10-03-2020 10:00 PM
بقلم : المحامي صالح يوسف الداود
في جدلية الحوار القائم الآن على الصعيد المحلي في الأردن فيما يتعلق بوباء الكورونا المنتشر على نطاق واسع عالميا؛ ووقوفا على الاحصائيات الأخيرة في المملكة التي أعلنت عنها وزارة الصحة في مؤتمر صحفي قبل أيام معدودة بثبوت حالة واحدة و(80) حالة في الحجر الصحي وصلت إلى الأردن من مناطق ينتشر فيها فيروس في مستشفى العزل في البشير وفندق مستأجر من قبل الوزارة.
لابد لنا هنا من الوقوف على قانون الصحة العامة الأردني رقم ٤٧ لعام ٢٠٠٨ وتعديلاته فيما يتعلق بصلاحيات وزارة الصحة وتحديد واجبات الأقسام المسؤولة في التعاطي مع الأوبئة وانتشارها في المملكة. بداية عرّف القانون الوباء في الفصل الخامس الامراض المعدية – المادة 17 بأنه " زيادة عدد الحالات لمرض معين عن العدد المتوقع حدوثه في العادة في مكان محدد ووقت محدد.
وتطرقت كل من المواد من 18 – 27 من الفصل الخامس نفسه بالتدابير الاحترازية لمنع انتشار الوباء كالحق في تفتيش المنازل والعقارات المشتبه بها وتطهيرها وتعقيمها واتخاذ جميع الاجراءات الكفيلة بالحد من انتشار المرض المعدي ومراقبة مصادر المياه والغذاء والمزروعات واي مواد غذائية أو مصادر اخرى يمكن أن تشكل وسائل محتملة لانتقال العدوى وعزل المرضى بالطريقة التي يقررها الطبيب أو المعرضين للإصابة او المشكوك في اصابتهم ومنع انتقالهم وأخذ العينات المخبرية من المرضى والمخالطين او المشتبه بإصابتهم أو من أي مواد غذائية أو مياه أو غير ذلك في حال تم اشتباهه حدوث مرض معد، بحيث يمنـــع تعرض الآخرين للعدوى.
وكذلك أعطى القانون الحق لوزارة الصحة بإتلاف المواد الملوثة ودفن الموتى ومعاينة وسائل النقل ووضع اليد على العقارات ووسائل النقل للمدة التي تقتديها الضرورة مقابل تعويض عادل وفحص مصادر المياه ومياه الصرف الصحي ومجموعه كبيره من الصلاحيات واتخاذ جميع التدابير الاحترازية التي تمنع تفشي أو انتقال الوباء في المملكة وبصورة عاجلة والإعلان عنه في خلال أربع وعشرين ساعة من حدوثه بوسائل الإعلام المختلفة والنشر في الجريدة الرسمية، وفرض القانون إجراءات الرقابة الوبائية بما في منع تسرب الأمراض الى المملكة ولمنع انتقالها الى الدول الاخرى عن طريق البر أو البحر أو الجو. وحسب القانون أيضا أن كل من أخفى عن قصد مصاباً أو عرّض شخصاً للعدوى بمرض وبائي أو تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير أو امتنع عن تنفيذ أي إجراء طلب منه لمنع تفشي العدوى يعتبر ارتكب جرما يعاقب عليه بمقتضى أحكام هذا القانون.
وحتى لا نجلد أنفسنا كثيراً في هذا الموضوع في الأردن خاصة وأن الوباء المنتشر عالميا عجزت عنه دول تصنف أنها متقدمة علمياً وطبياً مقارنة بدول العالم الثالث، إلا أن الأمر يتطلب من وزارة الصحة الأردنية شفافية أكثر في تقديم المعلومة وتوضيح التدابير المتخذة للتعاطي مع هذا الوباء للمواطن الأردني؛ فكل تصريحات وزير الصحة منذ بدء وصول الوباء للأردن حتى اليوم لم تتجاوز الإعلان عن الحالة وتكلفة العلاج للمحجور الواحد على خزينة الدولة (ما بين 120 -180 دينار باليوم الواحد في فندق و1200 دينار في العزل). إننا نقدر كافة الإجراءات والتدابير المُعلن عنها حتى هذه اللحظة ونثمن الجهود التي تقوم بها الكوادر الطبية، ولكن بات الأمر واضحاً أنه لا توجد خطة وطنية واضحة وشاملة مضادة لمكافحة تفشي الوباء أو السيطرة عليه، في حال لا قدر الله خرج عن الوضع الحالي.
نحن الآن أمام تحدي وطني كبير يتطلب من جميع المؤسسات والأفراد في جميع المواقع الوطنية من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المحلي ومركز إدارة الأزمات العمل معاً للخروج بالسفينة من عين العاصفة نحو بر الأمان، لذا فتكاتف الجميع وعلى رأسهم مجلس النواب الأردني في ممارسة وظيفته الرقابية على إجراءات الحكومة متطلب وطني حتمي لا مفر منه، ذلك أن أي تواني من قبل الحكومة وهي الذراع التنفيذية للقوانين والتشريعات سيضع المواطن الأردني وحيداً في مواجهة مع الكورونا دون حماية...
حمى الله الأردن أرضا وملكاً وشعباً...