19-03-2018 06:42 PM
بقلم : عبد الهادي الراجح
من المفارقات الرائعة والجميلة أن يصادف يوم الكرامة تلك الملحمة الخالدة التي سطرها الجيش الأردني الباسل والفدائيين الفلسطينيين الأبطال مع عيد الأم التي أنجبت لنا الجندي والفدائي معا الذين سطروا ذلك اليوم الخالد وعمدوه بدمائهم الطاهرة ، ولأن الأم لا تختزل بيوم أو سنة والأيام كلها لها فهي المدرسة الأولى في حياة كل إنسان .
سنتحدث عن معركة الكرامة ذلك اليوم الخالد الذي أثبت ما كان البعض يعتقده مستحيلا وفي الحادي والعشرون من آذار مارس عام 1968م ، وبعد أقل من عام على نكسة حزيران يونيو الأليمة تقدم الجنرال الصهيوني المغرور موشيه ديان على رأس لواء صهيوني كامل العدة والعتاد وقد ازداد غرورا وتغطرسا وأعلن أمام العالم بأنه ذاهب لنزهة عسكرية ومن خلالها سيقوم بالقضاء على الفدائيين الذي أسماه مخربين ويعود بالأسر مع من بقي منهم حيا خاصة وقد طال انتظاره في مكالمة الزعيم جمال عبد الناصر التي لم تتحقق ليعلن الاستسلام والجلوس لطاولة التنازلات ولكن خاب وفشل ذلك الديان ، حيث أعلنت مصر الناصرية إرادة الصمود والتحدي وفاجأته بإعادة بناء جيشها وبدء حرب الاستنزاف التي استمرت ثلاثة أعوام وتوجت بحرب أكتوبر تشرين أول المجيدة التي خذلها أنور السادات وذلك موضوع آخر يعرفه القاصي والداني وواقع مصر اليوم خاصة في سيناء شاهدا على العصر .
وما أن دخل اللواء الصهيوني بقيادة الجنرال الأحمق ديان لأرض الكرامة والبطولة حتى فوجيء بمقاومة عظيمة من الجيش والفدائيين وما هي إلا ساعات حتى تبخرت أحلام ذلك الديان وعاد خائبا يجر أذيال الفشل تاركا خلفه عدد من القتلى من قطعان جيشه وتدمير عدد من الآليات واغتنام عدد آخر وكان ذلك أول نصرا رسميا على قطعان جيش العدو وللأسف حتى الآن لم يؤرخ لتلك الملحمة الخالدة ما يتناسب مع حجمها واحتكارها على أي طرف فيه ظلم للطرف الآخر ، وكان الجهد مشتركا والمعركة قومية ، لذلك تحقق النصر الذي رأيناه يتكرر في ملحمة أكتوبر بعد خمسة أعوام تقريبا .
ومع الإرادة وتمكن الجندي الأردني والفدائي الفلسطيني أن يخوضوا معركتهم المشتركة مع العدو التاريخي للأمة ، معركة الكرامة ليس يوما عاديا في تاريخ أمتنا ووطننا ، لقد كانت ملحمة الصمود والتحدي وهزيمة الجيش الذي قيل للعالم أجمع أنه لا يقهر ، ويوم الكرامة أثبت أن العدو لا مكان له في أمتنا وأن تحرير الأرض ليس مستحيلا بل هو الحقيقة التاريخية المؤكدة إذا توفرت العوامل لذلك وأهمها الإرادة والقيادة والوحدة فان النصر سيكون حتمية تاريخية .
لا نتذكر يوم الكرامة لأجل الحديث عن إطلال ونصر تحقق لم نعرف أو نقدر قيمته لكن نتذكر ذلك اليوم الخالد في تاريخ أمتنا لنؤكد أن النصر نتيجة طبيعية للوحدة والإرادة .
تحية تقدير واعتزاز لأرواح الشهداء الأبطال من الجيش الأردني الباسل والفدائيين الأبطال الذين سطروا بدمائهم الطاهرة أرضنا الطيبة وجعلونا نفتخر ونعتز بما قدموه من تضحيات .
وتحية خاصة لبطل الكرامة وفارسها الذي ارتبط اسمه بذلك اليوم الخالد الفريق مشهور حديثه الجازي وهو نفس البطل الذي أوصل المستعمر كلوب البريطاني للطائرة في رحلة اللا عودة ذلك البطل الذي لم ينال من التكريم ما يستحق ويتناسب مع دوره العظيم في صنع تلك الملحمة الخالدة .
وتحية للام في عيدها المبارك وهي من أنجبت لنا الفدائي والجندي من أبطال تلك الملحمة .
وتحية خاصة وتقدير لروح والدتي في عيد الأم وأسال الله أن يرحمها ويسكنها فسيح جناته وكل الأمهات اللواتي استحقن الأمومة بجدارة .
ويبقى من يوم الكرامة الخالد الدروس والعبر لوطني الكبير وشعبي الباحث عن مكان تحت الشمس وأن بالاتحاد قوة وبالوحدة يتحقق النصر وبالتفرقة تكون الهزيمة والانكسار ولكم من يوم الكرامة القدوة والمثل الأعلى ، ولا نامت أعين الجبناء والخونة ومن أفرغوا كل نصر من مضمونه الوطني والقومي والإنساني ، ويبقى الشهداء أفضل وأنبل بني البشر