حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,12 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3569

‏العودةُ إلى الماضي القريبِ البعيد

‏العودةُ إلى الماضي القريبِ البعيد

‏العودةُ إلى الماضي القريبِ البعيد

10-03-2020 02:03 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أنس الخالدي
‏بعدَ أعوامٍ مضتْ في حُلوِها ومُرِّها ، أجلسُ مع نفسي اللّيلة، أفكِّرُ وأُعيدُ شريطَ ذِكرَياتي؛ ذكرياتُ الطُّفولةِ والماضي الجميل.
‏تلك الأيّامُ وبالرّغمِ من قَساوتِها ورغمَ الحِرمانِ الذي مررنا به إلا أنني أتمنى أن يعود الزّمانُ لها، حيث البساطةُ والطّيبةُ والبراءةُ والأخوّةُ الصّادِقة.
‏ ما زلتُ أذكُرُ طُفولَتي أنا وأخوَتي، وبيتُنا الصَّغيرُ الذي كان يتّسِعُ لنا نحنُ التّسعة. كان بيتُنا صغيرًا بحجمه، كبيرًا باحتوائه لنا وتركه كلّ الذّكريات الجميلة التي بقيت عالقةً في أذهاننا حتى اليوم.
‏أذكُر أنّني وأخوَتي الصِّبْية كنّا نَنامُ في تلك الغرفةِ الصّغيرةِ مُلتَصِقينَ بجانبِ بعضنا البَعض، وقُلوبُنا تكادُ تُحَلِّقُ من شدّة الفَرَح. في ذلك الفراشِ الذي بالكادِ كان يتّسِعُ لنا، كنّا نقضي كل ليلةٍ في ضَحِكٍ ولهو، إلى أن ننامَ عُنوةً بعدَ صَفَعاتِ أمّي الأشبه بالطَّبطبة، كي تُجبرنا على النَّومِ مُبكرًا، مع جُملتِها المُعتادة في كلّ ليلة " ناموا عندكم مدرسة الصبح ".
‏كبُرتُ مع أبي الذي أفنى عمرَهُ كضابطِ أمن، وكان يمضي الكثيرَ من أوقاتهِ خارجَ المنزِل، لتصلَ فتراتُ غيابِهِ لأسابيع، باحثًا عن رزقهِ كما غيرُهُ الكثيرون.
‏أما عن والدَتي صاحبةُ القلبِ الرّقيقِ النّاصِعِ بياضُه، هي التي تحمّلَت وصارَعت مِن أجلِنا صغارًا، فقَد تولّت مسؤولية تربيتنا في ظلّ غيابِ والدي أثناءَ عمَلِهِ المُستمِرّ. والدتي امرأةٌ لا تُجيدُ القراءةَ أو الكتابةَ، لكنّها في نظرنا دائمًا كانت وما زالت هي المربيةُ والمُعلّمةُ والطّبيبةُ، هي كلّ شيء. لقد جعلت منّا رغمَ قلّة الإمكانياتِ وشُحِّها رجالاً طموحين، استطعنا أن نبني أنفسَنا بفضلِ الله عزَّ وجلّ ثمّ بفضلِ دعمِها وحِرصِها المُستمِرّ على نجاحِنا هي ووالدي.
‏نعودُ إلى ذكرياتِ الطُّفولةِ التي كانت مليئةً بالفرحِ والصَّداقات التي كانت ولا زالت تحملُ في طيّاتِها الكثيرَ من الأسرارِ الجميلةِ مع أصدِقاءٍ همُ الأقرَبُ إلى أن يكونوا أُخوةً لي. الماضي كما نعلمُ لا يعود، ومهما حاوَلنا النِّسيان، تبقى الذّكرياتُ محفورَةٌ بداخِلنا، تَذهَبُ بنا إلى عالَمٍ جميلٍ نتذكّرُ فيهِ أجملَ اللّحظات، حتى وإن كانت مؤلمة، يبقى لها رونقٌ خاصّ بالقلب.
‏قد تجمعنا الدُّنيا بأشخاصٍ أو قد نمُرُّ بأماكنَ لم نعتَبِرها في بِدايةِ الأمرِ مُهمّةً، ولكن بعد الابتعاد نشعرُ بقيمَتِها ومدى تأثيرِها الذي ترَكتهُ فينا، فنَعيشُ مع ذِكرياتها، وعلى أملٍ أن تعودَ من جديد.
‏مرّت السّنواتُ وكبرنا، تحمَّلنا مسؤوليةَ أنفُسِنا وأصبحَ الحِملُ ثقيل، لكنّي لم أنسى شيئًا من الدّروسِ والحِكَمِ والكلامِ المُطوّلِ الذي كان أشبَهَ بمُحاضَراتٍ مِن والدي ووالدتي. لقد مشيتُ بخطًى ثابتةً نحوَ الهَدف الذي وضعتهُ نُصبَ عَيْنَي، درستُ البَكالوريوس مُتَكِئًا على نفسي سنينَ عديدة من الجُهدِ والعَملِ والدِّراسة، حتى تخرّجتُ بفضلِهِ عزَّ وجلّ ودعَواتِ الأهل. خطوةٌ إلى الأمامِ بعدَها، عملتُ واجتهدتُ وتعبتُ وفشلتُ وكُسِرتُ وتحمَّلتُ ووقفتُ مِن جَديد، لم أجِد حوْلي سوى أهلي داعمين لي والقليلُ من الأصدقاءِ المُقرَّبينَ جدًّا وعددهم لا يتجاوزُ الثَّلاثة، وبفضلِ الله وكَرمِهِ أنا الآن ادرسُ الماجِستير خارج الأردُن ولم يبقى سوى أشهُرٌ معدودةٌ لأحصُل على هذه الدّرجة بِحَولِ الله وتوفيقه. بعدها سأكونُ على موعدٍ مع تحدٍّ جديدٍ في بلدٍ جديد لإكمال الدّكتوراه بإذنِ الله، وما النّجاحُ إلا محطات أعبُرُها في طريقٍ مرسوم، لكن أنا من سيكونُ الفنان ومن سيرسمُ ويُزخرف الطّريقَ كيفَما أريدُ بعد إرادتِه سُبحانَهُ وتعالى.
‏التّحدياتُ كثيرةٌ والصّعابُ جُلّها تخطيْناها ولم يبقى سوى القليل بحولِ الله. مازلت أحلُمُ وسأنجح ، وحُلُمي مآلُهُ أن يُصبح حقيقة، وما خاب من قال ياربّ.
‏وللحديث بقية..








طباعة
  • المشاهدات: 3569
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم