24-10-2018 09:59 AM
سرايا -
بعد مرور عشر سنوات على تأسيسها، أصبحت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الأمن العام، ملاذا للشباب الذين يقعون ضحايا الإبتزاز، في جرائم الإستغلال الجنسي والإحتيال والسرقة والقدح والذم.. ورغم إزدياد عدد القضايا لست آلاف قضية حتى منتصف تشرين الأول من العام 2018 مقارنة بالعام الماضي.
هذه الزيادة تُعدّ مؤشراً إيجابياً من ناحية بمدى وعي المواطن وثقته برجال الأمن، بعد أن كان أسيراً للقلق والخوف والإبتزاز؛ كما أن كوادر الوحدة التي تعمل وفق منظومة علمية بإستخدام تقنيات عالية الجودة وأجهزة متطورة، كشفت ما نسبته 70 بالمئة من هذه الجرائم بزمن قياسي، وما يميزها أنها عززت مفهوم سرّية التعاطي مع القضايا، وخاصة لجهة الفتيات.
تقدم هذه الوحدة خدمة نوعية لكافة شرائح المجتمع، لكن الكثير من المواطنين يجهلون آلية عملها، وكيف تتعامل مع الجرائم العابرة للحدود، وما سرّ إنشاء المختبر الرقمي؟ ولماذا لا ينصحون ببيع الهواتف الذكية المستعملة؟ وكيف يتم الإيقاع بالفتيات؟ ومدى خطورة التعامل مع الشركات التجارية العالمية دون تحقق؟ ولماذا ينصحون الآباء بمراقبة الأبناء ومنعهم من ممارسة الألعاب الإلكترونية؟!
هل تعني الزيادة المستمرة في أعداد قضايا الجرائم الإلكترونية مؤشراً سلبياً أم إيجابياً؟
الرواشدة: هناك أسباب عديدة لهذه الزيادة، وهي بالطبع مؤشراً إيجابيا يتعلق بنجاح الوحدة في تعزيز الثقة بينها وبين المواطن، الذي كسر حاجز الخوف من محيطه ومجتمعه، لإيمانه المطلق بأن قضيته يتم التعامل معها بمنتهى السرّية، وخاصة قضايا الفتيات اللواتي يتعرضن للإبتزاز المالي من أشخاص أوقعوهن في مصائد الشبكة العنكبوتية، كما أن الوحدة تتألف من نساء يقمن بدور مهم في التعاطي مع هذه القضايا بخصوصية تامة؛ كل هذه المعطيات دفعت الكثير من المواطنين من كلا الجنسين، التوجه لمقر الوحدة والتقدم ببلاغات ضد أشخاص يمارسون الإبتزاز، أو التشهير والقدح والذم، وغيرها من الجرائم التي تندرج في هذا الباب؛ كما أن زيادة عدد مشتركي الأنترنت في المملكة وإنتشار الهواتف الذكية على نطاق واسع، وزيادة أعداد منصات التواصل الإجتماعي، والزيادة الكبيرة في عدد السكان، هي أسباب لزيادة القضايا. ولا يقتصر تقديم الشكوى مباشرة لمقر الوحدة، بل هناك قضايا ترفع أمام المدعي العام والمحاكم، وبعضها عبر موقعنا الإلكتروني.
كم عدد القضايا المسجلة حتى الآن مقارنة بالعام الماضي، وما هي طبيعتها؟
الرواشدة: في العام 2017 بلغ عدد القضايا 5700 قضية، في حين أن الوحدة تتعامل مع 6000 قضية حتى منتصف تشرين الأول الجاري، وهذا الرقم مرشح للزيادة حتى نهاية العام، علماً بأن عدد القضايا عام 2008 (48) قضية فقط؛ أما الجرائم الإلكترونية التي يتم التعامل معها فهي: الإحتيال والسرقة والإبتزاز، والقرصنة، وتهكير الموقع، وتدمير البيانات وتشفيرها، وهناك جرائم الشعوذة، التي تتعلق بتقريب الحبيب، والإنجاب، وفك السحر، وهذه القضايا غالبية ضحاياها من السيدات، ومن جرائم الإبتزاز، التي تتم عادة عن طريق طلب صداقة على مواقع التواصل الإجتماعي، ثم تتطور العلاقة بإستخدام الصور الإباحية، ثم من خلال الدردشة التي تفضي للقدح والذم، وبالتالي إستخدام المجرم لهذه الأدوات لإبتزاز الضحية.
ما هي أسباب زيادة عدد الجرائم الإلكترونية، ونوعيتها؟
الرواشدة: هذا صحيح، وربما يعود لعدة أسباب منها: انتشار الهواتف الذكية حيث يصل عددها ما بين 17 – 18 مليون جهاز، والتنافس بين مزودي خدمة الإنترنت، إضافة إلى أن حزم الإنترنت في متناول الجميع؛ أما زيادة الجرائم فيعود لزيادة التطبيقات، ومنصات التواصل الإجتماعي، وحسابات مواقع التواصل الإجتماعي بالملايين. ومن الناحية العملية فإن الجرائم الإلكترونية تنقسم إلى قسمين، الأول: الجرائم التي يتم إرتكابها مباشرة بإستخدام تقنية المعلومات والحواسيب، والثاني: جرائم إلكترونية أخرى سهّلتها التكنولوجيا، مثل: جرائم الإتصالات والتطبيقات الذكية للهواتف.
من خلال نوعية القضايا التي تتعاملون معها، تحذرون دائما بعدم الإعلان عن الموقع الجغرافي لمستخدمي الهواتف الخلوية، ما الأسباب؟
الرواشدة: هناك من يترصد الهواتف الخلوية ويحدد مواقع المستخدمين، عن طريق تتبع الأمكنة عبر برامج تحديد الموقع، وبالتالي فإن عمليات السرقة تقوم على مبدأ مراقبة تحركات أصحاب المنازل، لذلك يتم رصد تحركاتهم ثم سرقة منازلهم.
لديكم مختبر رقمي متطور ما دوره في كشف الجرائم الإلكترونية؟
الرواشدة: من أهم إنجازات الوحدة تأسيس المختبر الرقمي، وهو من الأدوات المهمة لكشف الجرائم الإلكترونية، ويحتوي المختبر على أجهزة تكنولوجية متطورة يمكن من خلالها التوصل إلى الدليل الرقمي، وضبط آثار الجريمة، وكما تعلم فإن الدليل الرقمي يؤخذ به في المحاكم كدليل مادي لإرتكاب الجريمة الإلكترونية.
تحاول مديرية الأمن العام تطوير عمل وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، من خلال رفدها بالكفاءات البشرية، والأجهزة والتوسع بعملها، ما هي أقسام الوحدة ودورها؟
الرواشدة: يوجد في الوحدة ثلاثة أقسام، الأول: قسم التحقيق والمتابعة الفنية، والثاني: قسم التطوير والدراسات والتعامل مع الشركات العالمية ومزودي الخدمة المحلية، وأما القسم الثالث: فهو المختبر الرقمي الذي يحتوي احدث الأجهزة والمعدات العالمية الذي اصبح دليل إدانة للمتهم، بحيث يؤخذ به كدليل مادي. ويعمل في هذه الأقسام كوادر أمنية مؤهلة ومدربة ويحملون تخصصات في الحاسوب ونظم المعلومات، كما تحتوي الوحدة على العنصر النسائي الذي يمارس دور التحقيق، ضمن أطر من السرّية التامة، مراعاة لخصوصية المواطن.
ثمة خوف من تقديم الشكوى في عمليات الإبتزاز وخاصة للفتيات وربات المنازل خوفاً من الفضيحة، كيف تغلبتم على هذه المشكلة؟
الرواشدة:كثير من الفتيات والمتزوجات اللواتي يتعرضن للإبتزاز وخاصة التهديد بالصور، وهذا نوع من الإستغلال الجنسي، بحيث يخشين من التبليغ خوفاً من الفضيحة أو يكتشف أمرهن، فيبقين تحت تأثير الإبتزاز المالي أو أي نوع آخر فترات طويلة، وهذا له إنعكاس نفسي ومعنوي عليهن، ولذلك يأتي دور الوحدة التوعوي، من خلال محاضرات تبين مدى الحرص على السّرية في التحقيق والخصوصية، وهذا شجع الكثير من الفتيات التقدم بشكاوي ضد مجرمي مواقع التواصل الإجتماعي، وقد استفاد الكثير منهن، وتم وقف التهديد لهن والحصول على الصور والرسائل التي يهددن بها، وربما أن زيادة نسبة إكتشاف الجرائم الإلكترونية المحلية يعود لثقة المواطن بعملنا.
تحدثت عن جرائم الإستغلال الجنسي، هل لدينا إحصائيات وما هي أنواعه؟
الرواشدة: هو نوع من أنواع الجرائم الإلكترونية، والإستغلال الجنسي له شقان: للبالغين، وللاطفال، كما أن نسبة قضايا الفتيات تصل إلى 45 بالمئة من مجموع القضايا، أما اعداد قضايا الإستغلال الجنسي فلا يوجد لدينا رقم دقيق حتى الآن لكنه متواضع، فيما أن عدد قضايا الإستغلال الجنسي للاطفال قليل للغاية، كما أن إدارة حماية الأسرة أنشأت قسماً للأطفال المستغلين جنسياً، وهم يتعاملون مع هذه القضايا ولديهم بيانات رسمية عن الأعداد والحالات.
هل سُجّل لديكم حالات إنتحار بسبب التهديد والإبتزاز الجنسي؟
الرواشدة: لم يسجل لدينا حالة واحدة، لكن هناك جرائم من هذا النوع للبالغين، وقد يقع الشخص ضحية أمام فتاة تطلب منه التعري أمام الكاميرا، وبعد ذلك يكتشف أنه رجل وليس فتاة، وبالتالي يتم الإبتزاز، وقد نجحنا بحل معظم القضايا من هذا النوع.
كما تعلمون هناك تعديلات على قانون الجرائم الإلكترونية، وقد أثير حولة الكثير من الجدل، كيف تنظرون إلى تعديلات القانون المتعلقة بعملكم؟
الرواشدة: القانون ليس جديداً بالمعنى الذي يفهمه المواطن، هو موجود تحت رقم 27 لسنة 2015 ولا يزال معمولا به، لكن هناك تعديلات على القانون، وقد أراها إيجابية، مثل موضوع: الإستغلال الجنسي للبالغين، والإحتيال المالي، وهو أمر مهم لضبط أي عملية في ظل التطور الهائل في ثورة الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي، ونحن جهة تنفيذية لكننا نساهم في رفد صناع القرار والمشرعين بالإحصائيات والبيانات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية.
من الملاحظ أن فئة الشباب وخاصة المراهقين، يتابعون الالعاب الإلكترونية، وقد تعرض البعض للإنتحار والهلاك بسببها، كيف تقيمونها وماذا تنصحون؟
الرواشدة: إن الألعاب الإلكترونية خطرة على الأطفال والمراهقين بدرجة كبيرة، ونحن نحذر أولياء الأمور بعدم فتح حسابات لأبنائهم وتركهم دون مراقبة، كما ننصحهم بوضع برامج خاصة لحجب بعض المواقع الإباحية وننصح كذلك من المتابعة المستمرة، ووضع الطفل في أماكن مكشوفة للأسرة وليس في غرف مغلقة. وممكن أن يتعامل الطفل أو المراهق مع اللعبة بطرق خاطئة، تؤدي به لفعل المحظور، من خلال توجيهه من اطراف قد يكنون خارج الحدود، ربما يؤدي بهم للموت والإنتحار كلعبة الحوت الأزرق، وهناك لعبة تشجع على الإنتحار.
ماذا عن التنظيمات الإرهابية ومحاولة خداع الشباب؟
الرواشدة: هناك صفحات وهمية ومنصات تواصل إجتماعي وألعاب تستخدمها التنظيمات الإرهابية وخاصة «داعش» للتجنيد الإلكتروني وإستقطاب الشباب لصفوفها، من خلال التأثير عليهم بشتى الطرق والصور، وهذه المواقع تحت الرقابة الأمنية بإستمرار، ومن خطورتها التسلل لعقول الشباب وغسل أدمغتهم بأفكار تكفيرية وتشددية.
للدور التوعوي إيجابيات ومساهمة فاعلة في الحد من الجرائم الإلكترونية، هل تتفقون مع هذا الرأي؟
بالتأكيد أتفق؛ نحن نعول كثيراً على برامج التوعية التي نقوم بها كوحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وهي موجهة للمدارس وطلبة الجامعات والجمعيات والهيئات والمؤسسات الرسمية، وقد ألقينا في العام 2017 ما مجموعه (650) محاضرة، وسنتجاوز هذا الرقم في نهاية العام الجاري.
نسمع بالتنمر الإلكتروني ما هو؟
الرواشدة :هو برنامج نفذناه مع الصندوق الاردني الهاشمي، وأطلقنا مسابقة الملكة علياء، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، بحيث تحتوي المسابقة على أسئلة تتعلق بالتوعية والإرشاد.
هل تلعب منصات التواصل الإجتماعي دوراً في تمدد الإشاعة؟
الرواشدة: لا أنصح بتداول الشائعات أو التعاطي معها ونشرها، لأنها قد تكون مبنية على معلومات خاطئة يطلقها البعض لنشر الأكاذيب وزعزعة أمن المجتمع، وإذا ما تم تداولها فإننا نعطي مطلقها فرصة النجاح بتوسع شائعته، لكننا لو أهملناها فإننا لا نعطيه الفرصة وبالتالي يصاب بخبية أمل ولا يعود لمثل ذلك. كما نحذر من تصوير الحوادث خاصة أن ذلك يتعلق بتصوير فتيات أو متوفين محتملين، وهذا ينافي الدين والأخلاق.
الرأي