03-02-2009 04:00 PM
سرايا -
! هذا هو بالضرورة زمن اللاوفاء حيث لا "وفاء" إلا للمصلحة أو بتعبير أدق لاستمرار تدفق تلك المصلحة ، فان جفت أو غاب مانحوها جفت الأقلام و الالسنه وصار الحسن رديئا والرديء حسنا وتبدلت أحوال البلاد والعباد بتبدل الظروف والمعطيات وأشخاصها! نقول هذا ونحن نرقب كم تغيرت أصول التعامل بين الناس في بلادنا ، وعلى نحو غابت معه قيم جليلة كانت ، وحلت مكانها قيم تحسب بالأرقام والعوائد المادية والمصلحية المباشرة ، فالناس تهتف للقادم أيا كان ، وتشمت بالذاهب أيا كان ، بمعنى أن قيمة الوفاء ما عادت لها أية قيمة ، وان على المرء أن يدرك ذلك جيدا خاصة إذا ما قادته الأقدار إلى تولي مواقع مهمة أو متقدمة في العمل العام . حدثني رجل مهم جدا كيف تعذب كثيرا ليشق الصفوف ويجتاز زحام الناس للوصول إلى بيت عزاء لأداء الواجب نحو مسؤول مهم فقد قريبا ذات يوم ، ثم كيف وجد الطريق سالكا جدا وبلا زحام أو صفوف عندما ذهب ثانية لأداء الواجب ذاته نحو المسؤول المهم ذاته بعد عام تقريبا ، فقد أحيل ذلك المسؤول إلى التقاعد قبيل العزاء الثاني بأسابيع ، ومن هنا فلم يجد الكثيرون عندها حاجة لتحمل عناء تقديم واجب العزاء " وبالمناسبة إنسانيا " ودينيا واجب العزاء يكسب مؤدوه أجرا من الله جل وعلا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . أقول هذا وأنا وغيري نعجب إذ نرى كيف " تبهدلت " القيم الرائعة والمبادئ السامية والمثل الحية في هذا الزمان ، وكيف بات الناس يستعيضون عنها بقيم جديدة ومبادئ جديدة ومثل جديدة تخلو جميعها من روح أو مضمون أو حتى نكهة ، فقد غاب عنها الصدق والبراءة وصارت مجبولة بالكذب والنفاق والتزوير والادعاء ، وتدمرت تماما بين حطامها قيمة الوفاء في زمن اللاوفاء بامتياز!. الغريب أن كل من يمارسون " الوفاء التجاري " بمفاهيم السوق ، لم يعودوا يخجلون من هذا أبدا ، فهم يؤمنون بان هذا فهلوة وشطارة ونباهة ، وان من يتمسكون بما يسمونه القيم والمبادئ ليسوا سوى " مهابيل " أو أغبياء لا يستحقون الحياة على هذا الكوكب المسكون بهواجس " البزنس " والربح والخسارة واقتصاد السوق وما إلى ذلك من مصطلحات وأقوال باتت تجعل من الإنسان مجرد رقم بين أرقام القيمة فيها لمن يقدم أكثر!. نستذكر بحسرة أياما أردنية خلت نحن الطاعنين في السن ، ونترحم على شيء كان اسمه الوفاء والعرفان ، شيء كان اسمه احترام الذات لذاتها سواء كانت في موقع السلطة أو خارجها ، غنية كانت أم فقيرة في المنظور المادي ، .. فالأصل أن الناس تحترم الناس لمجرد أنهم ناس ، والأصل أن الناس تقدر من أدى لها خدمة أو واجبا أو احتاجت إليه ذات يوم ، أما أن تصبح الحياة " طعه وقايمه " لا وفاء فيها إلا لمن بيده سلطان أو مال أو قرار، فان ذلك أمر جد خطير ومخجل ومذل ولا ينسجم أبدا لا مع شرعة السماء ولا شرعة الخلق ولا شرعة الذوق والحياء وكرامة النفس!. الوفاء في هذا الزمان لم يعد ذلك الوفاء الأصيل الذي نعرف، انه وفاء من نوع تجاري يصلح للاستعمال لمرة واحدة فقط ، ثم يلقى به في أكوام القمامة ، فقد نفذ مفعوله!!! ، فثمة فرق بين وفاء أصيل لا يصدر إلا عن اصلاء ، والناس قطعا كالخيول فيهم الأصيل وفيهم من هو غير ذلك ، وبين وفاء " تجاري " لا يصدر إلا عن أناس خواء هم كالخيول أيضا ولكن غير الأصيلة قطعا!، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مستشار اعلامي لرئيس مجلس النواب
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-02-2009 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |