حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,27 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1236

(فينيق عمّان) لمفاضلة .. اقتراح رؤى مغايرة للتأثر والتأثير

(فينيق عمّان) لمفاضلة .. اقتراح رؤى مغايرة للتأثر والتأثير

(فينيق عمّان) لمفاضلة ..  اقتراح رؤى مغايرة للتأثر والتأثير

24-09-2020 08:31 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - الانفتاح العالمي غير المسبوق للفضاء البصري، جعل آليات التفاعل مع هذا الفضاء،
مفتوحة بدورها، ومتاحة، ومتقاطعة، بالضرورة، مع التفاعلات جميعها في أربع جهات
الكون.

في هذا السياق، طغت على السطح، قصة (التشابه الكبير) بين عمل الفنان والناقد
التشكيلي الأردني غسّان مفاضلة، الإنشائي: «فينيق عمّان»، وبين أعمال التشكيلية/
الإنشائية الإنجليزية شارلوت مائير.
(التشابه الكبير) ليس المصطلح الأصوب لا علميّاً، ولا نقديّاً، لتوصيف التناص الذي اُلْتُقِطَ
بين مفاضلة وبين مائير، ولكنه الذي استخدم في سياق النَّيْلِ من جهد الفنان، ومن
عمله «فينيق عمان» الذي كان من المفترض أن ينتصب في أحد دواوير العاصمة، بالتعاون
مع أمانة عمان الكبرى.
يستقي مفاضلة، عادة، مفرداته، من البيئة حوله، ويسعى لإعادة تدوير الكوكب، لو تسنّى
له، صاهراً ألوان الكون جميعها، ومعادنه وتشظيات وجوده السرمديّ، وخرائب بقاياه،
وألواح تحققه الأولى، داخل أتون أعماله الإنشائية التي لطالما تفنّن، لغايات إنجازها، في
تحويل الخراب إلى فن، والمُهَمَّش المنسيّ، إلى ضرورة جمالية جديدة متجددة.
في هذا السياق، أعاد خلال مسيرته المتوَّجَةِ بعدد من المعارض الشخصية والمشتركة،
وكتاب نقديّ، وعشرات الدراسات والأبحاث، ومئات الكتابات الصحفية، المعنى والدلالة
لأخشاب ملقاة على قارعة الطريق، وجدّد وعود البشر مع الحديد وصدئه، وحَدَبَ بَحُبِّ
ووعيِ على الزجاج والبلاستيك والقصدير والألمونيوم والبرونز والنحاس والجلد والقماش،
وَبَلْوَرَ مفهوماً جديداً لمرئيات المكان، سواء في العاصمة عمّان، أو في مدينته جرش، أو
عجلون، أو الطفيلة، أو الفحيص أو غيرها.
حول الالتباس الذي حدث بين عمله «فينيق عمّان» وبين أعمال البريطانية شارلوت مائير،
أدلى أربعة فنانين وأكاديميين ونقاد تشكيليين أردنيين بدلوهم..
شمعون: مشروعية التأثّر والتأثير
الفنان والناقد التشكيلي عبد الرؤوف شمعون يرى أن عالم الفنون التشكيلية، لا سيما
المعاصرة، يتضمّن حدوث مقاربات عديدة بين عمل فني وعمل فني آخر.
شمعون صاحب عشرات المعارض الشخصية والمشتركة، يرى أن التأثير والتأثر مشروعٌ في
مختلف الأحوال. يقول شمعون: «أفضل وصف لمقاربة القراءة النقدية بين التناص الذي
جرى بين عمل الفنان غسان مفاضلة «فينيق عمّان»، وبين أعمال الفنانة البريطانية

شارلوت مايير Mayer Charlotte ،هو: «التأثر والتأثير»، ومثل هذا العنوان يتخذ بعدين:
البعد البصر ثم البعد الفكري».
في التفاصيل، يُعَدِّدُ شمعون فروقاً أساسية، كما يراها، بين عمل مفاضلة، ومجمل أعمال
مائير، ملاحظاً، أن نقطة ارتكاز شكل الطائر وعلاقة هذه النقطة بحركة الجناح بشكله
الواقعي أو شبه الواقعي، هي الميّزة الأساسية لتكوينات مائير، بحركة منطلقة نحو
الفضاء.
في حين لجأ مفاضلة، بحسب شمعون، إلى تأكيد رؤيته الجمالية ومنطلقه الفكري
والإنشائي في تكوين عمله الفني؛ حيث أن نقطة ارتكاز التركيب البنائي لـ «فينيق عمان»
هي شكل الدائرة المتآلف هندسياً مع البناء الكلي للعمل، إضافة إلى البعد الرمزي
والروحي للدائرة في ثقافته، وما أحدثه من اختزال لجناحيّ طائر الفينيق (المتخيّل)
بأسلوب تجريدي للأعمدة ذات الحركة الدائرية الالتفافية، التي أحدثت تفاعلاً بصرياً بينها
وبين الفضاء المحيط بالعمل الفني.
شمعون يختم بالقول: «أرى أن اختلاف الرؤية الفنية، واختلاف تقنية البناء لدى كل منهما،
العامل الحاسم في اتخاذ موقفٍ واضحٍ صريحٍ يزيل أيَّ التباسٍ بينهما».
عبيدات: إنسانيةُ التفكير الجَمْعي
بدوره، يرى الأكاديميُّ والناقد التشكيليّ د. عبد االله عبيدات، أن «التفكير الجَمْعيّ
للبشرية من ثوابت الظاهرة الإنسانية على مرِّ التاريخ».
عبيدات يرى أن تجربة مائير «تقاطعت مع كثير من النحاتين والمصورين المعاصرين؛ من
حيث الشكل والبنية والأفكار والخامات والتقنيات كما في أعمال غوران كونتشيفود»، كما
أن الأشكال الشعاعية والأنماط الأكروباتية لحركة الخطوط «متشابهة إلى حد كبير مع
التشيكلات البنائية للفنان فازايريلي مؤسس اتجاه الفن البصري Art Pop .وإذا ما نظرنا
إلى الانحناءات المتموجة، فسوف نجدها تتشابه مع انحناءة الموجة عند الفنان الياباني
هوكوساي كاتسوشيكا».
حول (تناص مفاضلة مع مائير)، يقول عبيدات: «عند التحليل والبحث حول أعمال مائير
وعمل مفاضلة «فينيق عمّان»، نجد أنه، ورغم وجود العديد من الجوامع المشتركة بينهما،

كالحيوية والدينامية، واستخدام الفكرة الشعاعية للخطوط المنبثقة من مراكزها، غير
أنها جاءت لدى مائير مرتبطة بمركزٍ ذي نقطةٍ واحدة، في حين استخدم مفاضلة الدائرة
كمركز انطلاقٍ وانبثاقٍ للأعمدة التي شكّل منها «فينيق عمان»، عمله موضوع البحث هنا».
وهو ما يرى عبيدات فيه: «اختلافاً مفهومياً وفلسفياً». فالنقطة، كما يقول: «ثابتة بينما
توحي الدائرة بالدينامية والاستمرارية».
يقول عبيدات: «إذا تمعّنا في أعمال مائير وعمل مفاضلة، سنلاحظ اهتمام مائير بالبنية
أحادية الدينامية، ورغم أنها ثلاثية الأبعاد، إلا أن موضوعاتها جاءت محاكاة لمفرداتٍ أفقية
الدلالات من الطبيعة: كالوردة والصَّدَفَةِ والطيور وأوراق الأشجار (مفردات واقعية). في حين
استخدم مفاضلة التكوينات الدينامية المتقاطعة حيوياً مع الاتجاهات القُطْرية الأربعة.
استخدامات مفاضلة تجريدية مفاهيمية بحتة، وهي مرتبطة بفلسفةٍ مكانيةٍ ذات هويةٍ
ترتبط بِجُذُرٍ تاريخية، كطائر الفينيق الذهنيِّ ورمزيته الأسطورية، التي ربطها مفاضلة
بمدينة عمّان ذات التكوين الجبليِّ الإيقاعيّ. لذلك فإن العمل لا يعكس أشكالاً فيزيائيةً
بعينها، بل يشير لأفكارٍ جماليةٍ، تعكس فكرةَ انبثاقِ الحياةِ واستمراريتِها على نحوٍ
تجريديٍّ خالص».
على صعيد الشكل، يرى عبيدات أن التكوين البنائي (طبوغرافياً)، مختلف عند كل
منهما، ملاحظاً «غياب سِمَةِ التناظرِ عند مائير»، في حين «ركز مفاضلة في عمله على سمةٍ
تناظريةٍ حيويةِ الاتصال، تدعم مفاهيمه للفكرة والشكل معاً».
وفي حين «تقلِّل مائير من صقل الأسطح، يتعامل مفاضلة مع السطح وصقله بشكلٍ
واضح، وهو ما يمنح عمله إحساساً بالاختصارية (المينيمالية) عند مشاهدتها، وهذا التمايز
يتيح درجة أعلى في الإيهامية البصرية والإحساس بالحركة أثناء الرؤية الدورانية حول
عمله».
أما من حيث الخامات، فعبيدات يرى أن هناك «اختلافاً واضحاً بين خامات مائير ومفاضلة.
ففي حين تستخدم مائير، صب البرونز في إنتاج أعمالها، فإن مفاضلة يستخدم توليف
خامات كأعمدة الهاتف وغيرها، وهي سمات تمايز بين الفنانيْن».
الحمزة: تشابهٌ أبعد ما يكون

الأكاديميّ والفنان والناقد التشكيلي د. خالد الحمزة، يذهب إلى أن التشابه بين أعمال
مائير، وبين «فينيق عمّان» لمفاضلة، هو (ادّعاء) أبعد ما يكون حقيقة واقعة.
«الأصلُ الهندسيُّ»، يقول الحمزة، «يقرّب بين الأعمال». كما أن «النحت الواقعي في عصوره
المختلفة متقاربٌ إلى حد بعيد»، لكننا «نجده في الأعمال النحتية ذات الصبغة الهندسية
المعاصرة أكثر قرباً».
الحمزة يختم بالقول: «في عمل مفاضلة «فينيق عمان» الذي يشترك بنزوعة الهندسي مع
أعمال مائير، نجد أن التنويعات التصميمية والتشكيلية لديه، أبعد ما تكون عن أعمالها،
رغم التشابه الذي يتبدّى لنا من الوهلة الأولى. في المحصلة لا أرى أن هناك قواسم
مشتركة بين «فينيق عمان» وبين أعمال الفنانة، سواء كان ذلك من حيث التصميم
والتشكيل، أو من حيث الحجم والمواد التي يعيد مفاضلة تدويرها بكيفيات وتنويعات
مختلفة. ما هو مشترك بين عمل مفاضلة وأعمال مائير، نجده فقط في الجزئية
الهندسية، وهي جزئية من حق أي فنان معاصر أن يوظفها ويعيد إنتاجها وفق توجهه
الفني، ورؤيته البصرية والجمالية».
عصفور: مشاعية المفردات البصرية
الأكاديمي والفنان والناقد التشكيلي د. مازن عصفور يتحدث عن «مشاعية المفردات
البصرية». إنها «حقٌّ مشترك» كما يرى.
ويضيف أن «فينيق عمان» يبدو للوهلة الأولى «متشابهاً مع أعمال مائير في توظيف جزئية
الأعمدة المتوازية»، ولكن مع «اختلاف جوهري لدى مفاضلة، في كون تشكيلات فينيقه
تعتمد على الالتفافية المجردة كلياً، من دون أن تعتمد على أي محاكاة لمجاز مرئي». وهذا
يعني أن الاختلاف هنا يعود إلى لغة التشكيل وفلسفته التي تُعدّ «أكثر نقاءً وتجريداً في
عمل مفاضلة»، إضافة إلى الاختلاف الذي نلاحظه في لغة المادة الخام وتطويعها جمالياً
وفق رؤيته الفنية. فيما تنتمي أعمال شارلوت إلى عالم «المحاكاة المختزلة، أو شبة
المختزلة، لما هو عياني وماثل في محيطها المرئي».
مفاضلة: فينيقي جزءٌ من مسيرتي
ولخصوصية الأمر، وحساسيته، نفرد مساحة خاصة، لتوضيحات الفنان غسان مفاضلة

نفسه، حول الالتباس، وحول التلميح، المقصود أو غير المقصود، لهذا التقاطع بين
فينيقه، وبين مجمل أعمال البريطانية شارلوت مائير:
«لم تكن فكرة العمل الإنشائي «فينيق عمان» وتكوينه الهندسي، منقطعيْن عن
سلسلة الأعمال الفنية التي بدأت إنجازها قبل نحو 30 عاماً، بالاعتماد أساساً، على توظيف
المواد الخام في محيطها البيئي، وإعادة تدويرها فنياً، وفق مفردات المكان، وجمالياتة
البصرية.
"فينيق عمان» الذي يبدو للوهلة الأولى متقاطعاً مع أعمال الفنانة البريطانية شارلوت ماير
(1929 ،(من حيث النظام الهندسي المشترك بينهما (وهو النظام الذي تشاركت فيه
العديد من أعمال النحت المعاصر في العقود الثلاثة الأخيرة، وانسحب جانب منه على
التكوينات الإنشائية للعمارة في حلّتها المعاصرة)، إلا أنه مغاير لها من حيث البنية
والحركة المستمدتين من فكرة «طائر الفينيق» ودلالته الرمزية والتعبيرية، إلى جانب
التنويعات البصرية المرتبطة بالفكرة نفسها، والمتصلة بمحيطها المكاني.
الاختلاف الرئيسي بين «فينيق عمان» وأعمال الفنانة مائير، يكمن في ملمح التكوين
والإنشاء، وهو المنطلق الذي يُعدّ أساس التمايز والاختلاف بين الأعمال الفنية التي تتشارك
في إطار هندسي واحد.
ففي حالة «فينيق عمان»، يتأسس التكوين الإنشائي، وينطلق من نقطة مركزية واحدة،
هي الدائرة على سطح أفقي، بوصفها المصدر الرئيسي التي يستمد منها العمل
خصائصه في التكوين والإنشاء. والدائرة هنا، التي يتوّزع على محيطها نحو 50 عموداً
تتعاكس صعوداً ونزولاً بانتظامٍ هندسيٍّ على منتصفيّ الدائرة، ليست سوى إحالة رمزية
لقرص الشمس، فيما تُحيل الأعمدة على محيط الدائرة إلى أشعة خيوط الشمس، بما
تحمله من دلالات التجدّد والانبعاث المقرونة بطائر الفينيق في الموروث الشرقي»


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 1236

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم