31-07-2019 12:05 AM
بقلم : المحامي سميح العجارمه
في البداية اريد ان الفت النظر إلى نقطة مهمة وهي أنني كمحامٍ وأي محامي آخر من مصلحتنا بقاء حبس المدين، ونتضرر مادياً عندما يتم منع حبس المدين، ومع ذلك انا اقف ضد حبس المدين بشدة لانه منافٍ للإنسانية.
• حبس المدين لا يجوز قانوناً وهذه الادلة من الفقه القانوني ومن القوانين الأردنية :
١- ان مفهوم الحبس وفق الفقه القانوني يندرج تحت مفهوم العقوبة السالبة للحرية وبالتالي فهو تأصيلياً يتخذ مفهوم العقوبة وهذا ما يؤكد عليه القانون الاردني اذ ان تعريف مصطلح الحبس لم يرد الا في قانون العقوبات الاردني في المادة ٢١ منه والتي عرفت الحبس تحت باب العقوبات الجنحوية، مما يجعل من الحبس عقوبة والعقوبة رد فعل متلازم مع فعل الجريمة فلا عقوبة بلا جريمة، ومن المُتفق عليه بأن انشغال الذمة المالية لا يُعد باي حال من الاحوال جريمة فكيف يقترن بعقوبة.
٢- ان قانون التنفيذ هو قانون اجرائي بحت ووجود نص فيه يمنح الصلاحية لقاضي التنفيذ بتطبيق عقوبة الحبس هو خروج على المبادئ العامة لهذا القانون لا سيما انه سبق بيان ان الحبس يندرج تحت اطار العقوبات.
٣- ان القانون المدني الاردني هو المصدر الاساسي للحقوق والاطار العام لها بصفته عاما ومن باب اولى كان يتوجب على المشرع الاردني ان يتطرق لاجراء الحبس ضمن المواد الناظمة لوسائل التنفيذ الجبري في القانون المدني الاردني وحيث ان المشرع الاردني قد حدد وسائل التنفيذ الجبري في نصوص القانون المدني الاردني ولم يورد اجراء الحبس او سلب الحرية او الاكراه البدني فيها في حال امتناع او عجز المدين عن تنفيذ التزامه عينا فان وجود نص حبس المدين في قانون التنفيذ الاردني يُعد خروجا عن المبادئ العامة التي تحكم الالتزامات.
٤- لقد حددت المواد من ٣٧٥-٣٨٥ من القانون المدني الاردني وسيلة الحجر على المدين المفلس - وهو المدين الذي زادت ديونه الحالة على ماله- كأحد الوسائل التي ينبغي اتباعها في تحصيل الحقوق ومن الجدير بالذكر ان المادة ٣٨٤/ب قد نصت على انتهاء الحجر على المدين المفلس بمرور ثلاث سنوات على الحجر حتى لو لم يتم سداد الديون في حين ان اجراء حبس المدين يتجدد سنويا ولا ينقضي.
٥- ان القول بأن قانون التنفيذ يقيد القانون المدني باعتباره قانونا خاصا والخاص يقيد العام لا محل له في هذا المسار ذلك ان ما ورد في قانون التنفيذ في حبس المدين لا يُعد تعارضا بين النصوص بل هو خروج على القواعد العامة التي رسمها القانون المدني فيما يتعلق بالالتزامات بين المتعاقدين وعوار تشريعي يستوجب التعديل.
٦- ان الازدواجية في النصوص القانونية الواردة بقانون التنفيذ فيها مخالفة لمبدأ المساواة المتصوص عليه في الدستور من حيث عدم جواز الحجز على الاموال العامة مع ان المؤسسات العامة تعتبر اشخاص مليئين فمن باب اولى تطبيق الحد الادنى من الاكراه بالتنفيذ على المؤسسات العامة المتمثل بالحجز على اموالها قبل تطبيق الحد الاعلى من الاكراه المتمثل بحبس الفرد المدين على الرغم من اعساره، وكذلك الازدواجية بعدم جواز حبس الموظف العام والعسكري حتى لو لم يتوفر في رواتبه اية مبالغ للحجز في حين تسمح بحبس من لا يجد عملا او ربة منزل لديها اطفال.