بقلم :
تعتبر الديمقراطية هي الإطار الذي تتعزز في ظله شرعية الحكم؛ وهي الحاضنة الطبيعية التي تعيش التنمية السياسية وتزدهر في كنفها؛ لذلك فإن الإلتزام بمبدأ تداول السلطة بطريقة سلمية؛ يعتبر حجر الأساس الذي تقوم عليه التنمية السياسية؛ وذلك من خلال ممارسة عملية الانتخاب بطريقة ديمقراطية في ظل سيادة القانون؛ وقيام مجالس نيابية منتخبة انتخابا صحيحا تمثل المصالح الحقيقية للشعب؛ وتقوم بدورها الدستوري في التشريع ومراقبة أداء السلطة التنفيذية. وبناءا عليه؛ فإن التنمية السياسية الناجحة وفق مختلف المعايير؛ هي التي تعبر عن المضامين الحقيقية للنظام الديمقراطي بكل مكوناته؛ حيث تعطي مضمونا حقيقيا للانتخابات النيابية والبلدية؛ وتتعامل مع التعددية الفكرية والسياسية انطلاقا من حق المواطنة؛ وتفتح المجال واسعا بجدية وأمان أمام القوى السياسية والاجتماعية؛ لتشارك فعلا وعن قناعة ورضا في بناء المؤسسات الديمقراطية للدولة؛ وتضطلع بدورها في التنمية.
كما تقتضي التنمية السياسية؛ وجود معارضة سياسية ملتزمة بالستور؛ وبشروط العملية الديمقراطية وسيادة القانون والنظام؛ وتستطيع أن تعبر عن َوجهة نظرها في جميع الظروف وبجميع الوسائل المشروعة؛ في مناخ من الحرية والتسامح واحترام الرأي الآخر؛ وبحيث يتم التعامل معها على جميع الاصعدة والمستويات؛ باعتبارها جزءا من الشرعية الوطنية. مثلما تتطلب وجود صحافة ووسائل إعلام حرة؛ تعمل في إطار ديمقراطي يضمن حرية الرأي والتعبير والتنظيم؛ بما يعزز مشاركة المواطنين في صنع القرار. ومما لا شك فيه أن التنمية السياسية بهذه الأبعاد والمضامين؛ تنمو وتتعزز قواعدها في ظل مجتمع موحد تسود فيه ثقافة الحوار والتسامح والاعتراف بالآخر واحترام التعدد. ولتحقيق التنمية السياسية القابلة للحياة والتطور؛ فإنها تحتاج إلى تربية وطنية تعلي قيم العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان... وتربية وطنية ترفض العنف والشمولية والتسلط والالغاء؛ متحررة من شوائب التعصب بكل أشكاله؛ وهي ايضا تتطلب ثقافة سياسية واعية لدى السلطة والمعارضة على حد سواء.