حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8701

رواية فن (ماكر) للروائي “توفيق حنون المعموري”

رواية فن (ماكر) للروائي “توفيق حنون المعموري”

رواية فن (ماكر) للروائي “توفيق حنون المعموري”

26-11-2018 02:40 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - جاذبية العنوان

اول ما يلفت اهتمامك هو عنوان الرواية(شواكة سويلم) ومن منا لم يمر عبر منطقة الشواكة، تلك المنطقة التي تمثل مكانا غريبا ومهما في الحياة البغدادية،وهي مثال صارخ على اهمال الاماكن التراثية البغدادية الجميلة! بالتأكيد وكما تم الاشارة في الرواية الى أن (شارع حيفا) قد خنق (الشواكة) تلك المنطقة التي اختارها الاستعمار البريطاني لبناء سفارته بحيث احتلت ثلث منطقة الشواكة و تمتد بين جسري الشهداء والاحرار،سميت المنطقة بالشواكة لأن اهالي القرى كان يجلبون الشوك ويبعونه في هذا المكان لأستخدامه كحطب للطبخ! وتطورت تجارتهم فأخذوا يجلبون معهم القيمر والجبن ،كما قرب المنطقة من نهر دجلة جعل اهالي المنطقة يمتهنون الصيد ،فاشتهرت المنطقة بسوق السمك وكذلك بيع الشباك ومستلزمات الصيد!

(سويلم) او “سالم صيهود الشعلان” بطل الرواية كان لا يكره تصغير اسمه الذي نعته به معلم الابتدائية وبقي لاصقا به، وفي العراق وخاصة بالمناطق الشعبية يتم تصغير الاسماء قد يكون بسبب طرد الحسد او طريقة للتقليل من قيمة الانسان عندما يصبح كبيرا،لكن احلام (سويلم) صغيرة جدا كما هو اسمه “إذ يسره أن هذا العالم موجود كي يصبح في مقدوره أن يكون هو موجودا أيضا” فهل هذا كثير؟ لكن اله الحرب كما يطلق عليها الروائي يعد مجرد الوجود له ضريبة باهضة الثمن “لم يكن الادريسي يفكر أن سيأتي يوم يضيف فيه خطوطا جديدة على خارطته ليتحول العالم بفضل إله الحرب الى خارطة عشوائية “
فن المكر.

أيقن الروائي “توفيق حنون المعموري” بإن سرديته سوف لا تجد طريقها الى النجاح الا اذا استخدم فيها المكر الادبي، واقصد بالمكر هو اخفاء الجانب التسجيلي – الا بالضرورة القصوى- يذكر بشكل سريع ويتوارى خلف الامكانيات الفنية والادبية (الدرامية والوصفية )،هذا المزج جعله يدين الحروب من ايران الى الكويت ومن ثم احتلال العراق، ولم يهمل الجوانب الفنية للاحداث واسقاطاتها على الشخصيات وبالاخص على حياة سويلم وهو يهاجر بعد حرب الخليج الاولى الى امريكا لتكون هناك له حياة اخرى يبدع الروائي في تصويرها كما ابدع في تصوير الحياة الشعبية في منطقة الشواكة”محلة الشواكة التي لم تذق طعم الفرح منذ أمد بعيد، منذ أن غرق (صهيود) ابو سالم في نهر دجلة حين علقت إحدى رجليه بشبكة صيد السمك ولم يستطع الأفلات منها فلفظ أنفاسه الأخيرة قربانا لدجلة الخالد…منذ ذلك الحين لم تذق الشواكة طعم الفرح. لم تكن بذلك وحدها بل الكرخ كله وربما الرصافة أيضا تنتظر طعما جديدا للفرح”
الموازنة بين وظيفتي الخيال والواقع.

استطاع الروائي “توفيق حنون المعموري” ان يضع خياله الخصب في خدمة الواقع على ان يقترض من الواقع الغرابة والمعاناة والالم من اجل توازن النص السردي بين التوظيف والاستخدام ،فإذا العالم كله لا يحارب في الحربين الاولى والثانية الا بقدر الحرب العراقية – الايرانية 8 ستوات فمن حق سويلم وهو في شواكته ان يتعاطف مع امنية امه في البحث عن الاستقرار وليس عند الاهل وكبار السن معنى( للاستقرار) الا (الزواج) بإعتقادها ان الزواج يثبت العقل والدين! ولا يعرفون ان النظام السياسي لا يعترف بأماني الناس البسطاء مثل ام سويلم “لكن .. هل يروق لأله الحرب أن تنعم أم سالم بفرحتها التي انتظرتها سنين طوال وانتظرت معها محلة الشواكة بكل درابينها وأزقتها أبوابا وشبابيك” هكذا يمهد الروائي الطريق لاله الحرب وهو يقرر ضم المحافظة التاسعة عشر (الكويت) الى العراق.

نقلة نوعية للمكان

في وصف رائع للمناخ يختاره الروائي كتمهيد لتغيير المكان حيث البرودة والندى الشفيف وسيل المطر الكثيف وكثافة البخار ،كلها اجواء لا تشبه الشواكه او بغداد او اي منطقة في العراق! هي المقاربة الاخرى عند السرد الانتقال الى الغربة “لا شباك الصيد ولا دجلة الخير ولا شواكته” انها العالم الجديد (امريكا) بلدية ضاحية لنكولن،، فقد استطاع سويلم ومعه صديقه ابن زريق اقناع الامريكان بعد حرب الخليج الاولى بإن يكون لهم اللجوء! وعلى الرغم من تخليصه فيزياويا من آله الحرب الا انه ليس سعيدا “يشعر أن وجوده ضمن حشد من الغرباء هنا يخلق لديه قدرا من الاكتئاب ولو أنهم في واقع الأمر كانوا لطفاء معه، لكنه كان دائما يذكرهم بأنه يرغب بشدة أن يترك بلدهم الغني الحر ويعود الى وطنه برغم فقره ومشاكله”!

*الجوانب العاطفية في الرواية

لعل علاقة سالم بفتاة الفرن اللبناني” سحاب “هي اجمل ما في الرواية من مشاعر انسانية وعاطفية جعلت القارئ يسترخي قليلا على الرغم من حديث سويلم لحبيبته عن معاناة الشعب العراقي من آله الحرب ، لكن بعد التوتر الذي يشعر به من مرحلة الحروب في زمن صدام وكذلك من الجزء الاخير من الرواية وما تمثله الحرب الطائفية من انعكاسات سلبية ،”فتاة الفرن أضحت قبلته …على هذه الأرض الغريبة وهي تجلس في واجهة الفرن خلف محصلة النقود في ذلك الفرن الذي يغذي الناس قي ضاحية لنكولن النائية على أطراف المدينة بالخبز اللبناني الشهي قريب الشبه بخبز تنور فاطمة.

الخاتمة

هذه السردية اقل ما يقال عنها بإنها تستحق القراءة! ونحن نعتقد أن اسلوب الروائي في هذه الرواية كان متدفقا، متماسكا، يأخذ معه المتلقي الى فضاءات تاريخية وحالات انسانية واسعة الافق، يخلق الحزن كما يولد مع الاحداث الامل والفرح! والتفاته ذكية جدا ان يجعل ابن سويلم (امل) بينما سحاب اللبنانية لا تتحمل جنون العراق وفقدان الابن وتصرفات الزوج فترجع الى امريكا،لأن العراق اصبح فقط للعراقيين حصرا، هم من يجب ان يجعلوا المجتمع متوازنا قابل لأحتضان ابناؤه وليس مصيرهم فرصة تموت قبل ان تولد “لقد وعدتك يا أبي أن اعود إليك وهانذا معك لأبعد عنك هاجس الخوف والحيرة …كنت أزورك يا ابي كلما سنحت لي الفرصة أن أخرج من قبري أدور أحيانا بين مكان الأنفجار وبين بيتنا….كي أنبهك الى وجودي ومغادرتي في الوقت نفسه واجعلك مستعدا بكامل وعيك لتجيب على اسئلة القاضي كاشفا الحقيقة وبما يليق،، حاول سالم أن يحتضن ولده وهم أن يقبله لكنه لم يستطع فقد غاب عنه واختفى فجأة وهو يقول “مع السلامة يا أبي، لن أزعجك بعد اليوم”


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 8701

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم