28-08-2020 09:53 PM
سرايا - فيما تراجع إنتاج المشاتل الزراعية بنسبة 50 % مقارنة بالموسم الماضي، تدنت مبيعات المواد الزراعية إلى ما دون 20 % خلال الفترة التي تعد ذروة التحضيرات للموسم المقبل
وتؤشر هذه الأرقام إلى تراجع المساحات، التي سيتم زراعتها للعروة التشرينية بنسبة كبيرة، وتغيير في النمط الزراعي؛ إذ تراجع إنتاج أشتال الباذنجان لصالح الخيار الذي يتم إنتاج أشتاله متأخرا
ولعل الخسائر التي مني بها الموسم الشفوي، بحسب تاجر المواد الزراعية نواش اليازجين، كان لها انعكاس واضح على الموسم الغوري؛ إذ إن معظم الشركات الزراعية ومحلات الكومسيون لم تعد قادرة على دعم المزارعين لحين الحصاد بسبب نقص التمويل، وهو ما تعاني منه أيضا المشاتل الزراعية، بحسب ناصر عبدالله، قائلا إن عجز المزارعين عن سداد ديون الأعوام الماضية، يعد سببا كافيا لامتناع أصحاب المشاتل عن البيع الآجل
وتعد عمليات شراء مستلزمات الإنتاج وتشتيل النباتات الحلقة الأولى في التجهيز للموسم المقبل؛ إذ إن أي مزارع يحتاج إلى أنابيب ري وبلاستيك وأغطية للبيوت البلاستيكية ومستلزمات شبكات الري، إضافة إلى البذور وأجور التشتيل، لكي يبدأ بزراعة أرضه
ويذكر أن الموسم الزراعي الشفوي، هو إنتاج المحاصيل التي تزرع في المناطق الشفوية والصحراوية وأغلبها يعتمد على مياه الآبار الارتوازية، التي تحمل المزارعين أعباء كبيرة سواء بدل أثمان الكهرباء أو كلفة الاستئجار
ويبدأ إنتاج الموسم الشفوي مطلع أيار (مايو) ويستمر لغاية أيلول (سبتمبر) من كل عام
ويؤكد اليازجين، أن غالبية المزارعين كانوا يعولون على نجاح الموسم الشفوي لتوفير السيولة للشركات الزراعية ومحلات الكومسيون لتتمكن من تقديم الدعم اللازم لهم، الا أن الأوضاع جاءت مغايرة؛ إذ إن الخسائر الكبيرة التي تعرض لها مزارعو المناطق الشفوية والصحراوية، تسببت بعجز مالي لدى هؤلاء، ما انعكس سلبا على مزارعي وادي الأردن
ويقول بالمحصلة، فإن كل حلقة من حلقات الإنتاج الزراعي تعتمد على الأخرى، وبالتالي فإن عدم توفر التمويل أدى إلى تراجع مبيعاتهم بنسبة فاقت 80 % مقارنة مع المواسم السابقة ، لافتا إلى أن تراجع الأوضاع سيثني تجار المواد الزراعية عن البيع على الموسم، وهو الأسلوب المتبع منذ عشرات الأعوام في الوادي
ويوضح العايد أن بقاء مزارعي الوادي من دون تمويل خلال شهري آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) سيحرمهم من الاستفادة من الموسم الزراعي، لافتا إلى أن هذا الأمر سيتسبب بعجز في الإنتاج الزراعي للموسم المقبل
ويشاركه الرأي صاحب محل المواد الزراعية عاهد الشوبكي، مشيرا إلى أن المشهد الحالي سيبقي عددا كبيرا من المزارعين متفرجين ومساحات واسعة ستبقى بورا، موضحا أن غالبية المزارعين مدينون ولا يمكن للشركات أو المؤسسات التمويلية تقديم الدعم لهم خوفا من زيادة حجم الديون
ويعزو الشوبكي توقف محلات المواد الزراعية والشركات عن تقديم الدعم إلى ضعف الإمكانات المتاحة لديهم والخوف من عدم سداد الديون، إذا ما جاء الموسم المقبل سيئا كما هو الحال خلال المواسم الثمانية الماضية، مبينا أن معظم المزارعين لم يستطيعوا الموسم الماضي الوفاء بالتزاماتهم تجاه الشركات الممولة، ما زاد من هاجس الخوف لدى الجميع
ويؤكد مالك أحد المشاتل الزراعية ناصر عبدالله، أن كميات الأشتال التي يجري زراعتها تراجعت بنسبة 60 % مقارنة مع العام الماضي، عازيا ذلك لعدم وجود سيولة في أيدي المزارعين وتوقف الشركات عن دعمهم
ويرى المزارع سعود المفلح أن جدية الحكومة في معالجة ملف القطاع الزراعي تكمن في إيجاد حلول عاجلة وناجعة لأربع قضايا مصيرية بالنسبة للمزارع، بدءا من حل مشكلة التسويق الزراعي وتسهيل انسياب المنتوجات الى الدول المجاورة عبر المعابر الحدودية ودعم النقل الجوي للتغلب على مشكلة الإغلاقات الحدودية المتكررة، مضيفا أن على الحكومة دعم المزارعين من خلال منحهم قروضا ميسرة وعدم خصم مستحقات المتعثرين ومعالجة مشكلة فوائد القروض والغرامات المستحقة على المزارعين المدينين
ويشير الى ضرورة التوجه نحو الصناعات الغذائية كأحد الحلول لمشكلة التسويق ودعم الاقتصاد الوطني ، مشددا على ضرورة حل مشكلة نقص العمالة الوافدة الزراعية التي كان لها دور كبير في تراجع المساحات المجهزة للزراعة
ويبين عبدالله أن عجز المزارعين عن سداد أثمان الأشتال للمواسم الماضية دفع بأصحاب المشاتل الزراعية إلى التوقف عن التشتيل الآجل، لأن المواسم الماضية بخسائرها راكمت ديونا كثيرة على المزارعين ولم يعد بالمقدور المضي قدما في الوقوف بجانبهم خوفا من تكرار سيناريو المواسم الماضية
ويبين صاحب مشتل زراعي حلمي العجوري، أن تراجع التشتيل بنسبة تزيد على 50 % سيكون له أثر سلبي على القطاع الزراعي؛ إذ إن عدم قدرة المزارع على شراء البور من الشركات وزراعتها في المشاتل سيدفعهم إلى اللجوء لشراء بذور رديئة عادة ما تنعكس على حجم وجودة الإنتاج أو التوجه لزراعة أراضيهم بالذرة والأعلاف التي تزرع بذرا
ومن جانبه، يؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، أن المساحات المجهزة للزراعة حاليا بالكاد تصل إلى 30 % من مجمل الأراضي القابلة للزراعة، موضحا أن الفترة الحالية هي ذروة التحضيرات وغالبية الذين لم يجهزوا أراضيهم حاليا سيكونون أمام خيارين؛ إما العمل متأخرا ما سيؤدي إلى تضارب الإنتاج أو البقاء متفرجا
ويبين أن مديونية القطاع الزراعي في الوادي تزيد على 500 مليون دينار، الأمر الذي تسبب بإفلاس العديد من الشركات الزراعية وحد من قدرة البقية على دعم المزارعين كما في السابق، قائلا المطلوب حاليا دعم المزارعين بقروض ميسرة من دون فوائد شاملة لجميع المواطنين لأن القروض السابقة خصصت للمتضررين من عاصفة التنين فقط وغير كافية لاستمرارهم للموسم المقبل . وبدوره، يؤكد مدير مؤسسة الإقراض الزراعي المهندس محمد الحياري، أنه تم الإيعاز لجميع فروع المؤسسة لتقديم قروض للمزارعين لغايات التحضير للموسم الزراعي المقبل ويمكن لأي مزارع الاستفادة منها، مضيفا أنه لا يمكن التجاوز عن المستحقات على المزارعين عند الحصول على القرض، والحالة الاستثنائية الوحيدة التي لم يتم فيها خصم المستحقات كانت حصرا وقصرا لمتضرري إعصار التنين ووصلت فيه كلفة الإقراض إلى 5 ملايين دينار
ويبين أن غض النظر عن المستحقات يعمق من المشكلة ولا يحلها ويزيد من المديونية، والمؤسسة معنية بالنهوض بالقطاع الزراعي وتراكم المديونية على المزارعين سيؤثر حتما على استمراريتها وديمومة الخدمة التي تقدمها
أما بالنسبة للفوائد والغرامات، فيشير الحياري إلى أن أي قرار بإعفاء أو جدولة الفوائد والقروض هو من صلاحية مجلس الوزراء وليس من اختصاص المؤسسة، موضحا أن أموال المؤسسة دوارة؛ أي ما يتم تحصيله يعاد إقراضه للمزارعين