حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,1 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 33840

لن تجتث ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية لقصور في التشريع ما دام الردع للفقراء وليس للأغنياء

لن تجتث ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية لقصور في التشريع ما دام الردع للفقراء وليس للأغنياء

لن تجتث ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية لقصور في التشريع ما دام الردع للفقراء وليس للأغنياء

29-01-2019 05:40 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
بحسب التعديلات التي طرأت العام الماضي على قانون العقوبات فإن مطلق العيارات النارية دون داعٍ سيواجه عقوبة الحبس أو الغرامة,وفرض القانون عقوبة الحبس مدة ثلاثة أشهر أو بغرامة مقدارها ألف دينار أو بهاتين العقوبتين، على كل من أطلق عياراً نارياً دون داع أو سهماً نارياً أو استعمل مادة مفرقعة دون موافقةمسبقة.

وبحسب التعديلات يصادر ما تم استخدامه من سلاح، ولو كان مرخصاً وأي سهم ناري ومادة مفرقعة، وغلظ التعديلات من عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة إذا نجم عن الفعل إيذاء إنسان,وتصل العقوبة الاشغال المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات إذا نجم عن الفعل وفاة إنسان، وتضاعف العقوبات في حال التكرار أو تعدد المجني عليهم.,كما تصل العقوبة إلى الأشغال المؤقتة إذا نجم عن الفعل أي عاهة دائمة أو إجهاض امرأة حامل.

..حسنا فعل المشرع الأردني بهذا التعديل وتجريم إطلاق العيارات النارية واستخدام المفرقعات والتي هي ظاهرة في المجتمع أصبحت خطيرة ومقلقة , إلا أنني أتحفظ على ما ذهب إليه المشرع الأردني في تصنيف العقوبات على الوجه الذي جاء في التعديلات وذلك من عدة أوجه هي :
أولا : عقوبة الثلاثة أشهر كعقوبة مع الغرامة غير كافية وغير رادعة وذلك لأنها تستبدل بمقابل مالي مما يعني أنه إذا حكم بالعقوبتين معا وتم الإستبدال فالمسألة بالنسبة للموسر وصاحب المال لا تتعدى دفع الأموال والتي لا تتجاوز في حدها الأقصى 1200 دينار .
ثانيا : تشديد العقوبات وتغليضها فقط لوقوع ضرر مباشر يعني إيجاد عقوبة رادعة بشرط تحقق علاقة السببية بين الفعل والنتيجة دون النظر لخطورة الفعل بحد ذاته والخطر المحتمل الذي يحدق بالأفراد وبالمجتمع من عملية إطلاق العيارات النارية كفعل بحد ذاته إن تخلفت النتيجة أو حدوث ضرر .
ثالثا : إيجاد العقوبة الرادعة المغلظة وإرتباطها بحصول الضرر المباشر يعني إفتراض المشرع حصول الضرر فقط في نفس المكان الذي يحدث فيه الفعل وتحت عيون شهود لإثبات علاقة السببية بين الفعل والنتيجة التي يبنى عليها توجيه التهمة وفرض العقوبة بالنسبة لأشخاص محددين , مما يعني أن نجاح مطلق النار وعدم إرتكابه خطأ في مكان تواجده وقيامه بالفعل وربطه به يعني إفلاته من العقوبة إذا لم يحصل ضرر تحت عيون الشهود ويكتفى بتغريمه مبلغا من المال إستنادا للعقوبة المقررة والتي يمكن إستبدالها إذا لم ترتبط بضرر مباشر ومثبت ومربوط بالفاعل .

ويعني أيضا أفلات مطلق النار من العقوبة حتى لو تضرر أشخاص في مكان غير معلوم عند ارتداد الرصاص إلى الأرض نتيجة إطلاق النار العشوائي ولأنه لا يستطيع أحد توقع مكان سقوطها ويستحيل الربط وتحقق علاقة السببية بين الضرر الناجم عن عيار ناري وبين شخص بعينه إذا ما تعددت المناسبات وتعدد مطلقوا النيران في توقيت واحد وفي قرية أو مدينة واحدة .
رابعا : لا يملك المتضرر من الإطلاق العشوائي للنيران والأعيرة والذي إرتدت عليه من السماء إقامة دعوى جزائية ومدنية على شخص بعينه والمطالبة بالتعويض عن الضرر لإستحالة الربط بين الفاعل وبين النتيجة والضرر لإستحالة إثبات التهمة على شخص بعينه ومخاصمته على أساس المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية المترتبة على الفعل والفاعل ,لأن دفع كل مطلق للأعيرة جاهز وهو عدم قدرة أيا كان ربطه هو بالذات بالرصاصة المرتدة في في وجود أكثر من مكان صدرت منه الأعيرة وأكثر من شخص قام بالفعل وفي أوقات متقاربة .

وبناء على ما سبق فإن المشرع الأردني في التعديلات التي أدخلها على قانون العقوبات جانب الصواب أولا بإنحيازها تماما للنظرية الموضوعية في التجريم خلافا لنهج المشرع سابقا عند وضع قانون العقوبات حيث ركز المشرع في التعديل الأخير بهذا الخصوص على وقوع الضرر وجسامته وإشتراطه لوجود عقوبات تحقق ردعا عاما وخاصا حقيقيا وللكافة , بينما خفف العقوبة إذا تخلف الضرر أو إستحال الربط بين الفعل والنتيجة بالنسبة لأشخاص بعينهم وقد تقررت العقوبات على الوجه المبين أعلاه دون النظر إلى خطورة الفعل والفاعل على المجتمع والأفراد وكان حري به أن ينهج نهج المشرع سابقا بإعتماد النظرية المختلطة بين الشخصية والموضوعية في التجريم.

.. كما أنه لم يلقي بالا لنظرية (التجريم الوقائي) وجوهرها "أن المشرّع الجزائي لا ينتظر حدوث الضرر فعلاً بل يعمل على توقّي حدوثه من خلال تجريم السلوك الخطر قبل تحقق الضرر", والتي أصبح المشرعون في مختلف الدول المتقدمة يأخذون بها لحماية المجتمعات من السلوكيات الخطرة وعلى قاعدة "درء المفاسد أولى من جلب المنافع " وهي المبدأ والقاعدة الفقهية الإسلامية المعروفة , وبالنتيجة فإن هذه التعديلات قاصرة نظريا وعمليا عن إجتثاث هذه الظاهرة ,فالفئة المقتدرة ماليا تستطيع الإفلات بدفع الأموال لخزينة الدولة وهي مبلغ زهيد بالنسبة لهم , والفئة المتضررة والتي لا تستطيع توجيه الإتهام لأشخاص بعينهم لإستحالة الإثبات سيتعرضون لضياع حقوقهم في التعويض عن الأضرار التي لحقت بهم , ولن يكون أمامهم إلا التسليم بأن م حدث لهم قضاء وقدرا .
...وعليه فعلى المشرع الأردني إعادة النظر في النصوص التي تعالج الموضوع وتغليض العقوبة على الفعل بحد ذاته لخطورته كسلوك وإن لم يفضي إلى حدوث أو وقوع ضرر , وأن لا يبقي النصوص كما جاءت في التعديلات الأخيرة حتى لا تكون خلاصة هذه التعديلات وجوهرها أن الفقير قد يردع أما الغني لا رادع له وله أن يتغاوى (بفلوسه)
...وجوانب الخطأ والقصور كثيرة وأوجه مخالفة النظريات والمباديء القانونية كثيرة والتي تؤخذ على هذه التعديلات بالأضافة إلى عدم فعاليتها في إجتثاث هذه الضاهرة بالمطلق وإنهائها للأبد .
والله والوطن من وراء القصد .
(رايق المجالي /أبو عناد )








طباعة
  • المشاهدات: 33840
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم