14-02-2018 09:10 AM
بقلم : محمد الشواهين
اثارت مشاعري مداخلة لأحد المواطنين مع اذاعة محلية ، يقول ذلك المواطن الأردني ،المكنّى ابو محمد ، انه ضرب ابنه لأنه اكل رغيفا ونصف ، اذ يبدو ان هذا الرجل كان خصص رغيفا واحدا لكل فرد من افراد اسرته ، فلما تجاوز ابنه محمد حصته ، قام بضربه !!هذه الواقعة المضحكة المبكية ، هزت مشاعري ومشاعر كل الاردنيين الذين استمعوا اليها .
مثل هذه القصص او المداخلات لم نسمع بها ، الا بعد رفع الدعم عن الخبز ، المواطن كان اعتاد على دفع مبلغ معين مقابل عدد من الأرغفة ، ولما اختلف الوضع حاليا ، انخفض نصيب الفرد من هذه المادة ، التي هي من اساسيات ومتطلبات الانسان الاردني ، التي لا غنى له عنها .
موضوع رفع الدعم عن الخبز ، اضحى موضوعا جدليا ، فعلى المستوى الشعبي ، الغالبية العظمى تعارض من منطلق عاطفي ،مع ان الحكومة خصصت مبلغا معينا اسمته ( الدعم ) للمستحقين ، اما الفئة المثقفة التي تداولت الأمر يموضوعية ، من عدة جوانب ، فلم تبد اية معارضة ، على اعتبار ان هذا الاجراء ، هو ضمن خطة تصحيحية لوقف هدر كان يستفيد منه الاردني وغير الاردني ، وخزينة الدولة كانت تتحمل قيمة الدعم للمستحق وغير المستحق ، الامر الذي بات واضحا ان كميات من الخبز الزائد عن حاجة العائلات الغنية والفقيرة ، كانت تلقى في الحاويات ، او بين اكوام القمامة او بالأحرى قربها .
عندما اوقفت الدول المانحة مساعداتها كليا او جزئيا عن الاردن ، قامت الحكومة بالبحث عن موارد لسد العجز في موازنتها ، انا شخصيا لست بصدد تبرير هذه الاجراءات التي تتخذها الحكومة في هذا الشأن ، وفي نفس الوقت لست ضدها على عموميتها ، الامر يحتاج الى رأي النخبة المثقفة اقتصاديا ، لتقول كلمة حق بصراحة ، من منطلقات علمية وموضوعية بعيدة عن العواطف ، او الدوافع الشعبوية .
من خلال معلوماتي الاقتصادية المتواضعة ، ادرك ان صندوق النقد الدولي ، يتدخل بطريقة مباشرة او غير مباشرة ، في السياسات الاقتصادية للدول النامية ،والدول المتعثرة ، وليس من الحكمة رفض كل مطالب البنك الدولي التصحيحية ، لأن العواقب ستكون كارثية ، في حين ان الحكومات الذكية تقوم بالمناورة ، بين اخذ ورد ، وشدّ ورخي ، للوصول الى منتصف الطريق ، فلا رفض مطلق ، ولا استجابة عمياء .
في هذا السياق ،نقول صراحة ، اعتماد الحكومة على جيب المواطن لسد ( عجوزاتها ) سياسة خرقاء لا يقبلها عاقل ، اذن ، لا بد من البحث عن وسائل واجراءات ناجعة ، لمعالجة العجز ، فمثلا ثمة من يقول لا بد من تخفيض الرواتب العالية في القطاع العام ، بحيث لا تتجاوز رواتب الوزراء ، كما يتوجب وقف الهدر في كل القطاعات الحكومية ، وتخفيض الانفاق بكل اشكاله ، لا سيما فيما يتعلق بالسفر والمياومات والمكافآت ، اضف الى ذلك ما يقال عن شراء السيارات الفارهة لكبار المسؤولين ، والاثات الفاخر لمكاتب المتنفذين ، وغيرها من مظاهر ( الفشخرة ) الجوفاء .
مسألة في غاية الاهمية ، جلب الاستثمارات والتوسّع فيها ،، وتسهيل الاجراءات امام المستثمر ، وتشجيعه بكل الوسائل الممكنة ، والضرب بيد من حديد على ايدي الفاسدين والمعوقين ، كما ينبغي اجتثاث كافة اساليب الابتزاز التي يمارسها بعض المتنفذين بحق المستثمرين .
المشاريع الاستثمارية كبيرها وصغيرها ، تساهم بشكل فعال في حل جزء كبير من مشكلة البطالة ، وشاهدنا بأم اعيننا ، جهود جلالة الملك في جذب الاستثمارات ، في كل المحافل الاقتصادية ، ومؤتمر دافوس على وجه الخصوص . فالمطلوب من الحكومة استخلاص العبر قبل فوات الأوان .