21-11-2018 02:28 PM
بقلم : رايق عياد المجالي/أبو عناد
حكومتنا الرشيدة (وأذرعها) و(أرجلها ) و(عيونها ) و(خشومها) و(مناكيرها الإعلامية ) لم نعد نطالبكم بما لا تفكرون به ولا تقدرون عليه من مكافحة الفساد ووقف التخبط وتدارك الإنهيار العام والتام إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا , ولا نطالبكم بما أصبحنا متيقنين من أنكم غير مؤهلين له من رفع الظلم وتحقيق الحد الأدنى من العدالة , وحتى أننا لم نعد نكترث لما تخططون -وهذا فرض ساقط - فنعلم أنكم تسلقون على عجل , ولم تعد تصريحاتكم , وإجتماعاتكم ,ومؤتمراتكم ,ولجانكم ,وشراكاتكم ,وفرقكم ,وسيمفونياتكم تعنينا ,فهي أصبحت تكرار ممجوج ومقيت , وشريط لا يتغير به إلا لونه وسرعة مروره ...!!!
صدقوني وأنا من العينة التي تستهدفها سهامكم وإسهاماتكم التي إينما وقعت فهي تقع على جزء من جسدي , في الصدر أو في الظهر , فوق الحزام أم تحته ,حتى لم يبقى مني موضع إصبع إلا وبه طعنة بقرار أو ضريبة بتشريع أو بدون تشريع , صدقوني فأنا من الفئة التي (تمسحت ) وأصبحت معتادة على تلقي الكدمات والسحجات والطعنات وهي تضحك أحيانا, إما من شدة الإحباط عند البعض , وإما من قوة إيمان البعض الآخر وعدم القنوط من رحمة الله وإنتظار الفرج من عنده ..!!!
أناشدكم وأستحلفكم بما تؤمنون به من آلهة - من يوحد الله منكم ومن يشرك مع الله ما يعبده من فكر أو جهات أو أشخاص -, بأن تترفقوا بنا وترحموا شعبا عزيزا أذلته ظروف الحياة , وتكالبت عليه كل السياسات والمخططات والمؤامرات , وأن توقفوا هذا الزخم الإنشائي والغنائي الذي تمطروننا به وبكل الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية , والذي يصور لنا الأوضاع بأننا نعيش في "مدينة فاضلة" وأن أفضل وأقوى الدول المتقدمة لم تصل إلى ما وصلنا إليه من تقدم ومن منعة وقوة , وقدرة على التخطيط وإدارة الأزمات وتجاوزها ,وأن المنجزات الوطنية المتحققة والمنظورة لم يسبق لها مثال في التاريخ , وأن الحقيقة والواقع مدعاة للفخر والتفاخر إلا أن الشعب جاهل وأعمى ولا يرى أو يرعى حقيقة ما أنجز وما تحقق وسيتحقق .
بالله وبما تراعون وبما هو لديكم ذو إعتبار أن توعزوا لمحطات الإذاعة والتلفزة ببرامجها الصباحية والمسائية وبمذيعيها ومذيعاتها (المتأنقين والوسيمين ) برعاية (دجاج الطاحونة) و(شركة دلاس للسياحة) (وشوكلاتة جلاجسي) و(أرز فلفليهم ) و(دكانة أبو علي ) و(كوافير اللهلوبة للسيدات ) بأن يعفونا من محاضراتهم عن تعليمنا (دروس التعاون ) والشرح المفصل لنا عن (تنسيق الزهور ودوره في العمل الوطني ) , ومن إستعراض خبراتهم الفيزيائية والجيلوجية وقدراتهم في فهم تأثير (ثقب الأوزون ) على (المناهل في خريبة السوق ) .
والأهم من ذلك , أن يرحمونا من سيول الأغاني التي تتحدث عن القوة والمنعة والقدرة على تحريك الجبال بأطراف الأصابع , وعن تلقيننا لكل عدو لنا قديم أوجديد أو محتمل دروسا قاسية وتحطيمه (بكبسة زر ) أو بزمن (مسافة السكة ) إذا ما لاح منه خطر , "أردنيين وما ننضام " , "طلت الروفر طلت " , "هذا الأردن أردنا " , "هذي بلدنا وما نخون عهودها " , وإلى آخر القائمة من الأغاني التي يبدأون بها البث الصباحي (عالريق ) وتستمر طوال اليوم حتى المساء تقرع طبول الحرب وتهدد وتتوعد كل ما ومن قد يفكر بالمساس بأظفر طفل أردني أو بشعرة بيضاء من رأس عجوز (شايب ) .
لا نريد منكم أكثر من ذلك وكل ما نريد هو عدم الإستمرار بالضغط المؤلم على (الدمل ) وبعدم إستفزاز مشاعر الإحباط والكبت المتزايد , خصوصا بعد قانونكم للجرائم الإلكترونية الذي هو كاللاصق البلاستيكي السميك والذي تريدون كتم دماملنا وتغطية جراحنا به حتى لا يخرج منها (الصديد والقيح ) , واتركوا كل هذا السجل الهائل المتخم بالأغاني الطربية للإستخدام في الأفراح وحفلات الأعراس والخطبة والنجاح (في التوجيهي ) أو (الجامعة ) لوجود داعي الحماسة والرقص والتمايل لليلة أو ليلتين لإغاضة الحاسدين والحاقدين , أما عن بثها يوميا وعلى مدار الساعة لنا فهو والله كمن يرسل لك في بيت عزاء أمك أو أبيك أو ولدك بأغنية كاظم الساهر "عيد وحب هاي الليلة والناس معيدين "..إرحموووونا .