25-03-2020 09:40 PM
بقلم : الدكتور أحمد العجلوني
لا شك بأن الحكومة تواجه معركة الكورونا ومن وراءها الأجهزة الحكومية الأمنية والعسكرية والطبية بجهود أقل ما يقال عنها بأنها مخلصة وحثيثة. وقد حازت الحكومة خلال الثلاث أسابيع الماضية ثقة مطلقة من كافة شرائح الشعب وقواه الحزبية والاجتماعية بشكل لا نظير له.
من وجهة نظر إدارية بديهية؛ إن ما يقود إلى النجاح ليس بذل الجهود والإخلاص فيها على أهمية هذا الأمر، حيث أن القدرة على تحقيق النجاح تتطلب استغلال كافة الموارد بكفاءة. وهنا يكمن "مربط الفرس" وجانب النقص الذي يجب تغطيته بشكل سريع حتى نبقى بعيدين عن دائرة الخطر العام كما هو الأمر في إيطاليا وغيرها من الدول التي لم تتعاطى مع الأمر بكفاءة وانشغلت القوى المؤثرة فيها بخلافاتها السياسية.
في الأردن قوى اجتماعية مهمة ومؤثرة من شخصيات عامة وأحزاب ونقابات يجب على الحكومة أن تستغل مقدّرات هذه الجهات ورغبتها الكبيرة في تجمّل مسؤولية المرحلة مع الحكومة وإعلاناتها المتكررة في وضع كل طاقاتها تحت إدارة الحكومة وإشرافها. لقد ظهرت -–بكل- أسف نتيجة تجاهل هذه الطاقات في صور مؤسفة من تخبّط واضح في قرارات الحكومة وكان أبرزها الفشل الذريع في موضوع توزيع الخبز.
من الطاقات المهمة والموارد الأساسية التي تم تنحيتها عن المساهمة في إدارة الأزمة الشريحة الكبيرة من العلماء والمتخصصين الذين يفاخر بهم الأردن وتستعين بهم الكثير من الدول. فالخبراء في العلوم الاقتصادية والإدارية سواء في علم الاقتصاد أو علوم الإدارة في التخطيط والتنظيم وإدارة الأزمات لا غنى عنهم. إضافة إلى الخبراء المتخصصين في علم الاجتماع وعلم النفس الذين تحتاجهم الحكومة في فهم طبيعة المجتمع وسلوكه وكيفية التعامل معه في هكذا ظروف.
إن الخطر الذي يواجهه بلدنا الحبيب هو خطر عام لا يستثني أحداُ، وإن المسؤولية القانونية والأخلاقية والوطنية تستدعي حشد كل الطاقات وليس الاكتفاء بالجهود الحكومية فقط التي أدت لغاية الآن إلى إرهاق الجهاز الإداري للدولة وتحمّل تكاليف قد لا تكون مبررة نظراً لواقع الأمر الذي نراه.
هذه دعوة بأن تراجع الحكومة استراتيجيتها في التعامل مع الأزمة بأن تحشد كل الطاقات الوطنية وأن تفسح المجال –وتحت سيطرتها وإدارتها- للمخلصين من أبناء البلد لتقديم ما لديهم للمساعدة في حمل هذا العبء قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه لا قدّر الله.
الأمر لا يحتمل التجريب والاجتهاد وتحمّل المسؤولية من قبل الحكومة وحدها. كلنا في مركب واحد، وكلنا سننجو أو سنغرق لا قدّر الله. اللهم ألهم حكومتنا الرشد والصواب وبارك في جهودها وجهود كل المخلصين من قوى الأمن والجيش والكوادر الطبية واحفظ البلد الطيب.