29-09-2019 01:08 PM
بقلم :
قرات باهتمام البيان الصحفي الذي أعلنته جماعة عمان لحوارات المستقبل والذي تناول في عنوانه العريض للتنبيه بعدم سحب السيولة من جيوب المواطنين واعادة النظر بضريبة المبيعات والقرارات والاعفاءات ،... لقد اتى هذا البيان الصحفي في اللحظة التي يعاني منها الوطن من إشكاليات سياسية واقتصادية وعلى رأسها القضية المجتمعية الاقتصادية بامتياز الا وهى اضراب المعلمين المتدحرج منذ بدء العام الدراسي الحالي الى أسبوعه الرابع ما بين شد وجذب من الطرفين نقابة المعلمين من جهة والحكومة من جهة أخرى وعلى الجانب الاخر مليوني طالب لا زالوا قابعين في بيوت اهليهم يضرسون من حمى المارثون التفاوضي بين طرفي المعادلة وللأسف وكما اسلفت لا زلنا في المربع الأول لبدايات الازمة ... اين العقل والمنطق؟..
عودا لبيان السادة حوارات عمان ... فلا اجدني مطلقا اختلف معهم فيما صدر عنهم من تنبيهات لشد الاحزمة واخذ المناسب من الخطط والقرارات والتأكيد على ضرورة امتثال الحكومة الحالية او التي تليها في قادم الأيام لوضع خارطة طريق للخروج من الازمة الاقتصادية وهو في ذات الاطار الذي تشرفت بعرضة امام السادة جماعة عمان لحوارات المستقبل في بداية هذا الشهر (أيلول 2019) ...
وفي صدد ما تعرض اليه البيان مدار البحث وما عرج عليه من الناحية الاقتصادية فإننا نضيف بأنه لا توجد اية مؤشرات من شأنها ان تبرز انجاز حكومي لنرفع القبعات له حيث تعتبر المعايير والمؤشرات أداة ضرورية لقياس نتائج التنفيذ الفعلي ومقارنتها بالمستهدف وتحديد الانحرافات وأسبابها والبحث عن علاجها ،... تدخل الحكومة الحالية عامها الثاني وسط اداء متفاوت فيما تظهره مؤشرات الاصلاح الاداري للنهوض بمستوى اداء الوحدات والمؤسسات الحكومية …
والسؤال هنا ، ماذا قدمت الحكومة في مجال الاصلاح الاداري ليتواكب مع الاصلاح السياسي الذي اشار اليه كتاب التكليف؟ ، ... وعلينا ان نكون واقعيين في طرحنا في هذا الاطار وهو ما اتى عليه بيان السادة جماعة عمان لحوارات المستقبل بأن الكثير من المواطنين لا زالوا يشكون من بعض مظاهر الفساد والترهل الاداري والذي يتخذ العديد من السلبيات التي تؤدي إلى تدني مستوى الإنتاجية ، وضعف الكفاءة وانخفاض الروح المعنوية لدى العاملين ، وزيادة الأعباء والتكاليف الإدارية على مؤسساتنا ، وهجرة الكفاءات والعقول نتيجة عدم تأمين الاحتياجات النفسية والمادية والاجتماعية للعاملين لدى المؤسسة المشغلة ، وانتشار عملية التوظيف بالمحاباة والواسطة عوضا عن التوظيف وفقا للكفاءة…
أما بالنسبة لمشكلتي الفقر والبطالة وايجاد فرص العمل للمتعطلين ، فإن الحكومة منذ تسلمها زمام السلطة التنفيذية قبل عام – والتي ورثت ملفها من الحكومة السابقة ” والتي لم تفلح في التعامل معها ولم تحقق أي تطور يذكر في معالجة أهم مشكلتين اقتصاديتين الفقر والبطالة ، برغم أن الحكومة في باكورة عمرها قد اطلقت مشروع التشغيل الوطني وبمشاركة القطاع الخاص وتشجيعه لطرح المبادرات والمشاريع الاستثمارية والذي وضعت له الخطط التنفيذية ، وفتح نوافذ التشغيل لخريجي الجامعات واصحاب المهن من شبابنا الاردني المتعطل عن العمل من خلال التسهيلات لتشجع فئة الشباب للدخول الى سوق العمل واصناف التجارة والمنافسة من خلال توفير القروض الميسرة وبسقوف تضمن اقامة تلك المشاريع وتحت مظلة مراقبة وزارة العمل وافرعها في محافظات المملكة ….
لكن وتيرة هذا العمل للأسف اخذ في التباطؤ الى درجة اننا لم نعد نسمع عن اية انجازات في هذا الاطار ولم نسمع عن تقارير او لقاءات صحفية (ربعية مثلا ) لبيان التقدم المحرز على صعيد مكافحة البطالة حيث لا زالت قوائم المنتظرين على الدور في طلب الوظائف في ديوان الخدمة المدنية على حالها وبدون بصيص امل للمنتظرين وخاصة للتخصصات الراكدة لعشرات السنين قيد الانتظار من العاطلين عن العمل والذين تجاوزوا حاجز 19% حسب الاحصائيات المتداولة والتي يلزمها خطط دولة وليست حكومة لمنح المجتمع صفة الاستقرار في منطقة تتلاطمها النيران من جميع الجهات، ولا يخفى على الجميع ان من اهم الأسباب التي أدت الى ارتفاع نسبة المتعطلين عن العمل هي هشاشة الاقتصاد الاردني وعدم توافق مخرجات التعليم مع حاجة سوق العمالة وبخاصة تدني مستوي التعليم المهني والتي كانت من أهم العوامل التي أدت إلى ظهور البطالة، ومما زاد الأمر تفاقماً هو الاعتماد في الاقتصاد على القطاع العام
النقاط التي عليها بيان الجماعة هي منهاج عمل يمكن الاستئناس بها اذا ما عمدت الحكومة في قادم الأيام على وضع خطة وطنية للخروج من الازمات التي ذكرها البيان وفي مقدمتها مشاركة القطاع الخاص لإيجاد فرص العمل للأردنيين ضمن مشاريع استثمارية حقيقية تعطي نتائجها خلال فترة وجيزة حيث لا يزال اقتصادنا الوطني الاردني بحاجة الى تحقيق اداء قوي في العديد من مؤشراته المالية والقطاعية بما فيها النمو الاقتصادي ، وتحقيق رؤية واضحا للحلول الاقتصادية المجتمعية وأما آفة الفقر المستشري فأصبحت سمة لأحياء كاملة في بعض المدن والكثير من القرى واصبحت ظاهرة الفقر سمة لها شواط اكتوى بنارها ارباب الاسر والعاطلين عن العمل وتكاد رائحتها تزكم الانوف ، وعليه نؤكد ونقول بأن مكافحة البطالة تستلزم خفض معدلات الضرائب على الدخل والثروة حيث أن هذا الانخفاض سيؤدي إلى حفز ميول الناس نحو الادخار والاستثمار والإنتاج والعمل وبالتالي زيادة فرص التوظف
فالمطلوب اذن من الحكومة تحقيق تنمية اقتصاديّة وطنيّة عبر تعبئة موارد البلاد والاستغلال الامثل لطاقاتها البشريّة وارساء برنامج تنموي جديد يضمن تكافؤ الفرص و كفاية الانتاج و يحفظ ثروة البلاد من التبديد و النهب و الاستعمال غير المجدي في اطار تصور متكامل لتنمية مستدامة تضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكافة الاردنيين في العمل والغذاء و المسكن اللائق والرعاية الصحية و التغطية الاجتماعية و التعليم الجيد واطار العيش النظيف ، وفي هذا السياق ” وبعيدا عن التنظير ” ضرورة قيام الحكومة بتوفير مناخ استثماري محفز قادر على جذب الأموال والتقنيات الأجنبية وتشجيع الاستثمارات الوطنية ، وهنا نعتقد بأن البرنامج الاستثماري للحكومة لم يحقق الانجازات والتقدم رغم حالة الامن والاستقرار الذي تمر به المملكة مقارنة مع دول الجوار ومرد ذلك إلى ازدياد العبء الضريبي على المواطن وعدم تحفيز النمو الاقتصادي.
وفي نسق الاطار الذي أشار اليه بيان الجماعة نقول بأنه يجب على الحكومة أن تقوم بترشيد الانفاق في عمليات التشغيل في أجهزة الدولة حيث إن زيادة الإنفاق الحكومي له محاذيره ويجب أن يتم بحساب دقيق ودون تجاوز للحدود المرسومة، حيث ان الانفاق الحكومي غير الرشيد هو من اهم أسباب عجز الموازنة ، وكما هو معلوم بأن عجز الموازنة يعد من أهم المؤشرات التي يقاس بها الأداء المالي للدولة وكلما استطعنا تخفيض هذا العجز إلى أقصي الحدود الممكنة كلما كان ذلك توجيهاُ نحو المسار الصحيح لإصلاح المالية العامة للدولة ...
ختاما وفي ملخص الهموم التي عرج عليها بيان الجماعة نشدد بأن الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار هي حقائق موجودة في بلادنا واهم أسبابها عدم توفير فرص العمل وعدم وضع خطط اقتصاديه ترتقي بالواقع الاقتصادي الاردني وعدم فاعلية الأجهزة الحكومية المختصة في هذا المجال ورغم ذلك فان الحد منها هدف ممكن التحقيق وإذا لم تقم الحكومة بذلك سيخرج الشعب إلى الشوارع … فهل توجد النوايا لذلك؟ أم ستظل المصالح الحكومية أقوى من المصلحة الوطنية ويضيع الوطن والمواطن أكثر مما هو ضائع؟؟
نقول للسادة جماعة عمان لحوارات المستقبل جهودكم مباركة وطيبة بإذن الله لما فيه الصالح العام لبلادنا ونتأمل من الجانب الحكومي الاهتمام بمثل هذه المبادرات باعتبارها الرديف لما تفكر به الحكومة لمصلحة العباد والبلاد...
باحث ومخطط استراتيجي