حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,19 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 445

(حكايات المطر) لآسيا عبد الهادي .. تقنية سردية تراثية

(حكايات المطر) لآسيا عبد الهادي .. تقنية سردية تراثية

(حكايات المطر) لآسيا عبد الهادي ..  تقنية سردية تراثية

07-07-2020 08:39 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - تتخذ رواية «حكايات المطر» للروائية الأردنية آسيا عبد الهادي شكل حكاية ترويها الجدة
كي تسلّي حفيدها وتنعشه بها. لكن هذه التسلية لم تكن هدفاً نهائياً للحكاية؛ إذ

بدت بالإضافة إلى ذلك متناً لمجموعة من القيم الأخلاقية التي أرادت لها الجدة أن تكون
سنداً لحفيدها في مستقبل حياته.
والرواية الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» جاءت في مئتين وأربعين صفحة من القطع
المتوسط، واتخذت تقنية سردية تراثية مستمدة من الطريقة التي كانت الأمهات والجدات
يبدأن حكاياتهن بها للأطفال المتحلّقين حولهن في ليالي الشتاء، فيستمعون باهتمام
وسعادة للقصص والحكايات الجميلة التي تروي أمجاد الأبطال والقادة الكبار في الزمن
الماضي وأخلاقهم.
تقول الروائية على لسان الجدة: «كانَ يا ما كان.. في قديم الزمان.. يا سعد الأكرام، ما
يطيبُ الحديث إلا بذكر النبيّ سيّدنا محمّد صلى االله عليه وسلم.. كان بيتُنا قريبْ..
وأجيبْ لكم صحنَ زبيبْ.. تأكلوا وتشربوا وتصلّوا على النبي الحبيبْ».
وتسترسل الجدة في حكايتها التي تنتهي باستفاقة الحفيد من سِنَة النوم التي أخذته
خلال الحكاية، فيطرح على جدته مجموعة من الأسئلة التي تتعلق بالبطل «حسن»
ومصيره.
وما بين هذه البداية والنهاية، تتفرع الحكاية في مسارات عدة، وقدمت شخصيات متنوعة
تحمل كلّ منها حكاية وحدها. وجعلت الكاتبة الزمن طليقاً، فلم تحدده بسياق تاريخي
معين لتكون القيم داخل الحكاية صالحة لكل زمان.
واتخذ المكان كذلك صيغة حرة، لكنه ارتبط بمملكة الوفاء والأمل، فأخذ صفته من صفات
أهلها، ولم يُختزَل بمكان مادي محدد. أما الشخصيات فحملت كل منها مضموناً حكائياً
مستقلاً، لكنه يتكامل مع المضامين التي تحملها الشخصيات الأخرى.
وبُنيت الرواية على عنصري المفاجأة والتشويق، وهذه سمة من سمات الحكي التراثي،
وهو أمر يساعد على جذب انتباه المتلقى لمتابعة القصة بشغف وإنصات وتركيز، بل
وبمشاركة وجدانية فى معايشة المواقف المأساوية فى القص. وقد اتضحت هذه النزعة
منذ أول فقرة فيها؛ إذ حملت حميمية وتشوقاً وأحداثاً غريبة. فتروي الجدة لحفيدها عن
الملك الطيب ملك مملكة الوفاء والأمل واختفائه فى ظروف غامضة، ثم تنصيب ابنه الأمير
الطاهر، وعن حسن ورحلته إلى مدينة الزهور وما لاحظه هناك من أنه «لا يوجد زعيم»،
ففكر بجد في أن يكون زعيماً لهذه المدينة، وفكر تفكيراً طويلاً فى كيفية القضاء على

خصومه، وصنع نسب يليق به، كل ذلك فى صورة عجائبية، ثم تراجع بعد ذلك عندما وجد
صبيّاً يطعم جرواً صغيراً الخبز اليابس بعد أن يبلله له، فتذكر كلام أمه: «ابن الأصل لا
يظلم الناس»، ففكر فى الأمر مليّاً: ماذا يجني الصبي من فعله هذا إلا العطف والرحمة
على حيوان؟ وماذا أجني بضلالي وجريي وراء المناصب والمال؟!
ويحتل عنصر المفاجأة في الرواية حيزاً كبيراً يتناقض مع مبدأ السببية فى بناء الأحداث؛
لذا لم يكن بالإمكان توقع سير الأحداث؛ الأمر الذي أعطى النص مزيداً من النضج
والتشويق، وألزم القارئ بالترقب وعدم توقع النتائج قبل أوانها. ومن الأمثلة على ذلك
عودة «الجوهرة» للحياة مرة أخرى، وحملها في بطنها طفلاً يصبح في ما بعد قائد ثورة
لإرجاع ملك أبيه.
تصف آسيا عبدالهادي لحظات الحمل هذه: «الجوهرة تفيق بعد فترة، تغسل دمها،
تعيش في القبو، تلاحظ انتفاخ بطنها، وتكتشف أنه حَمْل. تنجب طفلاً تسميه (حسن)،
وتظل مكانها خمس سنوات، ثم تهرب إلى المدينة. تتعرف على (أم عادل)، المرأة العجوز
العمياء، تظل سبع سنوات عندها، حتى وقت اكتشاف حدرج ورجاله لموضعها، تهرب
بالطفل إلى مكان منقطع، حتى يبلغ السادسة عشرة من عمره، كان الوضع في المدينة
يزداد حنقاً وغضباً على حدرج، يوجد حسن وسط المعارضين، يُعجب به الملك الذي كان ما
يزال لا يتصور موت الجوهرة».
ويكشف وصف هذه اللحظات التي عاشتها «الجوهرة» عن تنوع أسلوب الحكي فى الرواية،
ما بين لغة السرد العادية واللغة الشعرية. وقد تجسدت اللغة الشعرية فى وصف
المواقف الإنسانية المؤلمة فى الرواية، كما حدث عند استيقاظ الجوهرة بعد فترة الإغماء
الطويلة التى مرت بها: «بين الركام والخراب امرأة لا يفصلها عن الموت سوى خيط رفيع،
ملقاة فى مكان معزول، وسط ظلام دامس، ولكن خيطاً رفيعاً من الحياة ما زال يتسلل
إلى روحها، فيحرك بعض أعضائها. أفاقت قليلاً، تململت، لكن لا قدرة لها على الحركة.
أُغمي عليها، ثم أفاقت، ثم أُغمي عليها، وأفاقت من جديد. تحسست جسدها فوجدته
رطباً يغرق فى شيء ما، غمست يدها به واشتمته، إنه الدم، تئن، كل شىء يؤلمها،
تشعر بصداع يكاد يفجر رأسها فقد نزفت كثيراً، ربما لم يتبق فى جسدها نقطة دم
واحدة».
وتحظى نهاية الرواية بالكثير من الأمل والعزم والتصميم التي تتجسد في الحفاظ على
التراث، والتمسك بالحق مهما انقضت بعده الأيام والسنين. وربما كانت هذه القيمة واحدة

من القيم الكبرى التي أرادت الكاتبة بثها في روايتها. ثم تجعل الجدة من المطر رمزاً
للخير الذي لا بد أن ينتصر في نهاية كل صراع بين الخير والشر والحق والباطل.
وهكذا: «أفاق عمر من نومه يسأل جدّته: هل انتصر حسن؟ هل عاد إلى أهله؟ وهل عثر
على والده؟ وهل عاد إلى بيته؟ ضحكت الجدّة وطمأنته: نعم نعم يا عمر.. لقد حدث كلّ
ما تتمنّى.. هيّا إلى السرير وغداً أحدّثك بحكاية أخرى.. فما زال المطر ينهمر وأملنا بالخير
كبير».
يذكر أن آسيا عبد الهادي من مواليد سلمة–يافا، تنوعت دراستها بين علم الاجتماع
واللغة العربية والحقوق وعلم الإدارة. عملت في عدد من شركات النفط في الكويت بين
عامي 1966 و1983 ،وكتبت زاوية يومية في كلٍّ من صحيفة «القبس» الكويتية (1978-
1983 ،(وصحيفة «الأسواق» الأردنية كما كتبت لأشهر في صحيفة «الدستور» الأردنية ثم
تفرغت لكتابة الرواية. وهي عضو في رابطة الكتّاب الأردنيين. أصدرت قبل هذه الرواية
ثماني روايات، هي: «الحب والخبز» (2006 ،(و«سنوات الموت» (2008 ،(و«الشتاء المرير» (2010،(
و«غرب المحيط» (2012 ،(و«بكاء المشانق» (2014 ،(و«سعدية» (2015 ،(و«ذكريات وأوهام» (2016،(
«دولة الكلاب العظمى» (2018.(


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 445

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم