24-03-2020 03:06 PM
بقلم : فدوى الخصاونة
أنت أمام خيارين قارورة ماء أمام بيتك أو ألف دينار في جيبك ؟
بكل ثقة كان الجواب ألف دينار طبعا .
على ما يبدو سؤال بلا معنى يحتمل اليوم ألف معنى .
بعد أن ذهبنا في رحلة وانقطعت بنا السبل لأيام،ولم يتبقى لدينا طعام أو شراب يكفي للبقاء على قيد الحياة،
لا أنكر وقتها كانت محفظتي في جيبي وبها ما يقارب الألف دينار،ولكن ماذا أفعل بكل هذه الأوراق ؟
كحال أهل الكهف عندما أشار أحدهم أن يذهبوا بورقهم إلى المدينة فلينظروا أيهم أزكى طعاما ، ولكن هيهات أن يحصلوا على شربة ماء .
وفي قصة أخرى لرجل يبحث عن الذهب وقد تمكن من العثور على مغارة مليئة بالمجوهرات والذهب؛ولكن عليها رصد متمثلة بشكل عروس ترتدي فستاناً أبيضاً مرصعاً بالجواهر وتجلس وسط أكوام من الذهب ولكنها لا تكفّ عن الضحك . وكان على هذا الرّجل أن يجمع ما يستطيع،ويأخذ ما يريد من المجوهرات بشرط أن لا يلتفت إلى العروس أو ينظر إليها حتى وإن ارتفع صوتها وعلا .
فبدأ الرجل يجمع ما بوسعه من مجوهرات وبدأت ضحكات الرصد(العروس) تعلو تدريجيا حتى إذا جمع أكثر ارتفع صوتها أكثر؛مما أثار الرعب لديه فأنساه الشرط فالتفت إليها وضحك معها.
وهنا أُغلقت عليه المغارة وبقي بداخلها وانتهت حياته؛فلم تمكنه كل تلك المجوهرات من الفرار أو الخروج لتناول شربة ماء أو الخروج والنجاة .
نعم هذا ما فعله كبيرهم كورونا لم يجعل للمال قيمة بعد أن كان المال هو الغاية والهدف لكل إنسان .
اليوم أدرك الجميع أن المال هو الوسيلة للحصول على زجاجة ماء أو أدنى من ذلك؛حتى وإن لم يتوفر المال لا يهم فالسماء بها فسحة وغيوم،ورزقكم وما توعدون،وبها الشفاء من البلاء .
المال بأيدينا تماما كمن يحمل دلو ماء في البيداء يحاول ان يملأه ولكنه يلهث حول السراب .
فما نفع ما جنيناه إن ظل مركون على الرفوف لا يُحَرَك.
وكم من دعاة وائمة ورهبان أشاروا لهذا المعنى ولكن المعرضين استغشوا ثيابهم وجعلوا أصابعهم في أذانهم ؛ أما كورونا فقدم درسا ميدانيا عظيما على أرض الواقع ففي إشارة لمنظمة الصحة العالمية : أن النقود هي أكثر الأشياء عرضة لنقل الفيروس؛تماما كما نقول بالعامية (المال وسخ الدنيا ).
فما قيمة المال في زمن كورونا ؟
تبدو الشعوب في كل العالم كهذا الرجل يكنزون الذهب والفضة وكورونا الفيروسية الجديدة غير المرئية تفضي إلى نمط وسلوك يغلق السبل أمام عبيد المال والدينار ويقول:وطعامكم حلٌّ لكم كلوا واشربوا ولا تسرفوا .