20-04-2020 11:39 AM
بقلم :
قبل الكورونا كانت تعج المحطات ببرامجها التلفزيونية من أخبار ومسلسلات وأفلام بالإعلانات التجارية والدعايات، وتتنافس شركات تصنيع المنظفات على طرح وتسويق منتجاتها من منظفات ومعقمات.
كان (الديتول) مادة مسيطرة وتكتسح الشاشات في زمن بعيد، لكنه بعد فترة لم يصمد أمام المنافسة، بتقليده في شكل العبوة وتشابه الإسم حتى يختلط على المستهلك عند الشراء، وتعددت الأسماء وتنوعت أشكال العبوات الجاذبة والملفتة، وكل نوع كانت دعايته تلغي فعالية أي نوع آخر في التعقيم والتنظيف، بالمادة الزرقاء أو الصفراء، أو بالتي تعطى رمزا بأحرف أجنبية، على أن تلك المادة الفعالة لا توجد إلا في ذلك المنتج لتلك الشركة، وأنه إكتشاف العصر لتلك الشركة في الإنتصار على كل مسببات الأمراض من بكتيريا وجراثيم وفايروسات.
نعم كثرت الشركات وأجتاحت إعلاناتها الشاشات حتى صرنا لا نكمل مشهدا واحدا من مسلسل إلا بعد متابعتنا عشرة إعلانات عن عشر أنواع من المنظفات والمعقمات، كل يعرض شكلا ونكهة ويدعى أن منتجه الأروع والأفضل، لكننا تفاجأنا بأننا حين إحتجنا لمعقم ومنظف فعال للوقاية من خطر الفايروس، أننا وبتوصية علمية طبية نبحث فقط عن منظف يحتوي الكحول بنسبة جيدة وقاتلة للميكروبات، ولم تعد تهمنا النكهة والرائحة وشكل العبوة، وصرنا نبحث أن انواع موثوقة لم نعد نشتريها أو إقتنعنا ببدائلها وهي منتج (الديتول) ولكنه لم يعد متوفرًا كالسابق أو يكتسح الرفوف.
ونفس الحال كان في أنواع الرجال الذين كانوا يأتون ويتصدون لخدمة الوطن وخدمتنا وحماية الوطن من كل الآفات، كان هناك نوع مسيطر وفعال، لكنه إختفى وداهمتنا انواع وأشكال وأسماء سوقوها علينا في كل حكومة تأتي، بأنها أنواع فعالة وأنواع فيها مالم يوجد في غيرها من (خبرات وصفات) وأصبح النوع الموثوق من الرجال يسمى (الحرس القديم) الذي تخلصنا منه على فترات، وحل محله (حرس أصلع، ديجتال، أنيق المظهر واللسان)، وأقنعونا أنه المعقم والمنظف والمخلص، حتى جاءت الأزمة لنكتشف أن ما قد إشتريناهم ووثقنا بهم ما هم إلا وباء، وما هم إلا شكل ولون ورائحة زكية، لكنهم أقوى سبب لإنتشار كل الأمراض ومسبباتها في جسد الدولة والمجتمع.