حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,8 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1207

صيرورة الوعي الشبابي الوطني فرصة لاستشراف المستقبل

صيرورة الوعي الشبابي الوطني فرصة لاستشراف المستقبل

صيرورة الوعي الشبابي الوطني فرصة لاستشراف المستقبل

02-02-2020 04:12 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : معتز غازي العطين
الشباب كلمة من اكثر الكلمات التي تم البحث والحديث بها خلال اكثر من عقد ونحو اكثر من 350 مليون نص قد تجده على محركات البحث وعدا عن المئات من المولفات الورقية من كتب وبحوث وذلك انطلاقا من اهمية دور الشباب وخاصة اننا على ابواب فرصة سكانية تمر بها المنطقة , حيث تشكل نسبة الشباب فيها اكثر من ثلثي السكان وان هذه الفرصة السكانية اذا لم يتم استغلالها بشكلها الامثل ستغدو نقمة على منطقتنا .
خلال العقدين الماضيين شكل الشباب محرك عمليات المطالبة بالاصلاح وكان الربيع العربي بداية نفاذ صبره على ما يتعرض له من ظلم وتهميش وغياب للعدالة المرجوة والتنمية المطلوبة , حتى تطور الوعي الشبابي الجمعي بشكل واضح وجلي لا يمكن التغافل عنه وذلك وصولا كمثال لانتخابات الرئاسة التونسية حيث شكل الشباب اساس التغيير الجذري الخارج عن الانماط التقليدية وكانه يرسل رسالة مفادها ان كل ماهو قديم لم يعد يصلح وكل المحاولات لتزييف الوعي لم تعد تجدي نفعا .

ان هذا الجيل اليوم هو اساس كل العمليات ومحاولات قراءة المستقبل في الدول التي تحترم نفسها وتبحث عن الاستدامة والتقدم والتطور , والجميل بالامر ان هذا الجيل اصبح قادرا على اجترار الماضي كمحاولة لقراءة الحاضر واستشراف المستقبل وفق احتياجاته ومتغيرات العالم وظروفه الموضوعية , حيث ان هذه التغييرات وحجمها دوليا واقليما اصبحت اكثر وضوحا عند جمهور لا باس به من جيل بدأت تتشكل شخصيته ووعيه على وقع التكنولوجيا وتحول العالم لقرية صغيرة قادر من خلال شكل وحجم معلوماتها على تحليل الواقع وقراءة المستقبل وفق متطلبات النظام الدولي الذي يمر في حالة ولادة قيصرية قد تطول او تقصر .

يشكل هذا الجيل الذي يصعد مبكرا نسبة تتجاوز 68% ,مع ذلك , هنالك شعور متنامي بالاقصاء والتهميش , نتيجة عدم مساهمته في ادارة موسساته وخاصة تلك التي يتعاملون معها , والتي تدار من جيل اصبح عاجزا عن فهم حجم التحول ومتطلباته , بدءا من الاسرة , مرورا بالمدرسة والجامعة ,وليس انتهاءا بالشركات والموسسات , وخاصة الثقافية , والاعلامية , والترفيهية , والفكرية , وحتى التي تمس حياته بشكل مباشر , حيث ان استمرار الدول بالتعامل مع المجتمع على اساس انها هي الوصية عليه لم تعد تجدي نفعا مع كل تلك المساحات الفكرية والثقافية التي اصبحت متاحة عبر الفضاء الالكتروني والتي قد تشكل خطرا وتسخيفا وضياع لجيل كامل ليتحول من طاقة كاملة ايجابية لطاقة سلبية مقلقة اذا لم يتم فعلا الاستفادة منها وفق مشروع التقدم الوطني على كافة المستويات .
ان صيرورة الوعي الشبابي الاردني في هذه الايام تزداد وبشكل واضح وذلك جلي من شكل وحجم القفزات التي حققها خلال العقد الماضي مرورا بالجامعات والنقابات كمثال حي على شكل وطبيعة هذه الصيرورة التي تجاوزت بطريقها الهويات الفرعية الضيقة والشروع بوضع اطر فلسفية وثقافية حتى وان كانت غير متشكلة ومتوحدة باطار واحد الا انها محاولات قد تعطي دلالات موضوعية وشكلية توسس لمرحلة مختلفة , خاصة ان تلك المحددات التي كانت سابقا تحجب الرؤية امام جيل كامل قد بدات بالتآكل بشكل لا تستطيع الادوات التقليدية بالوقوف بوجهه , بدءا من القيم والتقاليد والعا دات المتعارف عليها والتي كانت وما تزال بشكل جزئي تشكل محددا للخروج من مركزية التفكير نتيجة سيطرة العائلة الى الان لنقل القيم والتوجهات وتحديد مكانة الفرد الاجتماعية وحتى اجترار الماضي ومجده الا ان ذلك فعليا بدء بالانخفاض نتيجة شعور الجيل الجديد بازدواجية التفكير بين ما يطرح في هذه الموسسة وبين ما هو في العالم اجمع نتيجة ثورة الاتصالات المتسارعة .
اما عن المحدد التقليدي الثاني, الموسسة الدينية والتي تعتبر في مجتمعاتنا ركيزة في تشكيل ثقافة الافراد لم تعد قادرة على مجاراة هذا التطور ولا اقصد هنا غياب دورها , حيث انها ما تزال تسيطر على مجموعة كبيرة عبر ايضا اجترار الماضي وتمجيده والتباكي عليه دون التفكير مليا ان قراءة الماضي لا تعني الوقوف عنده بل العمل للحاضر والتخطيط للمستقبل بقراءة موضوعية له حيث ان الجيل الصاعد اليوم بات يشعر باهمية العلم وانه لا يتعارض مع الدين واهمية النقد والانتقاد للممارسات والافكار التي تطرح بعيدا او بتناقض مع العلم حيث ان حاجة المجتمعات اليوم باتت واضحة انها ليست بحاجة للحديث عن الماضي وتناقضاته واحداثه بقدر الحاجة لمعرفة اين وجود الدين في الفيزياء والكيمياء والعلوم الطبية والثقافة والعدالة والحرية والمعاملات الحسنة والتفكير بمستقبل الجيل كامل والتخطيط والتبصر .

ولم تكن الموسسة الدينية هي الموسسة الوحيدة التي توقفت عند الماضي بل الموسسة التعليمية التي اصبحت لا تحاكي الواقع ولا متطلباته حيث ان دورها مكمل لدور الاسرة والموسسة الدينية في تشكيل ثقافة الافراد والتفكير السليم وذلك نتيجة غياب الدور المركزي للتعليم والذي اصبح مفتقدا مما ادى لغياب الرؤية وحوله لاداة تشتيت وتمزيق وتعميق الاختلافات المجتمعية وخاصة في ظل غياب العدالة في مستوى التعليم وتفاوته مما خلق بعض الاجيال الطبقية غير منتمية لوطن بل لعالم مختلف كليا عن مجتمعها عدا عن شكل المناهج وطبيعتها التي لم تعد قادر على خلق جيل متميز ومنساق مع عصره ومتطلباته .
اما اذا مررنا على التحديات الاقتصادية والفقر والبطالة والتهميش وضياع الفرص وهجرة العقول واحلال التفاهة والضعف في الادرة العامة وغيرها من قضايا تمس جيل الشباب بشكل مباشر , انه لا افق لحلها دون اصلاح سياسي حقيقي , حيث تشكل المعادلة السياسية اساسا ومركزا لها والتي تفتقر في الكثير من جوانبها للحرية والعدالة وغياب مبدأ الشفافية والمحاسبة , مما لا يتيح مجالا منفتحا وسلسا لمشاركة الشباب في الحياة العامة عبر النقد الاذع او تقديم الاقتراحات والحلول , عدا عن تغييب الحياة الحزبية من الجامعات ومحاولات تقزيم دور الاحزاب وتعزيز الهويات الفرعية عبر قوانيين انتخاب غير قادرة على خلق حياة سياسية وتمثيل حقيقي للشعب مما يبقى حجر عثرة في تشكل حياة سياسية ناضجة وراشدة , مما ادى لعدم اقتناع جيل كبير من الشباب بمجمل العملية السياسية وخاصة انهم غير مساهمين فيه الا عبر التوصيت الغير مجدي نهائيا ودون ادنى مشاركة حقيقية .
اليوم هنالك جيل كامل استيقظ على حالة من الازدواجية الفكرية الاجتماعية نتيجة ما يعيشه بالواقع وبين ما يراه عبر منصات التواصل الجتماعي وحتى تشتت الهوية ومحاولات البحث عنها التي غدت تمظهراتها واضحة من استذكار للاشخاص و الاحداث التاريخية وحتى وصلت لاعادة قراة التاريخ وتحليل سياقاته الوطنية وفي بعض الاحيان محاولة استجلابها وكانها رغم اختلاف الضروف الموضوعية والاجتماعية والاقتصادية تتناسب مع واقع اجتماعي واقتصادي وحتى سياسي مختلف كليا , الى انه دليل قاطع على فشل الحقبة وضعفها وعدم قدرتها حتى على ترك اثر لها سوى السوء والتهميش والتشتت, كما ان هذا الجيل استيقظ على حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي نتيجة حالات اللجوء المستمرة حتى انه جاء في ظروف سياسية واقتصادية دولية تواجه حالة من اعادة الصياغة العالمية للاقاليم والدول على مبدا توازن المصالح والتنمية والاستدامة ,اما على المستوى الوطني المباشرهنالك حالة امتعاظ شديدة لدى هذا الجيل فقد جاء ضمن سياقات وتحولات لم يساهم بها ولكنها كانت قد اثرت بشكل مباشر على حياته ومستقبله , فوجد حالة من غياب التنمية وانتشار الفساد ودولة غارقة بالديون والمشاكل المعقدة على كافة المستويات افقيا وعاموديا , وغياب التمثيل الحقيقي له مما فتح باب التساولات لدى جيل كامل حول , مستقبله ومستقبل وطنه وما زال يبحث عن اجابة حقيقة ومنطقية لها او حتى البحث عن جهة تحاول تقديم اجوبة على ذلك بدءا من كيفية استعادة الدور الحقيقي للشعب عبر التمثيل الشرعي له او كيفية تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتوزيع الثروات وبين ما يتطلبه مستقبل التعليم ومخرجاته وبين احتياجاته الانسانية بعد التعليم من صحة ونقل وحياة افضل .

لا اعتقد ان هنالك احد يستطيع ان يملك الحقيقة المطلقة الا ان هنالك مجموعات مختلفة ومشتته الى الان تحاول طرق باب هذه الحقيقة وفق وقع التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصياغة رؤية حقيقية مستندة للمعادلات السياسية المعقدة للاجابة على تساولات الاجيال ولكن كل هذه المحاولات قد تكون اصلب واكثر حفاظا على الدولة والشعب اذا فتح الباب الحقيقي للديمقراطية الحقيقية والشرعية التي تمنح مخرجاتها شرعية حقيقة وتستند بالاساس لاحقية الشعب في ادارة موسساته وموارده حسب واقعه الاجتماعي والاقتصادي بعيدا عن تجار السلطة وادواتهم .

ان استمرار حالة الانكار قد تزيد من مآلات الظروف والاحداث القادمة وان محاولات التجاوز بالقفز بالهواء عن استحقاق تاريخي واجتماعي دون حساب اين اقدامنا سترتكز بعد هذه القفزة ستسقطنا جميعا في اللامجهول لذا علينا ومن واجب المسوولية الاخلاقية والوطنية صياغة تسوية وطنية وطنية تتيح للشباب المشاركة بشكل فاعل فيها عبر صياغة او استشراف مستقبله في كل قطاعاتها بدا من التعليم والصحة والنقل والتنمية الشاملة وتحقيق العدالة واطلاق العنان للحرية الفكرية والاعلامية والثقافية وفتح الملف السياسي على مصرعية واعادة صياغته ليس وفق الاستقطابات التقليدية والقوى التي اوصلت الدول الى هذه الحال عبر عقود مضت او حتى كنخب اجتماعية وسياسية لم يعد لها وزنا حقيقيا , بل بما يحقق ضمان استقرار الدولة ووضع الشعب في موقعه الطبيعي والمسؤول .








طباعة
  • المشاهدات: 1207
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم