بقلم :
أحمد عبد الباسط الرجوب

هناك مدونات السلوك الأخلاقى والقانونى ومبادئ عامة اقرتها حكومات الدول في اغلب دول العالم وخاصة تلك الدول ذات النهج الديموقراطي، أهمها الإيثار بما يفرض على أصحاب المناصب العامة / العليا لاتخاذ القرارات من واقع المصلحة العامة فقط، ولا ينبغى لهم أن يفعلوا ذلك من أجل الحصول على منافع مالية أو مادية أخرى لأنفسم أو عائلاتهم أو أصدقائهم، بالإضافة إلى النزاهة، التى تفرض على أصحاب المناصب العامة ألا يضعوا أنفسهم تحت أى التزام مالى أو غيره لأفراد أو منظمات أجنبية، والتى قد تؤثر عليهم فى أداء واجباتهم، والموضوعية فى أداء الأعمال العمومية، بما ذلك التعيينات العامة، ومنح العقود والتوصية بأفراد للحصول على مكافآت وفوائد، وأن تكون القرارات على أساس الجدارة.

والمساءلة التى تضع أصحاب المناصب العامة فى موضع المسؤولية وتحت المساءلة وهو ما يقوم به مجلس النواب الاردني بالتحقيق مع الوزراء المعنيين بكارثة البحر الميت والتي ادمت قلوب الاردنيين ، وعليهم أن يتقبلوا أى تدقيق لطبيعة وظائفهم، بالإضافة إلى الصدق والإفصاح وبيان الحقائق على طبيعتها مع إلزامهم بالتعاون مع أى تحقيق يطال ادائهم ومثل ذلك تقصيرهم والذي ادى الى هذه الفاجعة والتي جرحت الاردنيين وعلى امتداد رقعة الوطن...

وضعت المدونات عدداً من القواعد التى يجب على الوظف العام (الوزراء ومن في حكمهم) اتباعها عند اتخاذ القرارات، وهى المصلحة العامة وتجنب التعارض بين المصلحة العامة والخاصة، وان يلتزم بكافة ما تؤول اليه اعمال وزاراتهم وخاصة تلك المتعلقة بالاداء وبخاصة في الحوادث المؤسفة والتي تكبد الدولة خسائر في الارواح والممتلكات والتي يتطلب عندها من الوزير المعني التحلي بالمهنية والشجاعة الادبية في تحمل مسؤولية اي خلل باعتبارة والي الرعاية العامة على وزارته او مؤسستة وان يغادر المكان بهدوء احتراما للشعب وللحكومة...

وبالنظر إلى أغلب مدونات السلوك في حكومات الدول ذات النهج الديموقراطي في العالم، نجد هناك قواعد عامة لصياغتها، أهمها المساعدة فى تحسين ورفع مستوى الوزير او ذوي المناصب العليا في الدولة بالإضافة إلى الحفاظ على نزاهته وكفاءته فى أداء مهامة الوظيفية، وتشجيع روح التعاون بين وزراء الحكومة، من خلال الممارسات الأخلاقية والتعامل العادل بين اعضاء الفريق الحكومي، وتحفيز روح الثقة والاحترام فيما بينهم...

وللمناسبة فقد ذكرتني حادثة البحر الميت في بلادنا بما يجب ان يفعلة الوزراء اصحاب العلاقة المباشرة وما تفرضة مدونة السلوك الأخلاقى والقانونى عليهم " ذكرتني " بوزيرالداخلية البريطاني " ديفد بلانكيت " الذي قدم استقالته إلى رئيس الوزراء توني بليربتاريخ 15 ديسمبر / كانون الاول 2004 وتأتي الاستقالة على خلفية إشاعة بأن الوزير قام بمنح تأشيرة لمربية فلبينية تعمل لدى عشيقة سابقة له بطريقة غير قانونية. وقال بلانكيت (57 عاما) في حينها وهوالذي كان يعد صديقا لبلير ومن أبرز الوزراء لما عرف عنه بصرامته في مكافحة ما يسمى الإرهاب " لقد كنت دائما شريفا " والكلام لديفد بلانكيت " حسب علمي بهذه الأمور لكن أي شعور بأنه تم التسريع لهذا الطلب يضطرني لتحمل المسؤولية وتقديم استقالتي  "

وغير بعيد عن ذلك وفي 27 أبريل/ نيسان 2014 فقد أعلن رئيس وزراء كوريا الجنوبية، تشونغ هونغ وون، استقالته من منصبه، وذلك وسط انتقادات لأسلوب تعامل حكومته مع حادث غرق العبارة الذي لقي فيه العشرات مصرعهم.  وقال تشونغ في بيان مقتضب بثه التلفزيون إن "بكاء أسر المفقودين مازال يقض مضجعي ليلا". وأضاف تشونغ "بالنسبة لي، ما ينبغي فعله هو تحمل المسؤولية والاستقالة كوني شخص مسؤول عن الحكومة." ومضى قائلا "بالنيابة عن الحكومة اعتذر عن العديد من المشكلات، كالحيلولة دون وقوع الحادث إلى غياب التعامل المبكر مع الكارثة." ...

وفي ذات السياق قدم رئيس هيئة السكة الحديد في مصر مدحت شوشة استقالته بتاريخ 13 اغسطس / آب 2017، على خلفية اصطدام قطارين قرب مدينة الإسكندرية والذي أودى بأرواح 41 شخصا وإصابة أكثر من 170 آخرين

وهنا الشيئ بالشي يذكر فهل يتعلم وزراؤنا الجهابذه من هذه الاخلاقيات والامر يتعلق بكارثة استشهاد (21) من ابناء الوطن نتيجة لاخفاقات ادارية وترهل في الاداء المؤسسي والاداري للوزارات والجهات المعنية التي كان لها دورا مباشرا او غير مباشر في هذه الفاجعة... هل سيحدث أن يقرر وزير أن يستقيل ويتحمل مسؤولية ما حدث ، ويتحلى بالشجاعة أم يبقى عاشقاً لمنصبه؟...  لماذا دائماً ما يكون الوزير معصوم عن الخطأ في بلادنا وتُرمى الأخطاء على غيره ليكون ضحية لعدم متابعة الوزير للأعمال، بسبب تفرغه لأعماله الشخصية؟

واخيرا وليس اخرا ... فهل اصبحت حكوماتنا ذات نهج كل من يصعد في سفينتها هو بعيد عن المساءلة ولا يسأل عما يفعل وكانه في مزرعته الخاصة ولا يُراقب ونحن نُراقب، ويركب وينزل من السفينة حينما يشاء ونحن نراقب فقط حكومات ادت اليمين ووزراء خرجوا ووزراء دخلوا في التعديل وعندما تحل بنا الكارثة يصبحوا لا حول لهم ولا قوة ... وكل من راقب افادة بعض الوزراء امام مجلس النواب مؤخرا يلاحظ مدى ركاكة وضعف حيلة موقفهم لدرجة ان احدهم قال وبلسان متلعثم (رحلات المغامرة لازم تكون لطلاب المدارس اللي فوق سن 18) ... شي مضحك فيه طلاب مدارس فوق سن 18 - ممكن مدارس محو الامية - من اين اتى هذا العبقري ...

وختاما الى رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز نقول ...

جلالة الملك اضاء امامك الطريق وكالعادة في رسالتة يوم امس ، فهل بوسعك دولة الرئيس استثمار هذه الرؤيا الملكية ووضع الامور في نصابها وان يكون عنوان المرحلة المحاسبة وعدم اغفال الامور الجسام والتي دوما تؤرق احوال الاردنيين ليكون بداية عهد جديد ... فاغتنم الفرصة وقبل فوات الاوان.

عمليات الاصلاح والانفتاح والنجاح في للدول تبدأ بالصدمات الايجابية في مكافحة الفساد والترهل في الاداء الحكومي ... عندما لم يعد تطبيق القانون حكرا على الفقير والصغير ، بل تصل موس العدالة الى لحية صاحب النفوذ والغني والوزير ... هل نرى اجراء غير مسبوق في عهدك وكشف عورة وزراء مسرحية شاهد ما شاف حاجة وتعريتهم واخراجهم من حكومتك ... لنرى .

يا صاحب الحكومة ... الامر جلل ولدينا خلل والصبر ملل ولا اعتماد الا على الله ثم على الذات ولا مجال للترف والملذات فلنشمر عن السواعد لنبني الوطن الواعد ونواجه الفكر بالفكر ونحمي الوطن من مخربيه ونحسم الامر مع خائنيه ونشيد مصانع القوة ونصنع من الشباب عقلا وفتوة ... الامر بيدكم ولا غيركم ...

رحم الله شهداؤنا في فاجعة البحر الميت والهم ذويهم الصبر وحسن العزاء ودعواتنا للشفاء العاجل للمصابين ...

السلام عليكم ،،،

باحث ومخطط استراتيجي

arajoub21@yahoo.com