13-01-2009 04:00 PM
المؤامرة لا تقف عند الضفة الغربية والاردن وانما تشمل مصر ايضاً
الجدار يعزل 54% من مساحة الضفة الغربية لتصبح جزءاً من اسرائيل
لقد أخذت النوايا المبيتة والمخطط لها مسبقاً في الظهور لجعل الاردن وطناً بديلاً
وفقاً للمادة 37 من الدستور الفلسطيني فان رئيس المجلس التشريعي يصبح حكما وبموجب الدستور رئيساً للسلطة الوطنية
المؤامرة لا تقف عند الضفة الغربية والاردن وانما تشمل مصر التي يراد الحاق قطاع غزة بها
اتساءل لماذا لم تستجب مصر لحكم قضائها وتفتح المعبر لاغاثة شعب غزة وهل لذلك صلة برغبة مصر ان يكون حكم غزة بيد محمود عباس
إن الهجمة الإسرائيلية اللا انسانية على غزة وحرق البشر والحجر فيها أمام سمع العالم وبصره, سوف يشكل وصمة عار في جبين إنسان هذا العصر. وإذا كان الهدف المعلن لإسرائيل من وراء محرقة غزة هو القضاء على مقاومة حماس لإسرائيل, فإن الهدف الحقيقي لهذه المحرقة, هو التخلص من كل من يقاوم ابتلاع إسرائيل لأرض فلسطين, وتحديداً أرض الضفة الغربية بعد اغتصاب الصهاينة للأرض التي أقاموا عليها إسرائيل. أما غزة, فإن إسرائيل غير طامعة بكثافتها السكانية, ولكنها مصممة على إسكات الصوت الممانع والمقاوم فيها لتجريد أهل فلسطين من أرضهم ووطنهم. ومن يربط بين المعطيات التي يطرحها الجدار العازل ومسار المفاوضات العبثية مع إسرائيل, ويضيف إليها ما تم إنكشافه من تزوير للحقائق والواقع, وما نشهده من تواطؤ وسكوت على ما يجري في غزة, يصل إلى محصلة مؤداها أن القادم أعظم. وعلى الشعب الأردني أن يتنبه لما يحاك له, لأن فلسطين الضفة قد ابتلعها الجدار, وغدت لقمة في فم إسرائيل, وما هي إلا شهور أو سنوات قليلة حتى تكمل إسرائيل هضمها إن أسكت صوت حماس, وفيما يلي أسباب ما أقول:
1- بتاريخ 14/4/,2002 قررت الحكومة الإسرائيلية بناء الجدار العازل ليقتطع مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية من أجل أن تصبح تدريجياً جزءاً منضماً إلى إسرائيل. وفي حزيران 2002 بدأ بناء الجدار في شمال الضفة الغربية. وفي شهر تشرين أول عام 2003 أصدرت دولة الإحتلال الإسرائيلي الخطة الكاملة لمسار الجدار العازل. وحتى أوائل عام ,2004 كان قد تم بناء 180 كيلو متراً من الجدار. ووفقاً لتقارير بتسليم لحقوق الإنسان في إسرائيل فإن طول الجدار الذي سيجري بشكل متعرج ليفصل القرى عن أراضيها ومراكزها المدنية, سيبلغ 654 كليو متراً, في حين أن دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية تُقدر طول الجدار بـ786 كيلو متراً.
2- ويتكون الجدار من نظام من الأبنية والتحصينات المتنوعة حسب القطاع الذي تبنى فيه, وتتكون من:
- خنادق بعمق أربعة أمتار على الجانبين,
- وبعد الخنادق هناك ممر ترابي ممنوع الوصول إليه,
- وبعد الممر الترابي, هناك ممر أثر على الجانبين, لاكتشاف أثر أية أقدام تمر عليه,
- وبعد ممر الأثر هناك سياج مزود بجهاز إنذار إلكتروني,
- وبعد السياج هناك حاجز من الإسمنت تعلوه أسلاك شائكة,
- وبين الخنادق والممرات والسياجات يقع الجدار العازل الأكبر الذي يتكون من الإسمنت المسلح ويرتفع ثمانية أمتار,
- وفوق هذا الجدار الأكبر هناك أبراج حراسة محصنة مقامة على مسافات منتظمة تكفل المراقبة الكاملة لأية حركة قريبة من السور.
- وبعد ذلك يأتي شارع بمسربين في الجانب الغربي للدوريات الإسرائيلية التي تتقاسم المسافة على طول الجدار فيما بينها, من أجل إحكام المراقبة.
3- وللعلم هنا, فإن جدار برلين, أشهر جدار سياسي عازل في العصر الحديث, يبلغ طوله 155 كم, وإرتفاعه ستة أمتار !! وعلى أية حال فإن 11% من طول الجدار في فلسطين سيجري بعمق 50-100 متر داخل أراضي الضفة الغربية, في حين أن 89% من طول الجدار سوف يجري داخل أراضي الضفة الغربية بعمق يصل ما بين 0.3-23 كيلو متراً. وسوف يبتلع الجدار 975 كليو متراً مربعاً من أراضي الضفة الغربية. ووفقاً لتقديرات دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية, فإنه عند اكتمال بناء السور في غرب الضفة الغربية وفي شرقها في المراحل الأخيرة من البناء, سيعزل 45% من مساحة الضفة الغربية لتصبح خارج الأراضي الفلسطينية, ولتكون جزءاً من إسرائيل, في حين أن مصادر أخرى تقدر أنه عند اكتمال الجدار بعد إقامة الفاصل الشرقي الذي يفصل غور الأردن عن الضفة الغربية, سيكون 54% من الأراضي العربية جزءاً من إسرائيل . ووفقاً لهذه التقديرات, فإن المساحة المتبقية من الضفة الغربية, لن تتعدى 13% من المساحة التاريخية لفلسطين التي كانت تحت الإنتداب.
4- رفضت إسرائيل أن تعترف بحق العودة في اتفاقية أوسلو عام ,1993 ومع ذلك وقع الجانب الفلسطيني على هذه الاتفاقية من دون أن يرد فيها أي ذكر لحق العودة, وارتبط بهذه المعاهدة بالتزامات مع إسرائيل, وهو يعلم أن حق العودة غير وارد عندها على الإطلاق. وخلال المفاوضات التي جرت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على مدى الـ15 سنة منذ إتفاقية أوسلو, زادت أعداد المستوطنين بحوالي 15-20% سنوياً, كما أن إسرائيل أقامت 155 مستوطنة على أراضي الضفة الغربية, الأكبر حجماً والأكثر سكاناً فيها تقع داخل الجدار العازل وفي منطقة القدس.
5- بتاريخ 9/7/,2004 أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً إستشارياً يؤكد مخالفة بناء الجدار للقانون الدولي ويطالب بتفكيك الجدار, ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم دإط-10/15 تاريخ 20/7/2004 بأغلبية 155 دولة على قرار محكمة العدل الدولية ومنها جميع دول الإتحاد الأوروبي, وعارضت القرار أمريكا وإسرائيل!! وبالطبع, فما دامت أمريكا تساند أي عدوان إسرائيلي على الأراضي العربية, فقد ضربت إسرائيل عرض الحائط قرار محكمة العدل الدولية وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
6- إن ضم الأراضي الفلسطينية على النحو السابق, يدخل في مفهوم إسرائيل ضمن قرار الأمن رقم ,242 لأن هذا القرار, الذي اعتبرته أمريكا وإسرائيل قد صدر وفقاً للفصل السادس وليس السابع, ينص على الإنسحاب من أراضٍ عربية, وهذا الوصف يتحقق حتى ولو انسحبت إسرائيل من 1% من الأراضي وضمت الباقي لها. ولا يهم إسرائيل أن الأراضي الباقية من الضفة لا تكفي لاستيعاب السكان الحاليين من أبناء الضفة, وتتجاهل حق العودة, ما دام أن إتفاقية أوسلو لم تذكر شيئاً عن هذا الحق, وبالتالي أصبح حق العودة عند المفاوض الإسرائيلي غير مطروح للنقاش. وهنا يكفي أن نعلم أنه عندما رفض ياسر عرفات التوقيع على إتفاقية كامب ديفيد عام 2000 بسبب رفض إسرائيل الإعتراف بحق العودة فيها, حاصرته في رام الله وقتلته بالسم, كما أصبح معروفاً الآن. ومن ناحية أخرى, فإن المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت لم تكن تتضمن في الأصل أي نص يتعلق بحق العودة, لكن إصرار الرئيس إميل لحود هو الذي أضاف المطالبة بحق العودة إليها, ورفضت إسرائيل المبادرة.
7- أمام الحقائق السابقة, وبالنظر إلى طرح فكرة الدولة اليهودية الخالية من العرب في أنابوليس وعند جورج بوش وقادة إسرائيل, وعدم كفاية الأراضي المتبقية من الضفة الغربية لأي استيعاب سكاني, فقد أخذت النوايا المبيتة والمخطط لها مسبقاً في الظهور, لجعل الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين, سواء من خلال المفاوضات التي كانت تجري سراً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وأمريكا ورشح جانب يسير منها, أو من خلال ما طرحه بولتون وغيره من صقور الساسة المتطرفين المتصهينين في أمريكا.
8- إن ما يلفت النظر أن الرئيس محمود عباس, لا يزال يؤكد للشعب الفلسطيني بأن المفاوضات مع إسرائيل سوف توصله إلى قيام دولة للفسطينيين. وإذا كان من غير الممكن أن تكون الحقائق السابقة غائبة عن السلطة الفلسطينية وعن الرئيس عباس, فهل الدولة التي سوف توصل المفاوضات إلى إقامتها للفلسطينيين, هي الأردن مع ما تبقى من أراضي الضفة الغربية أم ماذا?
9- وأعتقد أن حركة حماس أدركت مبكراً ما يجري في الخفاء, الأمر الذي دفعها إلى دخول الإنتخابات النيابية الفلسطينية, وكانت مفاجأة لها ولغيرها حصولها على أغلبية المقاعد البرلمانية. ومع أن حماس حركة مقاومة مسلحة, ومن المتعذر أن تجمع بين المقاومة بالسلاح وبين الكراسي الوزارية, وكنت أتمنى لو أنها مارست عملها السياسي من خلال النيابة وليس الوزارة, إلا أن حماس شكلت عائقاً في وجه ما يجري في الخفاء عندما تولت الحكم, فكان لا بد من التخلص منها. وهكذا أصبحت حماس ضمن المنظمات الإرهابية, وتم اعتقال إسرائيل لنوابها الممثلين للشعب الفلسطيني, وبعد ذلك قامت الحرب الدموية وغير الدموية بينها وبين بعض أجنحة السلطة, وأقيلت حكومتها لتحل مكانها حكومة تلك الأجنحة. ومع صمود حماس وسيطرتها الكاملة على غزة, فقد كان لا بد من محاصرتها إسرائيلياً وحرمانها وحرمان أهل غزة من وصول الدواء والغذاء ووسائل الحياة, وبعد ذلك الإنقضاض على حماس عسكرياً إبتداءً من يوم 27/12/,2008 وحتى الآن, وذلك لتصفيتها والتخلص منها, كما تخلصت من ياسر عرفات, حتى لو أدى ذلك إلى إبادة أي عدد من أبناء غزة, وهذا ما نشهده الآن. والغريب حقاً أن جميع المبادرات المطروحة لإنهاء المحرقة الإسرائيلية لغزة, تتضمن بنداً يقضي بضمان عدم وصول أية أسلحة لحماس من أجل تجريدها من قدرتها على مقاومة إسرائيل, لتصبح مجرد ظاهرة صوتية, كالأنظمة العربية, وبالتالي تسهيل ابتلاع الأرض الفلسطينية.
10- إنني أتهم, وأقول سوف تكشف الأيام أن هناك جهات عربية تُبارك ما كان يجري ولا يزال, من تآمر على حماس وعلى الأردن في آن معاً. وأتساءل هنا, إذا كان الأمر الطبيعي أن يحتكم الفلسطينيون إلى الدستور الفلسطيني في موضوع اختلاف حماس مع السلطة حول إنتهاء مدة ولاية الرئيس محمود عباس, الرافع للواء المفاوضات مع إسرائيل مهما طالت مدتها والمعاقب لأي مقاومة مهما كانت بساطتها, وكان من الطبيعي أيضاً أن تطرح حماس للبحث مدى شرعية التمديد لعباس سنة أخرى في رئاسة السلطة, أليس من الغريب حقاً أن تتجاهل جميع الجهات, الدستور الفلسطيني تجاهلاً كلياً, وتعترف بدلاً منه بقرار بقانون أي قانون مؤقت أصدره الرئيس عباس وحده بتاريخ 2/9/2007 للإنتخابات التشريعية مشكوك في شرعية انفراده بإصداره, وتجعل القرار بقانون أقوى من الدستور, بل ومعدلاً لنصوص الدستور? ولمعرفة حقيقة ما يجري نقول, أن المادة 36 من الدستور الفلسطيني تنص على أن:
مدة رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية هي أربع سنوات, ويحق للرئيس ترشيح نفسه لفترة رئاسة ثانية على أن لا يشغل منصب الرئاسة أكثر من دورتين متتاليتين.
وقد انتهت مدة الأربع سنوات للرئيس عباس بتاريخ 9/1/,2009 من دون أن يتم إنتخابه للمرة الثانية. ووفقاً للمادة 37 من الدستور الفلسطيني, فإن رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني يصبح حكماً وبموجب الدستور رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية عند انتهاء مدته, وبالتالي لم يعد للرئيس عباس أية ولاية دستورية. وإذا كان رئيس المجلس التشريعي غير موجود بسبب اعتقاله من قبل إسرائيل, فإن القواعد الناظمة لموقع رئاسة المجلس, تجعل الرئاسة إلى نائبي الرئيس بالتتابع. وحتى لو اعتقلت إسرائيل النائبين, فإن القواعد المذكورة تعطي الرئاسة لأكبر الأعضاء سناً, وإن اعتقل الأكبر سناً تتحول الرئاسة إلى من يليه ثم من يليه ... وهكذا. وفي هذا المجال كان السيد عباس قد أصدر في 2/9/2007 القرار بقانون سابق الذكر للإنتخابات النيابية, ونصت المادة 116 من هذا القرار على أن تجري الإنتخابات الرئاسية القادمة بالتزامن مع أول إنتخابات تشريعية تجري بمقتضى هذا القانون, وحيث أنه بقي عام واحد على إجراء الإنتخابات التشريعية, فقد صدرت فتاوى تقول, إن ولاية السيد عباس تستمر لمدة سنة قادمة من أجل أن يتزامن إنتهاؤها مع إنتهاء مدة المجلس التشريعي, وذلك إعمالاً لنص القرار بقانون, حتى ولو خالف الدستور!!, في حين أنه من البديهيات عند القانونيين أنه لا يجوز لأي قرار أو قانون أن يخالف الدستور, وإلا كان القرار أو القانون باطلاً. ومع ذلك, فإن بعض الجهات العربية شجعت إستمرار ولاية السيد عباس واقتادت هذه الأنظمة وزارء الخارجية العرب في إجتماع الجامعة العربية, للإعتراف بامتداد ولاية السيد عباس لسنة أخرى وفقاً للقرار بقانون الذي أصدره, رغم مخالفة ذلك للدستور الفلسطيني. ويبدو أن مخالفة هذا الدستور لا تعني شيئاً عند تلك الجهات ما دام أن إنتهاء تلك الولاية يمكن أن يصب في مصلحة حماس, ويحرم المفاوضات العبثية مع إسرائيل من رئيس يتبناها بحرارة, رغم أنه مضى على التفاوض مع إسرائيل 15 سنة من دون جدوى.
11- وكانت إحدى المؤسسات القانونية غير الحكومية في رام الله التي تعمل على سيادة حكم القانون والنزاهة وسيادة مبدأ المشروعية, قد خشيت من حدوث خلل ذريع في موضوع الشرعية في السلطة الفلسطينية, ولذلك بادرت بالدعوة إلى إجتماع يتم عقده في إحدى الدول العربية وبتمويل من إحدى المؤسسات القانونية النرويجية خلال شهر 11/,2008 بحيث يضم نخبة من فقهاء القانون في العالم لإصدار فتوى دستورية بالحكم الذي ينبغي أن يسود وفقاً للدستور الفلسطيني, ومن هؤلاء فقهاء من فرنسا وبريطانيا وألمانيا, اضافة إلى عدد محدود من أبناء فلسطين, ومنهم الدكتور أنيس القاسم, وبعض الدول العربية, وكنت واحداً من المدعوين. وبعد أن وصل المدعوون تباعاً إلى الفندق الذي سيجري فيه الإجتماع, التقوا على العشاء وأخذوا يتحدثون في الموضوع الذي يشكل بديهية لدى كل منهم, على أن يكون موعد إجتماعهم في الساعة العاشرة من اليوم التالي. لكن الذي حدث, أنه حضر أحد كبار رجال الأمن في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل, وسأل عن مسؤول المؤسسة الفلسطينية الداعية للإجتماع, وأعلمه بحضور عدد منا أن لديه تعليمات من السلطات العليا في الدولة بمنع عقد الإجتماع. ورغم المحاولات مع الجهات الرسمية في الصباح, إلا أن الجميع كان يقول, صدر القرار من الجهات العليا, ولا داعي لمناقشته!! وأتساءل هل أصبح الرأي الذي يصدره بضعة علماء قانون حول مدى شرعية التمديد للسيد محمود عباس سنة إضافية, يشكل خطراً على الأمن القومي والمصالح العليا لتلك الدولة العربية!!
12- ووفقاً لما تكشف حتى الآن, وخاصة ما طرحه بولتون مندوب أمريكا السابق وصاحب الطروحات التي تجسد الموقف الأمريكي الصهيوني في مجلس الأمن, تبعاً لما نشرته في جريدة الواشنطن بوست, إن المؤامرة لا تقف عند القضية الفلسطينية والأردن, وإنما تشمل مصر أيضاً, التي يراد إلحاق قطاع غزة بها. ومصر العروبة والإسلام, مصر الثقافة والعلم,يكاد مسلسل المعطيات والمواقف الرسمية فيها يحيرني, ويدفعني إلى طرح العديد من التساؤلات حولها من أجل فهمها. ومن هذه المعطيات والمواقف ما يتعلق بموقف مصر من الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة, ومنعت بهذا الحصار وصول الغذاء والدواء ومتطلبات الحياة الإنسانية إليها, كوسيلة للتخلص من حماس. وأصبح هذا الحصار يحيط بغزة من الشرق والشمال والغرب والفضاء, ولم يبق منفذاً لتنفس غزة ووصول الغذاء والدواء إليها سوى معابر رفح المصرية في الجنوب. وتكاد الوقائع المتعلقة بموقف مصر من فتح المعابر حتى خلال أيام محرقة غزة, تشكل لغزاً يسعى كل محب لمصر الوصول إلى حل طلاسمه, ومن ذلك ما يلي:
أ. كان أهل الخير في مصر قد جمعوا ما أمكن من تبرعات من الأدوية والغذاء وتكوين قافلتي إغاثة لمديد العون إلى غزة المحاصرة, وتحركت القافلتان يوم 10/9/2008 بعشر حافلات, يصحبها شخصيات تمثل أطياف أبناء الشعب المصري. لكن قوات الأمن المصرية منعت القافلتين من متابعة مسيرتهما. وأمام ذلك رفع عدد من أبناء مصر 24 شخصية دعوى أمام محكمة القضاء الإداري يطالبون فيها بصفتهم مدعين إلغاء قرار الحكومة بمنع القافلتين من مواصلة سيرهما, ووقف تنفيذ القرار بشكل عاجل لأن حالة الإستعجال لا تحتمل الإنتظار إلى حين الفصل في موضوع القرار ذاته. وبتاريخ 11/11/2008 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الحكومة, وجاء في قرار المحكمة ما يلي:
ومن حيث أن البين من ظاهر الأوراق أن المدعين والمنضمين إليهم من فئات مختلفة من هذا الشعب - قد ساءهم الصمت الدولي إزاء الحصار الإسرائيلي الظالم لأكثر من مليون ونصف مليون عربي فلسطيني يتعرضون منذ ما يقرب من عامين لعقاب جماعي يتعارض مع جميع المواثيق والأعراف الدولية, وترتكب في حقهم أبشع جرائم إنتهاك حقوق الإنسان على وجه الأرض بحصار قطاع غزة, ومنع وصول الدواء والغذاء لأهله, وحرمانهم من حقهم في الصحة والتعليم والأمن والحرية داخل أرضهم, فكان أن جمع المدعون القليل من التبرعات الغذائية والدوائية وأرادوا التوجه بها حتى رفح المصرية لتسليمها إلى الأهل المحاصرين في غزة, في تحرك رمزي إنساني الهدف منه إغاثة هؤلاء المحاصرين المظلومين ولفت أنظار العالم إلى معاناتهم, ولكن الجهات الأمنية - وحسب الظاهر من الأوراق - قد منعتهم من مواصلة مسيرتهم داخل إقليم الوطن حتى الحدود, من دون سند قانوني أو مبرر مشروع, في مخالفة صريحة لأحكام الدستور والقانون وإساءة لاستعمال السلطة, وتعارض واضح مع مواقف مصر السياسية المعلنة التي تأبى أن يجوع الشعب الفلسطيني أو يحرم من حقه الطبيعي في الحياة الكريمة الآمنة داخل وطنه.
لما كان ذلك فإن طلب المدعين وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قائماً على سند جدي يبرره, كما يتوافر ركن الإستعجال لما يترتب على تصرف جهة الإدارة مع المدعين من أضرار تنال من حرياتهم العامة ومن حقهم في التعبير عن أرائهم ومواقفهم من أهم قضايا العرب ورفضهم ذلك الفصل المأساوي من الظلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.
هذا هو موقف قضاة مصر, حراس العدالة وحماة الدستور والمشروعية, الحريصون على الإعلاء من شأن القوانين المصرية, من قرار الحكومة المانع من وصول الغذاء والدواء إلى غزة, ولا أزيد.
ب. تقول السلطة الحكومية في مصر, إن الدولة المصرية مرتبطة مع إسرائيل بإتفاقيات المعابر, ولا تستطيع مصر أن تتصرف بمفردها, خلافاً لتلك الإتفاقيات. وكم أحزنني عندما تبينت أنه لا شأن لمصر بإتفاقية المعابر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل, لأن مصر ليست طرفاً فيها, ومن ثم لا تلزمها بشيء. ذلك أن إتفاقية المعابر عقدت بتاريخ 15/11/2005 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية, بإشراف الإتحاد الأوروبي. والمعابر موضوع الإتفاقية هي ستة معابر, أحدها معبر رفح الذي يربط غزة بالعالم الخارجي عن طريق مصر, والخمسة معابر الأخرى تمر بإسرائيل, وهي معبر المنطار كارني, ومعبر بيت حانونإيريز, معبر كرم أبو سالمكيرم شالوم, معبر ناحال عوز, ومعبر صوفا.
ووفقاً للإتفاقية, فإن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن معبر رفح من جهة غزة, وليس لإسرائيل وجود عسكري على هذه الجهة, وك
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-01-2009 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |