقول الكباريتي "إن ارتفاع الفاتورة النفطية سيترك أثراً كبيراً ومتفاوتاً على دول العالم والأردن ، وظل يسعى من أجل أن يصل إلى مرحلة الاعتماد على الذات بدون الاعتماد على الهبات والهبات الخارجية ليحافظ على وتيرة نمو معقولة ومستدامة ولذلك فإنني اعتقد أن المستقبل سيحمل في طياته الكثير من الفرص وكذلك التحديات وإن لم يكن التصدي على قدر التحدي فقد يعاني الأردن مستقبلاً من عجز مالي كبير ستكون له تأثيرات على مستويات المعيشة والتضخم مما يقتضي المزيد من إجراءات التقشف والإصلاحات الهيكلية المؤلمة ، والأمر يحتاج إلى وقفه ومراجعة شجاعة في التعامل مع الواقع ومعطياته.
يشغل الكباريتي حالياً منصب رئيس مجلس البنك الأردني الكويتي ورئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للاستثمارات المالية وغيرها ولكنه لا ينفي أنه ما زال يمارس هواياته بالرغم من كثرة مشاغله فقد عرف عنه اهتمامه من الصغر بتربية الطيور كما تميز بأسلوب خاص في خطاباته من حيث تمكنه من الحديث بسلاسة وتأثير باللغتين العربية والانجليزية وعن هذا يقول: "أنا رجل بيتوتي ، أنام مبكراً واستيقظ مبكراً ، وأعشق الحديقة والعمل فيها ، واهتم بتربية الطيور والغزلان والمطالعة ، ولا أحب التلفزيون".
وهكذا فإن الحديث عن عبد الكريم الكباريتي هو حديث عن شخصية وطنية مرموقة لها انجازات عظيمة في عالم السياسة والإدارة الحديثة والتنمية في المجال الاقتصادي فهو رجل عالي الهمة متوقد العزيمة لا يعرف المستحيل ، مشغول دائماً برفع قدرة القطاع الخاص العربي خصوصاً القطاع المصرفي وتوجيهه نحو التميز والتفوق ومواكبة آخر ما توصلت إليه تقنيات العمل في المؤسسات المالية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-02-2009 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |