01-05-2018 12:09 PM
بقلم : رايق عياد المجالي/أبو عناد
(موضوع للنقاش ..لا منصة للطخ )
الكياسة والحصافة والنضج وأي مصطلح يدخل فيه العقل وصفا جوهريا ويدور وجودا وعدما معه ، يحتم على جميع الأطراف والأطياف في الداخل الأردني -رسميا وشعبيا ،سياسيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا- ان تتجاوز حالا وفورا ؛ حالة انعدام الثقة والإصرار على التخندق بالتقابل والتمترس وراء الأفكار وتبادل الاتهامات ،والمضي في ممارسة لعبة التراشق ،والتي بدأت منذ ما قبل ما سمي بالربيع العربي الذي فجر المنطقة وقلبها رأسا على عقب .
وفي ظني أن من ابسط قواعد السياسية -ولا أدعي أنني سياسي- ان يعيد الافراد والجماعات ضمن أطر تعاطيهم مع السياسة والشأن العام حساباتهم كل مدة زمنية وعندما يحدث -طبيعيا- متغيرات كثيرة -وهذه سنة الحياة- ، فالعالم في تغير دائم ولا يقف الزمن فيه عند لحظة معينة او عند أشخاص أو احزاب او حتى دول وامبراطوريات .
ومن المنطق أيضا أن نقارن انفسنا جميعا بشمولية وننظر الى المجتمعات المتحضرة ، فننظر الى ثقافة تلك الشعوب في التعامل مع مجتمع الدولة ومؤسساتها من جهة التزام الأفراد بتأدية واجباتهم واحترام رعاية الدولة وولايتها ورمزيتها كإطار واحد جامع لا وجود فيه إلى أي انتماءات او ولاءات شخصية أو جهوية أو لأي اطار أضيق ، وبنفس الدرجة والحماس والإصرار على مقارنة انفسنا وما نطمح إليه كشعوب مع ما توفر تلك الدول من حقوق للمواطن .
فنحن وفي الحالة العربية عموما -ولا أبريء أي طرف- جميع معايرنا (عوراء ) ، فالأنظمة والحكومات تسعى إلى فرض (الطاعة) على الشعوب ، بدعوى هيبة الدولة ورمزيتها واحترام السلطة صاحبة الوصاية المطلقة ،وأي إعتراض أو إحتجاج من الشعب -مصدر تلك السلطة- يصنف على أنه تمرد ، يتم إرجاعه إما للجهل وعدم أهلية هذا الشعب للخوض فيما ينوبه من مصالح عامة وخاصة ،وإما يتم التعامل معه وإرجاعه إلى أجندات خارجية يتفنن الشعب قبل السلطة في تسميتها وإسنادها لمن يتحركون على الساحة الوطنية .
وأما الشعوب -وللأسف- نحن في الأردن لم نختلف عنها في النظر بعين واحدة ، ففي المسألة الواحدة او في المفهوم الواحد الذي يرفع كعنوان وشعار لأحد الأطر الحزبية مثلا : نجد أننا اذا تعمقنا في النقاش مع أعضاء أو أفراد ذلك الحزب سنجد أن لكل واحد فهمه الخاص للشعار الذي يقف تحته ويهتف به بالإشتراك مع الزملاء والرفقاء ، فاذا بحثنا في معنى العدالة المطلوبة لوجدنا أن لكل فرد زاويته ونظرته الخاصة للعدالة وطريقة تحقيقها ،حتى أننا أيضا لا نتفق على أسباب انعدامها أو غيابها ، فاذا طرح النقاش عن الاسباب والمتسببين ،شب الحريق في ذات الخندق ، فليس هناك أحد يسمح بأن يدرج أو يذكر اي إطار صغير ينتمي إليه -/كمنطقة /او عشيرة / أو قطاع له فيه مصالح منتعشة - ولو ذكر من باب وضع كل الأمور على الطاولة للنقاش والتشخيص وإيجاد الحل على قاعدة "تقديم التنازلات".
وخلاصة رأيي المتواضع -كمجرد مواطن متعايش مع ما يدور وعلى كل الساحات والاصعدة في الوطن ومنذ أول لحظة وعي لي ، أدركت فيها أبعاد خارطة المملكة الأردنية ؛ أننا جميعنا عالقون في العناوين ونرفع شعار "العدالة " ونكتبه ونقرأه بالعربية والانجليزية في كلمة واحدة ، لكن في حقيقة الأمر أننا لدينا على أرض المملكة ما يقارب ( تسعة مليون عدالة ) -اذا صح اخر تعداد سكاني -نطالب بتحقيقها .
وما يحزنني على وطني اكثر -هو استعدادنا ، رسميا أو شعبيا -ولا أعمم بالنسبة للشعب- ان نجدول خلافاتنا مع عدونا الأزلي ، وأن نجلس معه بقلب مفتوح ولوقت مفتوح ، نلهث الى تحقيق المصالحة ، ولا نتقبل حتى مجرد طرح الفكرة بين الفرقاء في الوطن .
..والمؤسف أيضا أن شريحة طاغية مثلا : تبدي اعجابها بالنموذج التركي في الحكم "العدالة والتنمية" وما حققه لتركيا ناسين او متناسين أن (اردوغان) أول خطواته في تصحيح المسار الاقتصادي أو اجراء الإصلاحات كانت عقد مصالحة ضمن شروط تحقق مصالح الدولة العليا حتى مع أعتى دهاقنة الفساد في تركيا .
نحن جميعا مطالبون :
بالمراجعة
بتقبل الاخر
ببدء الحوار
بالمصالحة والتصالح وفق الأولويات الوطنية .