حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 10591

التربية الدينية

التربية الدينية

التربية الدينية

26-01-2019 09:06 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.صالح النصيرات
هل فشلت/نجحت التربية الدينية في إعداد المواطن الصالح؟
سؤال قد يبدو مستفزا لبعض القرّاء ولكنه يأتي ونحن نرى واقعا غريبا بل ماساويا على مستوى السلوكيات الفردية و المجتمعية. ولأن السهام تتوجه عادة إلى التربية الدينية والأخلاقية التي يرى كثرون أنها لم تستطع تحقيق رقي أخلاقي وسلوكي في المجتمعات العربية عموما. وهذا السؤال قد يجرنا إلى الحديث عن ارتباط السلوك الأخلاقي بالدين. وهو بالمناسبة سؤال تناوله الفلاسفة و علماء التربية ورجال الدين منذ أقدم العصور. وجاء عصر "التنوير" ليخرج الدين من دائرة التأثير في المجتمع، وليقدم رؤية مخالفة، ترى أن الأخلاق هي نتاج العقل وليس الدين أو التدين.
في المنظور الإسلامي، تناول علماء الإسلام وفلاسفته هذا الموضوع ايضا، ولم يقل اي منهم بالتقليل من دور الدين في نشر الفضائل الخلقية في المجتمع. ولأن سؤالنا يتمحور حول التربية الدينية في المدارس والمساجد وغيرها من المؤسسات التي تعنى بهذا الدور، فإن علينا أن نقدم بعض الطروحات للنقاش الذي يعود على القارىء والمجتمع بالفائدة.
ومن هذه الطروحات أن التربية الدينية تم فصلها عن عمد بحيث تم حصرها في مجال المعرفة الدينية. أي أن مناهج التربية الإسلامية كانت تهتم-ومازالت- بالمعرفة الكمية التي تقدم للطالب زادا معلوماتيا، بحيث يصبح الطفل أو الناشئ على معرفة بتفاصيل تخص العبادات والمعاملات، ولكنها لا تقدم له زادا تربويا ملائما، ولذلك حتى اليوم نجد على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات ملحة للتعرف على الدين وتعلم مايفيد المرء في حياته. ولأن مفهوم المناهج التربوية واسع ويشمل الجوانب النظرية والتطبيقية ولكن للاسف لايتم الاهتمام بالجانب التطبيقي إلا في أدنى المستويات، فإن اثر المعلومة لاتتعدى إلى تغيير السلوك.
فمثلا لانرى اثرا للتدريب الحقيقي على ممارسة الأخلاق في المدرسة. والتدريب يعني أن تقوم المدرسة والجامعة والمسجد بالاستفادة من التربويين وخبراء التدريب في تطوير مهارات الأفراد في المجال السلوكي والأخلاقي. فالغضب مثلا سلوك غير مقبول، فهل تقدم المدرسة للطالب غير بعض الأحاديث النبوية لحفظها ومن ثم تقديم الاختبار فيها؟ كيف يمكن أن نقيم ورشة حول ما يسمى "إدارة الغضب" Anger Management? وهل التنمر Bullyingفي المدراس يحتاج إلى محاضرات حول مخاطره أم تدريب الطلاب على احترام الآخر ومساعدة من يحتاج إلى مساعدة؟
هل احترام القوانين والأعراف يتم من خلال معرفتها فقط، أم من خلال التدريب الفعلي على هذه القيمة الاجتماعية المهة من خلال نشر ثقافة التفاوض والحوار واحترام الآخر؟ ماذا لو قام المسجد باستدعاء خبير في الحوار وأدار ورشة حول هذا الموضوع للمصلين؟
هل نحن بحاجة إلى دورات في التواصل الفاعل والمؤثر؟ هل يمكن أن نعلم الطلاب والمعلمين واولياء الأمور على مهارات التواصل في المدرسة و المسجد والبيت؟
هل مانراه من سلوك الترف والتبذير لدى فئات كثيرة في المجتمع وبسبب الضغط الاجتماعي على الأفراد يحتاج إلى مجرد تذكير الناس ببعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، أم بالمبادرة والعمل على ذلك من خلال قوانين تجرّم التبذير كما في بلاد غير مسلمة ولا عربية وطرح بدائل واقعية لذلك؟
إن الكتاب وحده لايمكن أن يكون مصدرا موثوقا في التربية، لأن التربية تحتاج إلى مرب على مستوى عال من التأهيل العلمي والمعرفي وكذلك المهاراتي. فهل يمكن الحد من الاستبداد والظلم واستغلال الفقراء من خلال محاضرة عن عن جريمة الظلم مثلا؟ أم من خلال تربية حقيقة من خلال مواقف وسيناريوهات ودورات من خبراء.
هل يمكن تربية الافراد على المروءة والتعاون وحب الخير للآخرين من خلال معلومات وقصص وحكايات قبل النوم أو في المدرسة فقط؟
هل يمكن تربية الأطفال والناشئة على تحمل المسؤولية الأخلاقية لافعالهم وردود أفعالهم من خلال بعض المعلومات عن فوائد الفعل وسلبيات غياب الفعل؟
هل يمكن الحد من ظاهرة الفساد المالي و الإداري وانتهاك حرمة المال العام والفضاء العام غلا بالتدريب الفعلي على افضل الممارسات في الإدارة والقيادة؟
التعليم بالعمل والتربية بالقدوة والممارسة والتدرب الفعلي على كل القيم الأخلاقية هو ما ينقص التربية الإسلامية اليوم. وهذا لن يتأتى إلا بإعداد حقيقي للمعلم والإمام والأستاذ الجامعي والأب و الأم من خلال مناهج تجمع التطبيق إلى النظرية.
عالم اليوم ليس هو عالم الأمس. اليوم هناك خبراء في كل مجال: خبراء في التدريب على كل القيم الأخلاقيةك التواصل الإيجابي، الحوار والنقاش الموضوعي والتفاوض والتحفيز وغير ذلك من المهارات التي لاغنى عنها للكبير و الصغير والمتعلم والجاهل. فهل تتعاون وزارات التربية و الأوقاف و الصحة والبيئة وغيرها من الوزارات لتقدم للناس مناهج تربوية قادرة على التغيير إلى الافضل بدل أن نلعن الظلام!


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 10591
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم