07-08-2020 09:54 AM
بقلم : فارس الحباشنة
لماذا لا نفكر بغد ، ولماذا نخاف من غد ؟
من لا ماضي له ، يخاف من المستقبل ، ولا يفكر بالمستقبل .
من لا يقول و يعترف ان الاردن يسير حركة التاريخ ، فانه لا يفهم !
كنا نحلم باردن أفضل ، واردن ديمقراطي و اردن عادل ، واردن جميل ، واردن خال من كل الموبقات
، اردن غير ، كنا نقولها : بحلم الاطفال و مغامرة المراهقين ، وشهوة الشباب .
ولكن اليوم .. لا امامنا ولا وراءنا ، الزمن تعطل ، و ماكينة الزمن اردنيا تشتغل بالمقلوب وعكسيا .
يعني أحيانا تحس بالندم و الحسرة لانك ولدت هنا ، ولكن ولدت في هذا الزمن .
ولو ان الانسان قادر على التدخل في حتمية القدر ، ولو انه قادر على اللعب بالزمن ، ولو انه قدر على نسف معادلة
الزمن والمكان ، وقلبها .
الاردن كانت من الدول السباقة اقليميا في البناء و التقدم و التطور . وكنا نحسد من الاخوة و الاصدقاء و الاعداء معا . دولة بنيت
من الشح و العدم ، و المستحيل . بنى تحتية وتعليم ، و صحة وشبكة نقل: بري وجوي ، وقطاع عام ، و مؤسسات وتجربة ديمقراطية برلمانية
واعلامية غير مسبوقة في الاقليم .
وكأنها عين و اصابت الاردن . في الاعوام الاخيرة ، وكأن الاردن يسابق اخرته . دعونا من المدائح و الخطب الرنانة ، و الكلام الطري و المعسول ،
و دعونا من دموع التماسيح الذارفة .
هنا ، اتحدث عن خيبة أحلام جيل ، وهذا الجيل أنتمي اليه . خيبة لافكار و احلام عشنا وناضلنا من اجلها . احلامنا نن الناس البسطيين و الغلابة ،
من حصلنا على وظائفنا بالمشقة والجهد و التعب و التنافس ، لم نعرف يوما واسطة لاننا لا نملكها ، ولأننا نحارب كل يوم في لقمة عيشنا ، و ابسط
حاجات العيش الكريم ،ولأننا نقول الحق ، ونبوح بحلمنا واملنا بالاردن صنفنا بكارهين وسوداويين ، و مفترين على طبقة سياسية نهبت "الاخضر و اليابس"
، و سرقت المال العام ، و استغلت السلطة و شيدت مراكز قوى ونفوذ ، واحتمت في ظل السلطة و القانون لتستر على جرائمها السوداء والبشعة بحق
الاردن الحزين .
لا أبالغ في حرجي . و لا استطيع ان اكذب او انافق او انضم الى جوقة الدجالين . استسر على بكاء اهلي ، و اتستر رياءا على غضب اهلي ، واتستر
خداعا على جوع و عوز و فاقة و تهميش قومي .
الاردن بلد عظيم ، ولا يشبه أي بالبلدان . الاردن بلد منكوب ، و غائب دائما كوطن . تقاسم ثرواته افاعي و حرامية السلطة . كل رئيس حكومة ونواب و مسؤول كبير سابق بنى عزبة ومزرعة ،ووكر برا الاردن للاموال و الثروات المهربة .
و الاردن الحقيقي " الاصلي " جيعان و تعبان ، و عتبان ، ولربما لم يولد بعد . فحتى نحن كجيل خوننا الامانة والمسؤولية ، ولم نكن اوفياء و صادقين ومخلصين للقضية الاردنية ، هادنا و صمتنا ودراينا ، و مرت العاصمة من فوق رؤوسنا ومن تحت اقدامنا .
خاب ظنا بالأمل ، و ليت أني لم اثق بالأمل . فلا يطاردك اليوم الا الاخبار السيئة ، من خبر سيء الى خبر اسواء . حتى الحلم تم مصادرته ، ممنوع أن نحلم اليوم ، الامثلة والادلة و الشواهد كثيرة وكثيرة .
في السياسة لم ينتج حكماء و عقلاء ، بل ابالسة و زعران و اغبياء ، وجهلة . في مجلس النواب عشرين نائب لا يعرفوا يفكوا خط ، و عشرين اخرين ان عرفوا يفكوا الخط فانهم لا يفهمون ما يقرأون .
وماذا لو نبشا حديثا عن الوزراء و الاعيان ، وكبار موظفي الدولة من مستشارين وغيرهم ، من تمتليء بهم مكاتب مؤسسات الدولة ، ولا يزينوا حتى كراسيهم ، ولا يفخر بوجودهم غير زوجاتهم واولادهم من يعيشون في نعيم السلطة الابدي و الخالد .
يقال : ان الاردن ليس للاردنيين . نعم، حقيقة وواقع . قلة قليلة كحالنا من الايتام و الغلابة و المهمشين من يؤمنون بالاردن وطنا واما ، لا كعكعة . منلا يعرفوا ان يناموا في فراش الغريب ، ولا يعرفوا يدقوا ابواب السفارات ، و الوكالات الاجنبية .
الى هنا يكفي هذا اليوم . فلا يمكن ان اتوقف عن البكاء والندب . الدمعة راحة ، ونزوف الدمع يريح القلب ، و لربما ان البكاء وصفة علاج لا تشفي ولكنها تضمد جراح القلب ، ولو لساعات و ايام قليلة .
منعونا من اعلان حب الاردن ، وكل عاشق وملهم يحب معشوقته على طريقته . كان بودي لو أني لم اكتب ولو حرف مما سبق ، ولكن هذا هو الواقع و ها هو واقع الحال بصدق وموضوعية واحساس بالمسؤولية .