حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,3 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1097

أمة الشعارات

أمة الشعارات

أمة الشعارات

14-09-2020 11:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : رايق عياد المجالي/أبو عناد

ما زلنا نراوح في ذات المستنقع الفكري الآسن , لا نحن غرقنا وغاصت رؤوسنا فيه ولا نحن نجونا وخرجنا بإمساكنا غصن تدلى من شجرة تجاوره .

نعم نشعر برائحة المستنقع الكريهة ويلامس أجسادنا ويزعجنا ما يطفو على سطح الماء الآسن وما إستقر تحته من مخلفات ألقيت من كل حدب وصوب , لكننا حين أردنا مقاومة الإنغماس في هذا المستنقع والتشبث بما يساعدنا على الخروج لم نجد إلا الشعارات التي تكونت فوق سطح المستنقع فقاعات تلمع أحيانا عند إنكسار أشعة الشمس خلالها .

لقد مررنا بأزمنة في عمر هذه الأمة نصبت فيها موالد وحلقات فكر وذكر وسطعت فيها نجوم الخطابة بالثوب القصير تارة وبالبنطلون والبرنيطة تارة أخرى حتى أصبح بعضنا في آخر الليل يلقي رأسه على وسادته ورجع خطب النهار والهتافات يدور في رأسه فيغفوا وفي ذهنه يتردد شعار " يا عمال العالم صلوا على النبي " و " دع ما لقيصر لقيصر وتكبيييير " ,فأختلطت في ثقافتنا الشعارات والهتافات وصرنا إذا ما أوقفنا رجل أمن برغم برائتنا من كل ذنب تتلقفنا التهم بمجرد إبراز الهوية .

نحمل بطاقة إسمها هوية لأن لها رقم يشير إلى ملف حاملها , لكن تفكيرنا بلا هوية , عواطفنا بلا هوية , أحلامنا بلا هوية , شعاراتنا بلا قضية , ثقافتنا ليست سوية .

في كل الأقوام منذ خلق آدم أرسل الله -عز وجل -المنذرين من أنبياءه بمعجزات كانت لكل نبي ورسول تعجز قومه فيما برعوا به , فلو لم تختم الرسالات بالنبي المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم - وبعث في هذه الأمة في زماننا هذا نبي سيحتاج لمعجزة تتحدى ما برعنا فيه دون العالمين وهو حفظ الشعارات التي لا نفهمها وتردادها دون كلل أو ملل .

ما زالت فئة منا ترفع شعار "الإسلام هو الحل " معولة على ذكريات حضارة بنيت على الإسلام بمئات السنين وقامت على ما في الإسلام من تربية صحيحة نهجا محمديا زرع في صحابة علمهم وهذبهم وطهرهم خير بني البشر , فتدرجوا وراكموا البناء على أساس من العقيدة السليمة والسلوك المتفاني لوجه الله خالصا حتى رسخت مداميك بناء مجتمع قوي وارتفع بناء دولة كقلعة كونية للفضائل والمباديء والأخلاق .

هذا هو الإسلام الذي كان حل الجاهلية والجهل ولم يتغير ولكن كل شيء آخر تغير , فهمنا , إلتزامنا , تمسكنا , غاياتنا , أحلامنا , أدواتنا , حتى صار الإسلام بالنسبة لنا يبعد عنا ونبعد عنه ما بين نجم في هذه المجرة ورجل يجلس على ضفة نهر في ليلة صافية ينظر للسماء فيرى لمعة النجم ويظن أنه لو مد يده للأعلى لأمسك ذلك النجم وسار في دربه يهتدي بنوره .

يرفعون شعار الإسلام هو الحل بعد أن غيبته أمة وغابت عنه فسقطت صروح حضارتها وتراكمت أنقاضا وتصدعت الأرض تحت أقدامنا فأبتلع أصغر صدع جبلا وأختفى في جوفه , ويتوقفون عند إنتهاء الجملة , فلا يعلمون كيف يشتقون حلا لخلاف بين زوجين ,فكيف بهم يشتقون مما لا يفهمون حلولا في السياسة وفي الإقتصاد وفي الحرب وفي السلم ..؟؟؟, لكنهم يرفعون هذا الشعار ليرفعهم فوقه ويطير بهم كبساط الريح بسرعة وسهولة نحو بساتين الدنيا والكروم ليعصروا عنبها خمرا تدير العقول ليترنحوا في البستان منشدين ذات الشعار "الإسلام هو الحل "..؟؟؟

وفئة أخرى من قومي وأمتي هامت في أرض الله وبساتين أقوام بعيدة زرعها ونبتها غير ما نزرع , فأعجبها ثمر أكلت منه لم تعرف كم تعب أصحابه لينضج , فإقتطعت من شجرة إسمها (ديمقراطية ) بعض أغصان تحمل وريقات كتبت عليها بعض شعارات وعادت لم تزرع تلك الأغصان لتنبت شجرة , بل عكفت على صنع سلم خشبي يصل بها إلى شرفات القصور ليدخلوها من النوافذ المطلة على مستنقعات الأمة .

والشعار تزاوج مع الشعار وخلفت شعارات وعاش الشعاريون في سبات ونبات وتخلف بسببهم كل صبيان الأمة والبنات .








طباعة
  • المشاهدات: 1097
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم